الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> بودي لو يهوى العذول ويعشق >>
قصائدالبحتري
بودي لو يهوى العذول ويعشق
البحتري
- بوُدّيَ لَوْ يَهْوَى العَذولُ، وَيَعْشَقُ،
- فيَعلَمَ أسْبابَ الهَوَى كيفَ تَعْلَقُ
- أرَى خُلُقاً حُبّي لعَلْوَةَ دائِماً،
- إذا لمْ يَدُمْ بالعَاشِقِينَ التّخَلُّقُ
- وَزَوْرٌ أتَانِي طَارِقاً، فَحَسِبْتُهُ
- خَيالاً أتى، من آخرِ اللّيلِ، يَطرُقُ
- أُقَسّمُ فيهِ الظّنّ طَوْراً مُكَذِّباً
- بهِ أنّهُ حَقٌّ، وَطَوْراً أُصَدِّقُ
- أخافُ، وأَرْجُو بُطلَ ظَنّي وَصِدْقَه،
- فَلِلّهِ شَكّي حينَ أرْجُو وَأفْرَقُ
- وَقَدْ ضَمّناَ وَشْكُ التّلاقي، وَلَفّنَا
- عِنَاقٌ عَلى أعْنَاقِنَا ثَمّ ضَيّقُ
- فَلَمْ تَرَ إلاّ مُخْبِراً عَنْ صَبَابَةٍ
- بشَكْوَى، وإلاّ عَبْرَةً تَتَرَقْرَقُ
- فأحْسِنْ بِنَا، والدّمعُ بالدّمعِ وَاشجٌ
- تَمازُجُهُ، والخَدُّ بالخَدّ مُلْصَقُ
- وَمِنْ قُبَلٍ قَبْلَ التّشاكي وَبَعْدَهُ،
- نَكَادُ لَهَا مِنْ شِدّةِ الوَجدِ نَشرَقُ
- فَلَوْ فَهِمَ النّاسُ التّلاقي وَحُسْنَهُ
- لَحُبّبَ، من أجلِ التّلاقي، التّفَرّقُ
- إذا قُرِنَ البَحْرُ الخِضَمُّ بأنْعُمِ الـ
- ـخَليفَةِ كادَ البَحْرُ فيهِنّ يَغرَقُ
- مَوَاِهِبُ أعدادُ الأمَاني، وَخَلْفَهَا،
- عِداتٌ يَكادُ العُودُ منهُنّ يُورِقُ
- بهِ تَعدِلُ الدّنيا، إذا مالَ قَصْدُها،
- وَيَحسُنُ صُنعُ الدّهرِ وَالدّهرُ أخرَقُ
- قَضَى الله للمُعْتَزّ بالله أنهُ
- هُوَ القَائِمُ العَدْلُ، الرّشيدُ، المُوَفَّقُ
- مَحَبّتُهُ فَرْضٌ مِنَ الله وَاجِبٌ،
- وَعِصْيَانُهُ سُخطٌ مِنَ الله مُوبِقُ
- بَقِيتَ، أمِيرَ المؤمِنِينَ، مُؤمَّلاً،
- فَلِلْمُلْكِ نُورٌ مَا بَقيتَ وَرَوْنَقُ
- لَقَدْ أقبَلَتْ بالأمْسِ خَيْلُكَ سُبَّقاً،
- وأنتَ إلى العَلْيَاءِ والمَجْدِ أسْبَقُ
- وَوَافَاكَ بالَّنيْرُُوزِ وَقْتٌ مُحَبَّبٌ،
- يَظَلُّ جَنيُّ الوَرْدِ فيهِ يُفَتَّقُ
- فَلا زِلْتَ في ظِلٍّ مِنَ الله سابِغٍ،
- فَظِلُّكَ رَوْضٌ للبَرِيّةِ، مُونِقُ
- تَجَانَفَ بي نَهْجُ الشّآمِ، وَطَاعَ لي
- عِنَانٌ إلى أَبْيَاتِ مَنبِجَ مُطْلَقُ
- أسُرُّ صَدِيقاً، أوْ أسُوءُ مُلاحِياً،
- وأنْشُرُ آلاءً بِطَوْلِكَ تَنْطِقُ
- وإنّي خَليقٌ بَل حَقيقُ يِعُقْبِ ما
- يُغَرِّبُ شَخصي، إنّ شَوْقي يُشَرِّقُ
- وَمِنْ أينَ لا يَثْني الرّجَاءُ مُعَوَّلي
- عَلَيكَ، وَيَحْدُوني إلَيكَ التّشَوّقُ
- وأنْتَ الذي أعلَيْتَني بصَنِيعَةٍ
- هيَ المُزْنُ تَغدو من قَرِيبٍ، فتُغدِقُ
- وَعارِفَةٍ فَاتَتْ صِفَاتِي، فَلا الَّثنَا
- يُقارِبُ أقْصَاهَا وَلا الشّكرُ يَلحَقُ
- حَمَلْتَ على عَشْرٍ من البُرْدِ مرْكبي
- عِجالاً عَلَيهِنّ الشّكيمُ المُحَلَّقُ
- وأكثَرْتَ زَادي مِنْ بُدُورٍ تَتَابَعَتْ
- بِجُودِكَ فيهِنّ اللُّجَينُ المُطَرَّقُ
- وَمُنْتَسِبَاتٍ للوَجِيهِ وَلاحِقٍ،
- كُمَيْتٌ يَسُرّ النّاظِرِينَ، وَأبْلَقُ
- وَمِنْ خِلَعٍ فازَتْ بلُبْسِكَ فاغتدى
- بها أرَجٌ مِن طيبِ عَرْفِكَ، يَعْبَقُ
- عَلَيْهَا رِداءٌ مِنْ حَمَائِلِ مُرْهَفٍ
- صَقيلٍ، يَزِلُّ الطّرْفُ عَنهُ، فيزْلَقُ
- فهَلْ أنْتَ يا ابنَ الرّاشِدينَ مُخَتّمي
- بِيَاقُوتَةٍ تُبْهي عَلَيّ، وَتُشْرِقُ
- يَغَارُ احمِرَارُ الوَرْدِ من حُسنِ صِبغِها،
- وَيَحكيهِ جاديُّ الرّحيقِ المُعَتَّقُ
- إذا بَرَزَتْ والشّمسَ قُلتُ تَجَارَتَا
- إلى أمَدٍ أوْ كادَتِ، الشّمسَ، تَسبُقُ
- إذا التَهَبَتْ في اللّحظِ ضَاهَى ضِيَاؤها
- جَبينَكَ عِندَ الجُودِ، إذْ يَتَألّقُ
- أُسَرْبَلُ مِنْهَا ثَوْبَ فَخْرٍ مُعَجَّلٍ،
- وَيَبْقَى بها ذِكْرٌ على الدّهرِ مُخلِقُ
- عَلاَمَةُ جُودٍ منْكَ عِنْدي مُبينَةٌ،
- وَشَاهِدُ عَدْلٍ لي بنُعمَاكَ يَصْدُقُ
- وَمِثْلُكَ أعْطَاهَا، وأضْعَافَ مِثْلِهَا،
- وَلا غَرْوَ للبَحْرِ انبَرَى يَتَدَفّقُ
- لَئِنْ صُنتُ شِعْرِي عن رِجَالٍ أعِزّةٍ،
- فإنّ قَوَافيهِ بوَصْفِكَ ألْيَقُ
- وإنْ وُليَ العُمّالُ مِنّي مَبَرّةً،
- فمُسْتَعمِلُ العُمّالِ أحرَى وأخْلَقُ
المزيد...
العصور الأدبيه