قصائدالبحتري



حاشاك من ذكر ثنته كئيبا
البحتري



  • حَاشَاكِ مِنْ ذِكَرٍ ثَنَتْهُ كَئِيبَا،

  • وَصَبَابَةٍ مَلأتْ حَشَاهُ نُدُوبا

  • وَهَوًى هَوَى بدُمُوعِهِ، فتَبَادَرَتْ

  • نَسَقاً، يَطَأنَ تَجَلّداً مَغْلُوبَا

  • وإذا اتّخَذْتِ الهَجْرَ دارَ إقَامَةٍ،

  • وأخَذْتِ مِنْ مَحضِ الصّدُودِ نَصِيبَا

  • أعَداوَةً كانَتْ، فمِنْ عَجَبِ الهَوَى

  • أنْ يَصْطَفي فيهِ العَدُوُّ حَبيبَا

  • أمْ وَصْلَةً صُرقَتْ، فَعَادَتْ هِجرَةً،

  • إنْ عَادَ رَيْعَانُ الشّبَابِ مَشِيبَا

  • أرَأيْتِهِ مِنْ بَعْدِ جَثْلٍ فاحِمٍ،

  • جَوْنِ المَفَارِقِ، بالنّهارِ خَضِيبَا

  • فَعَجِبْتِ مِنْ حَالَينِ خالَفَ منْهُما

  • رَيْبُ الزّمانِ، وما رَأيتِ عَجيبَا

  • إنّ الزّمانَ، إذا تَتَابَعَ خَطْوُهُ،

  • سَبَقَ الطَّلُوبَ، وأدْرَكَ المَطْلُوبا

  • فَاتَ العُلا بِأبي سَعيدٍ صِنْوِهَا الـ

  • ـأدنى، وَأعْقَبَهَا أبَا يَعْقُوبَا

  • كالبَدْرِ جَلّى لَيْلَهُ، ثمّ ابْتَدَتْ

  • شَمسُ المَشَارِقِ، إذْ أجَدّ غُرُوبا

  • أو كالسماك إذا تدلى روحه

  • كانت له الكف الخضيب رقيباً

  • أوْ كالخَرِيفِ مَضَى، وأصْبَحَ بَعدَهُ

  • وَشْيُ الرّبيعِ، على النّجادِ، قَشيبَا

  • أوْ كالسّحابِ، إذا انقضَى شُؤبُوبُهُ

  • أنْشَا يُؤَلّفُ بَعْدَهُ شؤبُوبَا

  • أوْ كالحُسَامِ، أُعِيرَ حَدّاهُ الرّدَى،

  • إنْ كَلّ هذا كانَ ذاكَ قَضُوبا

  • فاليَوْمَ أصْبَحَ شَمْلُنَا مُتَجَمِّعاً،

  • يُشجي العَدُوَّ، وصدعنا مَرءُوبَا

  • كَرُمتْ خلائقُ يوسُفَ بنِ مُحمّدٍ

  • فينَا، وَهُذّبَ فِعْلُهُ تَهْذِيبَا

  • ألْوَى، إذا طَعَنَ المُدَجَّجَ صَكَّهُ

  • ليَدَيْهِ، أوْ نَثَرَ القَناةَ كَعُوبَا

  • أعْلَى الخَليفَةُ قَدْرَهُ، وأحَلّهُ

  • شَرَفاً، يَبيتُ النّجْمُ منهُ قَرِيبَا

  • ورَمَى بِثُغْرَتِهِ الثّغُورَ، فسَدّها،

  • طَلْقَ اليَدَيْنِ، مُؤمَّلاً، مرْهُوبَا

  • وأنَا النّذيرُ لِمَنْ تَغَطْرَسَ أوْ طَغَى،

  • مِنْ مارِقٍ يَدَعُ النّحُورَ جُيُوبَا

  • وَلَقَدْ عَذَلْتُ أبَا أُمَيّةَ، لوْ وعَتْ

  • أُذُنَاهُ ذاكَ العَذْلَ، والتّأنِيبَا

  • بالسّيْفِ أرْسَلَهُ الخَليفَةُ مُصْلَتاً،

  • والمَوْتُ هَبّ مِنَ العِرَاقِ جَنُوبَا

  • قَصَدَ الهُدَى بالمُعْضِلاتِ يَكيدُهُ،

  • وَدَعَا إلى إذْلاَلِهِ، فأُجِيبَا

  • حَتّى تَقَنّصَ في أظَافِرِ ضَيْغَمٍ،

  • مَلأتْ هَمَاهِمُهُ القُلُوبَ وَجِيبَا

  • وَنَهَيْتَ آشُوطَ بنَ حَمْزَةَ أوْ نهَى

  • أمَلاً كَبَارِقَةِ الجَهامِ كَذُوبَا

