الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> حييتما من مربع ومصيف >>
قصائدالبحتري
حييتما من مربع ومصيف
البحتري
- حُيّيتماَ مِنْ مَرَبَّعٍ وَمَصِيفِ،
- كانَا مَحَلّيْ زَيْنَبٍ، وَصَدوفِ
- وكُسيتُما زَهْرَ الرّبيعِ وَعُشْبَهُ،
- مُتَألّفَينِ بأحْسَنِ التّأليفِ
- فلَقَدْ عهِدتُكُما، وَفي مغْناكُما
- سُؤلُ المحبّ، وَحاجةُ المَشعوفِ
- مِنْ كلّ مُرْهَفَةٍ يُجيلُ وِشاحَها
- عِطفا قَضِيبٍ، في القَوَامِ، قَضِيفِ
- تَهْتَزُّ في هَيَفٍ، وَما بَعَثَ الهوَى
- مِنهُنّ مثلَ المُرْهَفاتِ الهِيفِ
- بِيضٌ مَزَجنَ ليَ الوِصَالَ بهجرَةٍ،
- وَوَصَلنَ لي الإغرَامَ بالتّكْليفِ
- إذْ لا يُنَهنِهُني العَذولُ وَلا أُرَى
- مُتَوَقّفاً لِلّوْمِ وَالتّعْنيفِ
- حَتّامَ تُفْرِطُ في التَّصابِي لَوْعتي،
- وَيَفيضُ واكفَ دَمعيَ المَذرُوفِ
- فَلْتَعْزِفَنّ عَنِ الَبَطالَةِ همّتي،
- وَلْيَقْصُرَنّ على الدّيارِ وُقُوفي
- وَلأشكُرَنّ أبَا عَليٍّ، إنّ مِنْ
- جَدْوَى يَدَيْهِ تَالِدي وَطَرِيفي
- أعْلى مَكَاني طَوْلُهُ، فَأحَلّني
- في باذِخٍ، عندَ الإمامِ، مُنيفِ
- صَنَعَ الصّنائعَ في الرّجالِ، وَلم يكنْ
- كمُلَعَّنٍ في البَحثِ وَالتّكشيفِ
- وَكفى صرُوفَ الدّهرِ مضْطلِعاً بها،
- وَالدّهْرُ تِرْبُ حوَادثٍ وَصرُوفِ
- فمتى خَشيتُ منَ الزّمانِ مُلِمّةً،
- لاقَيْتُها، فدَفَعتُها بوَصِيفِ
- بالأبيَضِ الوَضّاحِ، حينَ تَنوبُهُ
- حاجاتُنا، وَالأزْهَرِ الغِطرِيفِ
- خِرْقٌ مِنَ الفِتيانِ، بَانَ مُبَرِّزاً
- بكَمَالِهِ، وَفَعالِهِ المَوْصُوفِ
- مَلِكٌ يُضِيءُ منَ الطّلاقةِ وَجهُه،
- فَتَخالُهُ بَدْرَ السّماءِ المُوفي
- ألله جارُكَ حَيثُ كُنتَ، مُمَتَّعاً
- بِمَوَاهِبِ الإعزَازِ وَالتّشرِيفِ
- إنّي لجَأتُ إلى ذَرَاكَ مُخَيِّماً
- فيهِ وَعُذْتُ بظلِلّكَ المَألُوفِ
- ما مَوْضِعي بمُذَمَّمٍ عِندي، وَلا
- سَيْبي، وَقَد أكّدْتَهُ، بضَعيفٍ
- لي حاجةٌ شَرُفَتْ، وَليسَ ببالغٍ
- فيها الذي أمّلْتُ غَيرُ شَرِيفِ
- وَقَدِ ابتَدَأتَ بمِثْلِها لا مَائِلاً
- فيها إلى مَطْلٍ، وَلا تَسْوِيفِ
- فَلَئِنْ ثَنَيْتَ بها، فلَيسَ بمنكَرٍ
- أنْ تُتْبِعَ المَعرُوفَ بالمَعرُوفِ
المزيد...
العصور الأدبيه