الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أوحشت أربع العقيق ودوره >>
قصائدالبحتري
أوحشت أربع العقيق ودوره
البحتري
- أُوحِشَتْ أرْبُعُ العَقيقِ وَدُورُهْ،
- لأنيسٍ أجَدّ مِنها بُكُورُهْ
- زَانَ تِلْكَ الحُمولَ، إذْ زَالَ فيها
- مُرْهَفٌ، ناعِمُ القَوَامِ، غَرِيرُهْ
- شَدّ ما يُمرِضُ الصّحيحَ قُوَاهُ،
- مَرَضُ الطّرْفِ، ساجياً، وَفُتُورُهْ
- وَتُذيبُ الأحشاءَ ساعاتُ هَجْرٍ
- ضَرِمٍ في الضّلوعِ يَحمى هَجيرُهْ
- لا يَني يُوفِدُ الحَبيبَ إلَيْنَا،
- كَذِبُ الطّيفِ، سارِياً، وَغُرُورُهْ
- زَائِرٌ في المَنَامِ أسْألُ هَلْ أطْـ
- ـرِقُهُ في مَنَامِهِ، أوْ أزُورُهْ
- ما لذا الحُبّ لا يُفادَى أسِيرُهْ،
- وَالصّبا أُفحشَ، اقتِضَاءً، مُعِيرُهْ
- يكثُرُ البَرْقُ، أنْ يَهيجَ اشتِياقي
- حَفْلُهُ في الوَميضِ، أوْ تَعذيرُهْ
- وَقُصَاريُ المَشُوقِ، يَصرِمُهُ الشّا
- ئقُ، إقصَارُ شَوْقِهِ أوْ قُصُورُهْ
- آمِرِي بالسّلُوّ، لمْ يَدْرِ أنّي
- بسَبيلٍ، منَ الهَوَى، ما أحورُهْ
- آضَ بَثُّ الغَرَامِ حُزْناً، فهل يُعْـ
- ـقِبُ حُزْنَ الغَرَامِ فينا سُرُورُهْ
- قُلتُ للشّاهِ رُبّما كانَ خَيْراً
- مِنْ بَديءِ الذي يُرَجّى أخِيرُهْ
- وَصَغيرُ الخُطُوطِ يُنْمَى على الأيّـ
- ـامِ، حتّى يَجيءَ منهُ كَبيرُهْ
- عَلّ هَذا الأميرَ، أسْعَدَهُ الله
- بطُولِ البَقاءِ، يَرْضَى أمِيرُهْ
- فيُؤدّى رِسَالَةٌ عَنْ مُطَاعٍ،
- لمْ يَعُقْنَا عَنْ بُغْيَةٍ تَقْصِيرُهْ
- شِبْهُهُ مُعْوِزٌ، فكَيفَ بأنْ يُو
- جَدَ أوْ أنْ يُصَابَ يوْماً نَظيرُهْ
- وإذا ما غدا أبو الجيش في الجيـ
- ـش غدا الحزم مستمراً مريرة
- ما تَجَلّى لظُلْمَةِ اللّيْلِ، إلاّ
- أطْفَأ الأنْجُمَ المُضِيئَةَ نُورُهْ
- واضح في دجى الخطوب وحتم
- أن يسود السحاب حسناً صبيره
- تَتَفادَى الأعداءُ مِنْ سَطوِ لَيثٍ
- خَضِلٍ مِنْ دِمائِهِمْ أُظْفُورُهْ
- كَمْ سرَى مُنفِراً لهَامِ رِجَالٍ
- ساكِنٍ باتَتِ السّيُوفُ تُطِيرُهْ
- إنْ أكَلّفْهُ حَاجَةً لا يُوَاكِلْ
- جِدُّهُ دُونَهَا، وَلا تَشْمِيرُهْ
- أو أحمله مثقلاً من خراجي
- يلف في طوله قليلاً كثيرة
- وَأبُو الصّقْرِ إنّهُ وَزَرُ السّلْـ
- ـطانِ في عِظْمِ أمْرِهِ وَوَزِيرُهْ
- حَافِظُ المُلْكِ أنْ تُزَالَ أوَاخيـ
- ـهِ، وَرَاعيهِ أنْ تُضَاعَ أُمُورُهْ
- أيِّدٌ في السّلاحِ تَبْهَى عَلَيْهِ
- خَلَقُ الدّرْعِ مُحْكَماً وَقَتِيرُهْ
- لَيسَ يَنْفَكُّ أيدهُ يَدرَأُ الجُـ
- ـلّى وَقيضَ مِن أمرِهِ تَدْبِيرُهْ
- يَقَظاتٌ، إذا تَنَاصَرْنَ للنّا
- صِرِ أوْ جَبْنَ أنْ يَعِزّ نَصِيرُهْ
- فَمَتَى غابَ في مِرَاسِ الأعَادي،
- فَسَوَاءٌ مَغِيبُهُ وَحُضُورُهْ
- صِفَةُ الحُرّ أنْ تَنَاهَى عُلاهُ،
- وكذا الحَوْلُ أن تَناهى شُهورُهْ
- إنْ يَعُدْ يُوشِكُ النّجاحُ، وَإن يتـ
- ـرُكْ فمِثلانِ: وَعدُهُ وَضَميرُهْ
- كلَّ يوْمٍ نُطيفُ في حُجرَتَيْهِ،
- حوْلَ كَنزٍ منَ العلا، نَستَثيرُهْ
- أغْدَقَتْ بالنّوَالِ أنْوَاءُ كَفّيْـ
- ـهِ، وَفاضَتْ للرّاغِبينَ بُحُورُهْ
- ليَفِرْ وَفْرُكَ المُلَقّى، وَإنْ أعْـ
- ـوَزَ أنْ يُجمَعَ النّدى وَوُفُورُهْ
- ليس يعدو من الإصابة والتو
- فيق في الرأي والحسين وزيره
- إنّ مَنْ قَلّلَ الزّيَارَةَ يُنْبِيـ
- ـكَ بأنّ الأطماعَ لَيستْ تَصُورُهْ
- وَلَئِنْ جُدْتَ بالكَثيرِ، فإنّي
- ناشرٌ ذِكْرَ ما وَهَبتَ شَكُورُهْ
- لا تُجَرّمْ على قِلادِكَ، تَخْتَا
- رُ التي في وُقُوعِهَا تَبذيرُهْ
- أخلص الجد والكفاية حتى
- راح محفوظة عليه أموره
- يجمع الحزم والنصيحة والتو
- فيق في رأى ناصح يستشيره
- لَستُ بالمُلْحِفِ المُنَقِّبِ عَن ذَا
- دِ طَرِيقٍ إخالُ غَيرِي يَسيرُهْ
- وَسِوَايَ الغَداةَ تُحْدَى مَطَايَا
- هُ إلى مَنبِجٍ، وَتُرْحَلُ عِيرُهْ
المزيد...
العصور الأدبيه