  • ظَنّ الظّنُونَ صَوَاعِداً، فَرَدَدْتَهُ

  • خَزْيَانَ، يَحمِلُ مَنكِباً مَنكُوبا

  • مُتَقَسِّمَ الأحْشَاءِ، يَنفُضُ رَوْعُهُ

  • قَلْباً كأُنْبُوبِ اليَرَاعِ، نَخِيبَا

  • كَلِفاً بشِعْبِ نَقانَ، يَعلَمُ أنّهُ

  • لاقٍ، متى ما زالَ عَنْهُ، شَعُوبا

  • ثَكِلَتكَ كافِرَةٌ أتَتْ بكَ فَجْرَةً،

  • ألاّ اجتَنَبْتَ العَارِضَ المَجْنُونَا

  • حذّرْتُكَ المَلِكَ الذي اجْتَمَعَتْ لَهُ

  • أيْدي المُلُوكِ قَبَائِلاً، وَشُعُوبا

  • ساداتُ نَبْهَانَ بنِ عَمْروٍ أقْبَلُوا

  • يُزْجُونَ قَحْطَبَةً به، وَشَبيبَا

  • وَجَحَاجحُ الأزْدِ بنِ غَوْثٍ حَوْلَهُ

  • فِرَقاً، يَهُزّونَ اللِّحَاءَ الشِّيبَا

  • والصِّيدُ مِنْ أوْدِ بنِ صَعْبٍ، إنّهُمْ

  • باتُو عَلَيْكَ حَوَادِثاً، وَخُطُوبا

  • وَحُماةُ هَمْدَانَ بنِ أوْسَلَةَ، التي

  • أمْسَيْتَ مأكُولاً بِهِمْ، مَشرُوبَا

  • عُصَبٌ يَمانيَةٌ، يَعِدْنَكَ، إنْ تَعُدْ

  • يَوْماً كأيّامِ الحَيَاةِ عَصِيبَا

  • لا يُحجِمُونَ عنِ الفَلاَ أن يَقطَعُوا

  • مِنْها إلَيْكَ سَبَاسِباً، وَسُهُوبا

  • مُتَوَقِّعِينَ لأمْرِ أغْلَبَ لمْ يَزَلْ

  • جُرْحُ الضّلالِ، على يَدَيهِ، رَحِيبَا

  • أفْضَى إلى إيدَامَ جَرْدَ، وَدونَها

  • لَيْلٌ يَبِيتُ اللّيْلُ فيهِ غَرِيبَا

  • فأفَاءَها وافي العزِيمَةِ، صَدّقَتْ

  • أيّامُهُ التّرْغِيبَ، والتّرهِيبَا

  • وَلَوَانّهَا امتَنَعَتْ لَغَادَرَ هَضْبَهَا،

  • بِدَمِ المُحَاوِلِ مَنْعَهَا، مَهْضُوبا

  • يا أهْلَ حَوْزَةِ أذْرَبِيجَانَ الألى

  • حازُوا المَكَارِمَ مَشْهَداً، وَمَغِيبا

  • ما كانَ نَصْرُكُمُ بمَذْمُومٍ، وَلا

  • إحْسَانُكُمْ بالسّيّئاتِ مَشُوبَا

  • لَمْ تَقْصُرِ الأيْدِي، وَلَمْ تَنْبُ الظُّبَا

  • مِنْكُمْ، وَلَمْ تَكُنِ المَقَالَةُ حُوبَا

  • وَأرَى الوَفَاءَ، مُفَرَّقاً وَمُجَمَّعاً،

  • يَحْتَلُّ مِنْكُمْ ألْسُناً، وَقُلُوبا

  • ها إنّ نَجمَكُمُ، عَلى كُرْهِ العِدَى،

  • يَعْلُو، وَرِيحَكُمُ تَزِيدُ هُبُوبا

  • يَكفيكُمُ حَسَباً، وَوَاسِطُ دَارُكُمْ

  • نَسَباً، إذا وَصَلَ النّسيبُ نَسِيبَا

  • وَليَ البِلادَ، فكانَ عَدْلاً شائِعاً

  • يَنْفي الظّلامَ، وَنَائِلاً مَوْهُوبَا

  • وَغَدَتْ نَوَافِلُهُ لَكُمُ مَبْذُولَةً،

  • وَشَذاهُ عَنكُمْ نائِياً مَحْجُوبا

  • فأفَادَ مُحسِنُكُم، وقالَ لمُخطىءٍ:

  • لا لَوْمَ في خَطَإٍ، وَلاَ تَثْرِيبَا



أعمال أخرى البحتري



المزيد...

العصور الأدبيه

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك