الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أناة أيها الفلك المدار >>
قصائدالبحتري
أناة أيها الفلك المدار
البحتري
- أنَاةً أيّهَا الفَلَكُ المُدارُ،
- أنَهْبٌ مَا تُطَرّفُ أمْ جُبَارُ
- سَتَفْنى مثلَ مَا تَفْنى، وَتَبْلى
- كمَا تَبلى، فيُدرَكُ منك ثَارُ
- تُنَابُ النّائِباتُ، إذا تَناهَتْ،
- وَيَدْمُرُ في تَصَرّفِهِ الدّمَارُ
- وَمَا أهْلُ المَنَازِلِ غَيرُ رَكْبٍ،
- مَطَايَاهُمْ رَوَاحٌ وَابْتِكَارُ
- لَنَا في الدّهْرِ آمَالٌ طِوالٌ،
- نُرَجّيهَا، وَأعْمَارٌ قِصَارُ
- وأهون بالخطوب على خليعٍ
- إلى اللذات ليس لهُ عذار
- فَآخِرُ يَوْمِهِ سُكْرٌ تُجَلّى
- غَوَايَتُهُ، وَأوّلُهُ خُمَارُ
- وَيَوْمٍ بالمَطيرَةِ أمْطَرَتْنَا
- سَمَاءٌ، صَوْبُ وَابِلِهَا العُقَارُ
- نَزَلْنَا مَنْزِلَ الحَسَنِ بنِ وَهْبٍ
- وَقَدْ دَرَسَتْ مَغَانيهِ القِفَارُ
- تَلَقّيْنَا الشّتَاءَ بهِ، وَزُرْنَا
- بَناتِ اللّهْوِ، إذْ قَرُبَ المَزَارُ
- أقَمْنَا أكْلُنَا أكْلُ استِلابٍ
- هُنَاكَ، وَشُرْبُنَا شُرْبٌ بِدارُ
- تَنَازَعْنَا المُدامَةَ، وَهْيَ صِرْفٌ،
- وَأعجَلْنا الطّبائخَ، وَهْيَ نَارُ
- وَلمْ يَكُ ذاكَ سُخفاً، غيرَ أنّي
- رَأيتُ الشَّرْبَ، سُخفُهُمُ الوَقارُ
- رَضِينَا، مِن مُخارِقَ وَابنِ خَيرٍ،
- بصَوْتِ الأثْلِ، إذْ مَتَعَ النّهارُ
- تُزَعْزِعُهُ الشَّمَالُ، وَقَدْ تَوَافَى
- عَلى أنْفَاسِهَا قَطْرٌ صِغَارُ
- غَداةَ دُجُنّةٍ للغَيْثِ، فيها،
- خِلالَ الرّوْضِ، حَجٌّ وَاعتِمارُ
- كَأنّ الرّيحَ وَالمَطْرَ المُنَاجي
- خَوَاطِرَها، عِتَابٌ، وَاعتِذارُ
- كأنّ مَدارَ دِجلَةَ، دجلة إذ توافت
- بأجْمَعِها، هِلالٌ، أوْ سِوَارُ
- أمَا، وأبي بَني حارِ بنِ كَعْبٍ،
- لقد طرَدَ الزّمانُ بهمْ، فَسارُوا
- أصَابَ الدّهْرُ دَوْلَةَ آلِ وَهْبٍ،
- وَنَالَ اللّيلُ مِنْهَم وَالنّهَارُ
- أعَارَهُمُ رِداءَ العِزّ، حتى
- تَقاضَاهمْ، فَرَدّوا ما استَعارُوا
- وَما كانُوا، فأوْجُهُهُمْ بُدورٌ
- لمُخْتَبِطٍ، وَأيْديهِمْ بِحَارُ
- وَإنّ عَوَائِدَ الأيّامِ فيهَا،
- لمَاْ هاضَتْ بَوَادِئُها، انجِبَارُ
المزيد...
العصور الأدبيه