الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> جمعت أمور الدين بعد تزيل >>
قصائدالبحتري
جمعت أمور الدين بعد تزيل
البحتري
- جُمِعَتْ أُمُورُ الدّينِ بَعدَ تَزَيُّلِ،
- بالقَائِمِ، المُسْتَخلِفِ، المُتَوَكّلِ
- بِمُوَفَّقٍ للصّالحَاتِ، مُيَسَّرٍ،
- وَمُحَبَّبٍ، في الصّالحينَ، مُؤمَّلِ
- مَلِكٌ، إذا أمضَى عَزِِيمَةَ أمْرِهِ،
- لمْ يَثنِ عَزْمَتَهُ اعترَاضُ العُذّلِ
- بَكَرَتْ جِيادُكَ، والفَوَارِسُ فُوْقَها،
- بالمَشْرَفِيّةِ والوَشِيجِ الذُّبَّلِ
- غُراٌّ، مُحَجَّلَةٌ، تُحَاوِلُ وَقْعَةً
- بِالرُّوم، في يَوْمٍ أغَرّ مُحَجَّلِ
- وأظُنُّ أنّكَ لا تَرُدّ وُجُوهَهَا،
- حَتّى تُنيخَ على الخَليجِ بِكَلْكَلِ
- دامَتْ لَكَ الأعْيَادُ مَسْرُوراً بهَا
- في العِزّ مِنْكَ، وَفي البَقَاءِ الأطْوَلِ
- وَجُزِيتَ أعْلَى رُتْبَةٍ مَأمُولَةٍ،
- في جَنّةِ الفِرْدَوْسِ، غَيرَ مُعَجَّلِ
- فَالبِرّ أجْمَعُ في ابْتِهَالِكَ دَاعِياً
- للمُسْلِمِينَ، وَنُسكِكَ المُتَقَبَّلِ
- عَرّفْتَنَا سُنَنَ النّبيّ وَهَدْيَهُ،
- وَقَضَيْتَ فِينَا بالكِتَابِ المُنْزَلِ
- حَقّاً وَرِثْتَ عَنِ النّبيّ، وإنّمَا
- وَرِثَ الهُدى مُستَخلَفٌ عن مُرسَلِ
- عَاذَتْ بحَقْوَيْكَ الخِلاَفَةُ، إنّهَا
- قِسَمٌ لأَفْضَلِ هَاشِمٍ، فَالأفْضَلِ
- وَتَمَنّعَتْ في ظِلّ عِزّكَ، فاغتَدتْ
- في خَيرِ مَنْزِلَةٍ، وأحسَنِ مَعقِلِ
- فَاغمُرْ جَوَانِبَهَا بِجَدٍّ صَاعِدٍ،
- وَالبَسْ بَشَاشَتَها بِحَظٍّ مُقبِلِ
- لوْ كُنتُ أحسِدُ أو أُنَافِسُ مَعشَراً
- لَحَسَدْتُ، أوْ نافَستُ أهلَ المَوْصِلِ
- غَشّى الرّبيعُ دِيَارَهُمْ، وغَشِيتَهَا،
- وَكِلاَكُما ذُو بَارقٍ مُتَهَلِّلِ
- فأضَاءَ مِنْهَا كُلُّ فَجٍّ مُظْلِمٍ،
- داجٍ، وأخصَبَ كلُّ وَادٍ مُمحِلِ
- فَمَتَى تُخَيّمُ بِالشّآمِ، فَيَكْتَسي
- بَلَدي نَبَاتاً مِنْ نَداكَ المُسْبِلِ
- سَفَرٌ جَلَوْتَ بهِ العُيُونَ، فأبْصَرَتْ،
- وَفَرَجْتَ ضِيقَةَ كلّ قَلبٍ مُقْفَلِ
- في كلّ يَوْمٍ أنتَ نَازِلُ مَنزِلٍ،
- جُدُدٍ مَعَالمُهُ، وتَارِكُ مَنزِلِ
- وإذا أرَدْتَ جَعَلتَ يَوْمَ إقَامَةٍ
- يَقِفُ السّرُورُ بهِ، وَيَوْمَ تَرَحُّلِ
المزيد...
العصور الأدبيه