الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أمنك تأوب الطيف الطروب >>
قصائدالبحتري
أمنك تأوب الطيف الطروب
البحتري
- أمِنْكَ تأوُّبُ الطّيفِ الطّرُوبِ،
- حَبيبٌ جَاءَ يُهْدَى مِنْ حَبيبِ
- تَخَطّى رِقْبَةَ الوَاشِينَ، وَهْناً،
- وَبُعْدَ مَسَافَةِ الخَرْقِ المَجُوبِ
- يُكاذِبُني، وأصْدُقُهُ وَداداً،
- وَمِنْ كَلَفٍ مُصَادَقَةُ الكَذُوبِ
- تُجيبُ الدّارُ سَائِلَهَا، فتُنبي
- عَنِ الحَيّ المُفَارِقِ مِنْ تُجِيبِ
- نأوْا بأوَانِسٍ يَرْجِعْنَ وَحْشاً،
- إذا فُوجِئْنَ بالشَّعْرِ الخَضِيبِ
- أقُولُ لِلِمّتي، إذْ أسْرَعتْ بي
- إلى الشّيْبِ: اخسرِي فيهِ، وَخيبي
- مُخَالِفَةً بِضَرْبٍ بَعْدَ ضَرْبٍ،
- وَمَا أنَا واختِلاَفَاتِ الضُّرُوبِ
- وَكَانَ حَديثُها فيها غَرِيباً،
- فَصَارَ قَديمُهَا حَقَّ الغَرِيبِ
- يَعيبُ الغَانِيَاتُ عَليّ شَيْبي،
- وَمَنْ لي أنْ أُمَتَّعَ بالمَعِيبِ
- وَوَجْدي بالشّبابِ، وإنْ تولى
- حَميداً، دونَ وَجدي بالمَشيبِ
- أمَا لرَبيعَةِ الفَرَسِ انْتِهَاءٌ
- عَنِ الزَّلْزَالِ فيها، وَالحُرُوبِ
- لِكُلّ قَبِيلَةٍ خَيْلٌ تَدَاعَى
- إلى خَيْلٍ مُعَاوَدَةِ الرّكُوبِ
- كَدَأبِ بَني المُعَمِّرِ، حينَ زَارُوا
- بَني عُمَرٍ، بُمُصْمِيَةٍ شَعُوبِ
- تَبَالَوْا صادِقَ الأحْسَابِ، حتّى
- نَفَوْا خَوَرَ الضّعِيفِ عَنِ الصّلِيبِ
- صَرِيحُ الخَيلِ والأبطالِ أغْنَى
- عَنِ الهُجُنَاتِ، والخَلْطِ المَشُوبِ
- وَكَانُوا رَقّعُوا أيّامَ سِلْمٍ،
- على تِلْكَ القَوَارِحِ والنُّدُوبِ
- إذا ما الجُرْحُ رُمّ على فَسَادٍ،
- تَبَيّنَ فيهِ تَفْرِيطُ الطّبيبِ
- رَزِيَةُ هَالِكٍ جَلَبَتْ رَزَايَا،
- وَخَطبٌ باتَ يكشِفُ عن خطوبِ
- يَشُقُّ الجَيْبَ، ثمّ يَجيءُ أمْرٌ،
- يُصَغَّرُ فيهِ تَشقِيقُ الجُيُوبِ
- وَقَبْرٍ عَنْ أيَامِنِ بَرْقَعيدٍ،
- إذاهيَ ناحَرَتْ أُفُقَ الجَنُوبِ
- يَسُحُّ تُرَابُهُ أبَداً عَلَيْهَا
- عِهاداً، مِنْ مُرَاقِ دَمٍ صَبِيبِ
- إذا سَكَبَتْ سَمَاءٌ ثمّ أجْلَتْ،
- ثَنَتْ بسَمَاءِ مُغْدِقَةٍ سَكُوبِ
- وَلَمْ أرَ للتِّرَاتِ بَعُدْنَ عَهْداً،
- كَسَلّ المَشرَفيّةِ مِنْ قَرِيبِ
- تُصَوَّبُ فَوْقَهُمْ حزَقُ العَوَالي،
- وَغابُ الخَطّ مَهْزُوزُ الكُعُوبِ
- كَنَخْلِ سَميحَةَ استَعلى رَكيبُ
- تُكَفّيهُ الرّياحُ على رَكِيبِ
- فَمَنْ يَسمَعْ وَغَى الأخَوَينِ يُذعَرْ
- بصَكٍّ، مِنْ قِراعِهِما، عجيبِ
- تخمط تغلب الغلباء ألقت
- على الثرثار بركاً والرحوب
- زَعِيمَا خُطّةٍ، وَرَدَا حِمَاماً
- وُرُودَهُمَا جَبَا المَاءِ الشَّرُوبِ
- إذا آدَ البَلاءُ تَحَمّلاهُ
- عَل دَفّيْ مُوَقَّعَةٍ، رَكُوبِ
- إذا قُسِمَ التّقَدّمُ لمْ يُرَجَّحْ
- نَصِيبٌ، في الرّجَالِ، عَلى نَصِيبِ
- خَلاَ أنّ الكَبيرَ يُزَادُ فَضْلاً،
- كَفَضْلِ الرّمحِ زِيدَ من الكُعُوبِ
- فهَلْ لابْنَيْ عَدِيٍّ مِن رَشيدٍ،
- يَرُدُّ شَرِيدَ حِلْمِهِمَا العَزِيبِ
- أخافُ عَلَيْهِما إمْرَارَ مَرْعًى
- من الكَلإِ الذي عُلقَاهُ، مُوبِي
- وأعْلَمُ أنّ حَرْبَهُمَا خَبَالٌ
- على الدّاعي إلَيْهَا، والمُجِيبِ
- كما أسرَى القَطا لِبَيَاتِ عَمْروٍ،
- وَسَالَ لهُلْكِهِ وادي قَضِيبِ
- وَفي حَرْبِ العَشِيرَةِ مُؤيِداتٌ،
- تُضَعْضِعُ تالِدَ العِزّ المَهِيبِ
- لَعَلّ أبَا المُعَمِّرِ يَتّليها
- ببُعْدِ الهَمّ، والصدرِ الرّحِيبِ
- كَمْ مِنْ سُؤدَدٍ قَد باتَ يُعطي
- عَطِيّةَ مُكثِرٍ فيهِ، مُطيبِ
- أهَيْثَمُ، يا ابنَ عَبدِ الله، دعوَى
- مُشِيدٍ بالنّصيحَةِ، أوْ مُهِيبِ
- وَمَا يُدْعَى، لِمَا تُدْعَى إلَيهِ،
- سِوَاكَ، ابنَ النّجيبَةِ والنّجِيبِ
- تَنَاسَ ذُنُوبَ قَوْمِكَ، إنّ حفظَ الـ
- ـذُّنُوبِ، إذا قَدُمنَ من الذّنُوبِ
- فَلَلسّهْمُ السّديدُ أحَبُّ غِبّاً،
- إلى الرّامي، مِنَ السّهمِ المُصِيبِ
- مَتَى أحْرَزْتَ نَصرَ بَني عُبَيْدٍ،
- إلى إخْلاصِ وِدّ بَني حَبيبِ
- فَقَدْ أصْبَحْتَ أغْلَبَ تَغلِبيٍّ،
- على أيْدي العَشيرَةِ، والقُلُوبِ
المزيد...
العصور الأدبيه