الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أما وهذا الزمان يمتحنه >>
قصائدالبحتري
أما وهذا الزمان يمتحنه
البحتري
- أَمَا وَهَذَا الزَّمَانُ يَمْتَحِنُهْ
- بِصَرْفِهِ تارَةً ويَمْتَهِنُهْ
- إِذَا جَرَى نَحْوَ غَايَةٍ عَبَأَتْ
- لَهُ الرَّدَى مِنْ زَمَانِهِ إِحَنُهْ
- فَلا مَلُومٌ عَلَى دَنِيئِتهِ
- عَمَّا سَمَتْ لادِّرَاكِهِ فِظَنُهْ
- مَنْ ذَا مِنَ الدَّهْرِ بات مُسْتَتِراً
- أَمْ مَنْ وَقَتْهُ سِهَامَةُ جُنَنُهْ ؟
- هَيْهَاتِ أَعْيَا ، فَمَا تُرَدُّ يَدٌ
- لهُ لِمَا سَارَ فِيهِ يَحْتَجِنُهْ
- أَمَا ومَنْ مَا ذَكَرْتُ فُرْقَتَهُ
- إِلاَّ يَرَى القَلب حَاشِداً شَجَنُهْ
- ومَنْ رَضَِيتُ السُقَامَفِي بَدَنِي
- مِنْهُ إِذَا كَانَ سَالِماً بَدَنُهْ
- ومَنْ كَأَنَّ القَضِيبَ قَامَتُهُ
- والبَدْرَ يَحْكِي ضِيَاءَهُ سُنَنُهْ
- وَمَنْ بِخَدَّيْهِ رَوضَتانِ ، وَمَنْ
- يَنْفُثُ سِحْراً مِنْ طَرْفِهِ فِتَنُهْ
- إِذا رَنَا خِلْتَ أَنَّهُ ثَمِلٌ
- يَكسِرُ أَجْفَانَ لَحْظِهِ وَسَنُهْ
- لَقَدْ حَاَبْتُ الزَّمانَ أَشْطُرَهُ
- طَبًّا بِمَا تَنتَحِي لهُ مِحَنُهْ
- فَمَا نَأَى المُسْتَقِيمُ مِنْهُ ، وَلاَ
- عَلَيَّ أُعْيَتْ جَهَالَةً أُبَنُهْ
- وأَعْلَمُ النَّاسِ بالزَّمانِ فَتًى
- أَهْدَى أَعاجِيبَهُ لهُ زَمَنُهْ
- لِسَيِّىءٍ مِنْهُ نُصْبَ مُقْلَتِهِ
- ومَا بَعِيدٌ عَنْ لَحْظِهَا حَسَنُهْ
- فَمَا فُؤَادِي بِجَازِعٍ أَسَفاً
- مَا أَخْلَفَتْ ذَا مَطَامِعٍ ظِنَنُهْ
- غَنِيتُ باللهِ فاسْتَرَحْتُ مِنَ الْـ
- ـــمُوفِي عَلَى نَزْرِ مَنِّهِ مِنَنُهْ
- وَمِنْ بَخِيلٍ بُرُوقُ زِبْرِجِهِ
- كَخُلَّبِ البَرْقِ خَانَهُ مُزُنُهْ
- مُتَسِعِ الصَّدْرِ لِلْمَقَالِ ، وإِنْ
- رَامَ فَعَالاً فَضَيِّقٌ عَطَنُهْ
- والحُرُّ لا يَرْأَمُ الصَّغَارَ إِذا
- سِيمَ الأَذَى أَو نَبَا بهِ وَطَنُهْ
- لكِنَّهُ يَخْرِقُ الخُرُوقَ ولا
- يَسْتَصْعِبُ الصَّعْبَ مُهْوِلاً عَنَنُهْ
- حَلِيفُهُ المَشرِفِيُّ لَيْسَ لَهُ
- خِلٌّ سِوَى المَشْرِفيِّ يَأْتَمِنُهْ
- صَاحِبُ صِدْقٍ تَكْفِيهِ بَدْأَتُهُ
- عَوْدَ شَفِيعٍ نَبَتْ لَهُ أْذُنُهْ
- إِذا انْتُضِي فالرُّؤُوسَ مَغمَدُهُ
- يَأْمَنُ مِنْهُ المُلُوكَ مُمْتَحِنُهْ
- طَلائِعُ المَوْتِ فِي تَلأْلُؤِهِ
- يَعُوقُهَا لِلشَّقَاءِ مُرْتَهِنُهْ
- كالْبَرْقِ يَفْرِي الطُّلَى كأَنَّ بِهِ
- ذَحْلاً عَلَى المُقْصَدِينَ يَضْطِغِنُهْ
- فالْوَفْرُ بالنَّصْلِ يُسْتَفَادُ إِذَا
- ضَاقَتْ عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ مُدُنُهْ
- وإِنَّما العَارُ أَن يُرَى حَذِراً
- يُزَيِّنُ الفَقرَ عِندَهُ خَنَنُهْ
- يُقَلِّبُ الرَّأيَ دَهرَهُ فِرَقاً
- لا خَفْضُهُ دَائِمٌ ولا حَزَنُهْ
- فَذَا قَريبٌ يَأْوِي إِلى سَكَنٍ ،
- وذاكَ نَاءٍ يَهْوي لَهُ سَكَنُهْ
المزيد...
العصور الأدبيه