الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> تعود عوائد الدمع المراق >>
قصائدالبحتري
تعود عوائد الدمع المراق
البحتري
- تَعُودُ عَوَائِدُ الدّمْعِ المُرَاقِ،
- عَلى مَا في الضّلُوعِ منِ احْتِرَاقِ
- لَقَدْ رَأتِ النّوَاظرُ، يَوْمَ سُعدَى،
- وَيَالاً تُسْتَهَلُّ لَهُ المَآقي
- بإنْفَاسٍ تَرَقّى عَنْ دَخِيلِ الـ
- ـجَوَى حتّى تَعَلّقَ في التّرَاقِي
- وأحْشَاءٍ أرَقَّ عَلى التّصَابي،
- وأدْمَى مِنْ مَجَاسِدِها الرّقَاقِ
- وَقَدْ رَحَلتْ، وَمَا افْتَكَّّتْ أسِيراً،
- يُفالِتُ لُبَّهُ عَنَتُ الوِثَاقِ
- بِبُرْقَةِ ثَهْمَدٍ، وَلَرُبّ شَوْقٍ
- تَصَبّاني إلى أهْلِ البُرَاقِ
- أُلِيمُ إِلى العَذولِ وتَغْتَلِي بِي
- معَاذيِري الكَوَاذِبُ واخْتِلاَقِي
- وَكَمْ قَدْ أغفَلَ العُذّالُ عندي
- مِنِ اسْتِئْنَافِ بَثٍّ، واشتِيَاقِ
- ومِنْ سَحَرِيَّةٍ دَالَجْتُ فِيها
- تَرَنُّمَ قَيْنَةٍ وهُبُوبَ سَاقٍ
- فَلَمْ يَدَعِ اصْطِبَاحِي فيّ فَضْلاً
- يُؤدّيني إلى أمَدِ اغْتِبَاقِي
- أقُولُ بِصَاحِبٍ خَلّيْتُ عَنْهُ
- يَدي، إذْ مَلّ أوْ سَئِمَ اعتلاقي
- فِرَاقٌ مِنْ جَفَاءٍ حَالَ بَيْني
- وَبَيْنَكَ أمْ فِرَاقٌ مِنْ فِرَاقِ؟
- وَإغْبَابُ الزّيَارَةِ فيهِ بُقْيَا
- وَدادِكَ، واسترَاحَةُ عظمِ ساقي
- وكُنّا بالشّآمِ، إخَالُ، خَيراً
- لِرَعْيِ العَهِْد منّا بالعِرَاقِ
- أقَلَّ وَفَاءُ أرْضِكَ أمْ تَجَازَتْ
- خَلاَئِقَ غَيرَ وَافيَةِ الخَلاقِ؟
- فَلا تَتَكَلّفَنّ إليّ وَصْلاً،
- تُلاقي مِنْ هَوَاهُ مَا تُلاقي
- مَتَى تَرِدِ التّزَيُّلَ تَعْتَرِفْني
- قَصِيرَ الذّيْلِ، مَشدودَ النّطاقِ
- وإنّي، حينَ تُؤذِنُني بصُرْمٍ،
- رَبيطُ الجأشِ، مُتّسِعُ الخِنَاقِ
- أُرَى عَبدَ الصّديقِ، فإنْ تَحَلّى
- بظُلْمٍ، فارْجُ عَتْقي، أو إبَاقِي
- وَلَنْ تَعْتَادَني أشْكُو مَقَاماً
- على مَضَضٍ، وفي يَديَ انْطِلاقي
- وَلَيسَ العُرْسُ في نَفسِي بأحلى
- مَعَ العِرْسِ الفَرُوكِ من الطّلاقِ
- وَكَمْ قَد أُعْتِقَتْ من رِقّ مُكثٍ
- خُطَى هَذي المُخَزَّمَةِ، العِتاقِ
- فِرَاقٌ يُعْجِلُ الإِيشَاكُ مِنْهُ
- عن التَّسْلِيم فيهِ والعِنَاقِ
- لَعَلّ تَخَالُفَ الطِّيّاتِ مِنّا
- يَعُودُ لَنَا بقُرْبٍ واتّفَاقِ
- فَلَوْلا البُعْدُ ما طُلِبَ التّداني،
- وَلَوْلا البَيْنُ ما عُشِقَ التّلاقي
- وَخُسْرَانُ المَوَدّةِ في السّجايا،
- كخُسرَانِ التّجَارَةِ في الوِرَاقِ
- وَحَقٌّ مَا تَأمّلْنَا هِلالاً
- بأقصَى الأُفقِ، إلاّ عن مِحَاقِ
- فإلاّ نَقْتَبِلْ عَهْداً رَضِيّاً
- بعَيداً مِنْ نُبُوٍّ، وانفتِيَاقِ
- فَقَدْ يَتَعَاشَرُ الأقْوَامُ حِيناً
- بِتَلْفيقِ التّصنّعِ، والنّفَاقِ
- وَتأتي الدّلْوُ مَلأى، بَعدَ وَهْيٍ
- مِنَ الأوْذَامِ فيها، والعَرَاقي
- فَلا تَبْعَدْ لَيَالينَا الخَوَالي،
- وَفَائِتُ عَيْشِنا العَذبِ المَذاقِ
المزيد...
العصور الأدبيه