الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أنافعي عند ليلى فرط حبيها >>
قصائدالبحتري
أنافعي عند ليلى فرط حبيها
البحتري
- أنَافِعي، عندَ لَيلى، فَرْطُ حُبّيها،
- وَلَوْعَةٌ ليَ أُبْديهَا، وأُخْفِيهَا
- أمْ لا تُقَارِبُ لَيْلَى مَنْ يُقَارِبُهَا،
- وَلاَ تُدَانِي بِوَصْلٍ مَنْ يُدَانِيهَا
- بَيضَاءُ أوْقَدَ خَدّيها الصِّبَا، وَسَقَى
- أجفَانَهَا، مِنْ مُدَامِ الرّاحِ، ساقِيهَا
- في حُمرَةِ الوَرْدِ شَكْلٌ من تَلَهّبِها،
- وللقَضِيبِ نَصِيبٌ مِنْ تَثَنّيهَا
- قَدْ أَيْقَنَتْ أنّني لمْ أرْضَ كَاشِحَها
- فيها ولَم أسْتَمِعْ مِنْ قَوْلِ وَاشِيهَا
- وَيَوْمَ جَدّ بِنَا عَنْهَا الرّحيلُ عَلى
- صَبَابَةٍ، وَحَدَا الأظْعَانَ حَاديهَا
- قامَتْ تُوَدّعُني عَجْلَى، وَقَد حَدِرَتْ
- سَوَابِقٌ مِنْ تُؤامِ الدّمعِ تُجْرِيهَا
- واستَنكَرَتْ ظَعَني عَنْهَا فَقلتُ لها:
- إلى الخَلِيفَةِ أمضَى العِيسَ مُمضِيهَا
- إلى إمَامٍ لَهُ مَا كَانَ مِنْ شَرَفٍ
- يُعَدُّ في سَالِفِ الدّنْيَا وَبَاقِيهَا
- خَليفَةَ الله مَا لِلْمَجْدِِ مُنصَرَفٌ،
- إلاّ إلى أَنعُمٍ أصْبَحْتَ تُولِيهَا
- فَلا فَضِيلَةَ، إلاّ أنتَ لابِسُهَا،
- وَلا رَعِيّةَ، إلاّ أنتَ رَاعِيهَا
- مُلْكٌ كمُلكِ سُلَيمانَ الذي خَضَعَتْ
- لَهُ البرِيّةُ: قَاصِيهَا وَدَانِيهَا
- وَزُلفَةٌ لَكَ عِندَ الله تُظْهِرُهَا
- لَنَا بِبُرْهَانِ مَا تأتي وَتُبْدِيهَا
- لمّا تَعَبّدَ مَحلُ الأرْضِ، واحتَبَستْ
- عنَّا السّحَائِبِ، حَتّى مَا نُرَجّيهَا
- وَقُمتَ مُستَسقِياً للمُسلِمِينَ جَرَتْ
- غُرُّ الغَمَامِ، وَحَلّتْ مِنْ عَزَالِيهَا
- فَلا غَمَامَةَ، إلاّ انْهَلّ وَابِلُهَا،
- وَلاَ قَرَارَةَ، إلاّ سَالَ وَادِيهَا
- وَطَاعَةُ الوَحشِ إذ جاءَتكَ من خَرِقٍ
- أحْوَى، وَأَدمَانَةٍ كُحلٍ مَآقيهَا
- كالكاعِبِ الرُّودِ يَخفَى في تَرَائِبِها
- رَدْعُ العَبيرِ وَيَبْدُو في تَرَاقِيهَا
- ألْفَانِ جَاءَتْ، على قَدْرٍ، مُسارِعَةً
- إلى قَبُولِ الذي حَاوَلْتَهُ فِيهَا
- إنْ سِرْتَ سَارَتْ وإنْ وَقّفْتَها وَقفَتْ
- صُوراً إلَيكَ، بِألحاظٍ تُوَالِيهَا
- يُرَعْنَ مِنْكَ إلى وَجْهٍ يَرَينَ لَهُ
- جَلالَةً، يُكثِرُ التّسبيحَ رَائِيهَا
- حَتّى قَطَعتَ بها القَاطُولَ وافتَرَقَتْ
- بالحيْرِ في عَرْصَةٍ، فِيْحٍ نَوَاحِيهَا
- فَنَهرُ نَيزكَ وِرْدٌ مِنْ مَوَارِدِهَا،
- وَسَاحَةُ التّلّ مَغنًى مِنْ مَغَانِيهَا
- لَوْلاَ الذي عَرَفَتْهُ فيكَ، يَوْمَئِذٍ،
- لَمَا أطَاعَكَ وَسْطَ البِيدِ عَاصِيهَا
- فَضْلاَنِ حُزْتَهُمَا، دُونَ المُلوكِ، وَلم
- تُظْهِرْ بنَيْلِهِمَا كِبْراً، وَلا تِيهَا
المزيد...
العصور الأدبيه