الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> تريك الذي حدثت عنه من السحر >>
قصائدالبحتري
تريك الذي حدثت عنه من السحر
البحتري
- تُرِيكَ الذي حُدّثتَ عَنهُ منَ السِّحْرِ،
- بطَرْفٍ عَليلِ اللّحظِ مُستغرَبِ الفَترِ
- وَتَضْحَكُ عَنْ نَظمٍ من اللّؤلؤ الذي
- أرَاكَ دُموعَ الصّبّ كاللّؤلؤِ النّثْرِ
- أفي الخَمرِ بَعضٌ من تَعَصْفُرِ خدّها،
- أمِ التَهَبَتْ في خدّها نَشوَةُ الخَمرِ
- أقامَتْ على الهِجرَانِ ما إن تَجوزُهُ،
- وَخالفَهَا بالوَصْلِ طَيفٌ لها يَسرِي
- فكَمْ في الدّجى مِنْ فَرْحةٍ بلِقائِها،
- وَمِنْ تَرْحَةٍ بالبَينِ منها لدى الفجرِ
- إذا اللّيلُ أعطانا مِنَ الوَصْلِ بُلغَةً،
- ثَنَتْنَا تَباشِيرُ النّهَارِ إلى الهَجْرِ
- وَلمْ أنْسَ إسعافَ الكَرَى بدُنُوّها،
- وَزَوْرَتِها بَعدَ الهُدُوّ، وَما تَدرِي
- وَأخذي بعِطفَيْها، وَقد مالَ رِدْفُها
- بلَينه العِطفَينِ، مَهضُومةِ الخَصرِ
- عِنَاقٌ يُرَوّي غُلّتي، وَهوَ باطِلٌ،
- وَلَوْ أنّهُ حَقٌّ شَفَى لَوْعةَ الصّدْرِ
- هْنتكْ، أمِيرَ المُؤمِنينَ، كِفَايَةٌ
- مِنَ الله، في الأعداءِ، نابهةُ الذّكرِ
- أتاكَ هِلالُ الشّهرِ سَعداً، فَبُورِكَا
- على كلّ حالٍ من هلالٍ وَمن شَهرِ
- أتَاكَ بفَتْحَيْ مَوْلَيَيْكَ مُبَشِّراً
- بأكْبَرِ نُعْمَى، أوْجبَتْ أكثرَ الشكرِ
- بما كانَ في الماهاتِ مِن سَطوِ مُفلحٍ،
- وَما فعَلَتْ خَيلُ ابنِ خاقانَ في مِصرِ
- وَإدْبارِ عَبْدوسٍ، وَقد عَصَفتْ بهِ
- صُدورُ سيوفِ الهندِ، وَالأسَلِ السُّمرِ
- لئِنْ كانَ مُستَغوِي ثَمُودٍ لقد غدتْ
- على قَوْمِهِ، بالأمسِ، رَاغِيَةُ البَكْرِ
- بِطَعْنٍ دِرَاكٍ في النّحورِ، يَحُطُّهمْ
- نَشاوَى، وَضرْبٍ في جماجمهمْ هَبْرِ
- فلَسْتَ تَرَى إلاّ رُؤوساً مُطاحَةً،
- يجيدُ المَوَالي نَحرَها، أوْ دَماً يجرِي
- وَلمْ تَحْرُزِ المَلْعُونَ قَلْعَتُهُ، التي
- رَأى أنّهَا حِرْزٌ على نُوبِ الدّهْرِ
- مضَى في سَوَادِ اللّيلِ، وَالخّيلُ خَلفَه
- كرَاديسُ من شَفْعٍ مُغِذ، وَمن وِترِ
- قَضَى ما عَلَيْهِ مُفْلِحٌ في طِلابِهِ،
- فَلَمْ يَبْقَ إلاّ ما عَليّ مِنَ الشِّعْرِ
- سَيَأتي بِهِ مُسْتَأسَراً، أوْ برَأسِهِ،
- بَنُو الحَرْبِ، والغَالُونَ في طلَبِ الوِترِ
- سَرَاةُ رِجَالٍ مِنْ مَواليكَ أكّدوا
- عُرَى الدينِ إحكاماً وَبَتّوا قوَى الكفرِ
- إذا فتَتَحُوا أرْضاً أعَدّوا لمِثْلِها
- كَتائبَ تَفرِي من أعاديكَ ما تَفرِي
- فَفي الشّرْقِ إفْلاحٌ لمُوسَى وَمُفلحٍ،
- وَفي الغَرْبِ نَصرٌ يُرْتَجى لأبي نَصْرِ
- لَقَدْ زَلزَلَ الشّامَ العَرِيضَةَ ذِكرُهُ،
- وَأقْلَقَ سُكّانَ الجَزِيرَةِ بالذّعرِ
- عُمِرْتَ، أميرَ المُؤمنينَ، بنِعْمَةٍ
- تُضَاعِفُ ما مُكّنْتَ فيهِ من العُمرِ
- وَمُلّيتَ عَبْدَ الله إنّ سَمَاحَهُ
- هوَ القَطرُ في إسبالِهِ، وَأخُو القَطْرِ
- إذا ما بَعَثْنَا الشِّعرَ فيهِ تَزَايَدَتْ
- لهُ مَكْرُماتٌ، مُرْبياتٌ على الشِّعْرِ
- مَتَتُّ بِأسْبَابٍ إلَيْهِ كَثِيرَةٍ،
- وقدْ تُدْرَكُ الحَاجَاتُ بِالسَّبَبِ النَّزْرِ
- وما نِلْتُ مِنْ جَدوَى أبيهِ وَجَدّهِ،
- وَما رَفَعَا لي مِنْ سَنَاءٍ، وَمن ذِكْرِ
- وَجَاوَرَ رَبْعي بالشّآمِ رِبَاعَهُ،
- وَلَيسَ الغِنى إلاّ مُجاوَرَةُ البَحْرِ
- وَلي حاجَةٌ لمْ آلُ فيهَا وَسِيلَةً
- إلى القَمَرِ الوَضّاحِ، وَالسّيّدِ الغَمْرِ
- شَفَعْتُ إلَيْهِ بالإمَامِ، وَإنّمَا
- تَشَفّعْتُ بالشّمسِ اقتضَاء إلى البدر
- فَلَمْ أرَ مَشْفُوعاً إلَيْهِ وَشافِعاً
- يدانيهما في منتهى المجد والفخر
- فعال كريم الفعل مطلب الجدا
- وقول مطاع القول متب الأمر
- فعش سالماً أخرى الليالي إذا
- انقضت أواخر عصر مبتدا العصر
المزيد...
العصور الأدبيه