الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أما الشباب فقد سبقت بغضه >>
قصائدالبحتري
أما الشباب فقد سبقت بغضه
البحتري
- أمّا الشّبَابُ فَقَدْ سُبِقْتَ بغَضّهِ،
- وَحَطَطْتَ رَحلَكَ مُسرِعاً عَن نَقضِهِ
- وأفَاقَ مُشْتَاقٌ، وأقْصَرَ عاذِلٌ
- أرْضاهُ فيكَ الشّيبُ، إذْ لمْ تُرْضِهِ
- شَعْرٌ صَحِبْتُ الدّهْرَ، حتّى جازَ بي
- مُسْوَدُّهُ الأقْصَى إلى مُبَيِّضهِ
- فَعَلَى الصِّبَا الآنَ السّلامُ، وَلَوْعَةٌ
- تَثْني عَلَيْهِ الدّمْعَ في مُرْفَضّهِ
- وَلْيَقْنَ تُفّاحُ الخُدودِ، فلَستُ من
- تَقبيلِهِ غَزِلاً، وَلاَ مِنْ عَضّهِ
- وَمُكايِدٍ لِي بالمَغِيبِ رَمَيْتُهُ
- بِصَرِيمَةٍ، كالنّجْمِ في مُنْقَضّهِ
- فَرَدَدْتُ ظُلْمَةَ يَوْمِهِ في أمْسِهِ،
- وأرَيْتُهُ إبْرَامَهُ في نَقْضِهِ
- أمضَيْتُ ما أمضَيتُ فيهِ، وَلَوْ ثَنَى
- بإشارَةٍ، أمْضَيْتُ ما لمْ أُمْضِهِ
- وَعِتَابِ خِلٍّ قد سَمعتُ، فلَمْ أكنْ
- جَلْدَ الضّميرِ على استِمَاعِ مُمِضّهِ
- هذا أبُو الفَضْلِ الذي صَرْحُ النّدَى،
- في رَاحَتَيْهِ، مَشوبُهُ عَنْ مَحْضِهِ
- لمْ نَخْتَدِعْ بِجَهَامِهِ عَنْ غَيمِهِ
- يَوْماً، وَلَمْ نَرَ خُلّباً مِنْ وَمْضِهِ
- طافَ الوُشاةُ بهِ، فأحدَثَ ظُلْمَةً
- في جَوّهِ، وَوُعُورَةً في أرْضِهِ
- غَضْبانُ حُمّلَ إحنَةً، لوْ حُمّلَتْ
- ثَبَجَ الصّباحِ، لَثَقّلتْ من نَهضِهِ
- مَهْلاً! فِذاكَ أخُوكَ ذو ألْهَيْتَهُ
- عَنْ لَهْوِهِ، وَشَغَلْتَهُ عَنْ غُمضِهِ
- خَزْيَانُ أكبَرَ أنْ تَظُنّ خِيَانَةً
- في بَسْطِهِ لصَدِيقِهِ، أو قَبْضِهِ
- ماذا تَوَهّمَ أنْ يَقُولَ، وَقَوْلُهُ
- في نَفْسِهِ، وَلِسَانُهُ في عِرْضِهِ
- أنَبَوْتُ عَنْكَ بزَعْمِهِمْ؟ وَمَتى نَبا
- في حَالَةٍ بَعضُ امرِىءٍ عَنْ بَعْضِهِ
- أنَصَلْتُ مِنْ عَوْدِ الحَيَاءِ وَبَدْئِهِ،
- وَخَرَجْتُ من طُولِ الوَفَاءِ وَعَرْضِهِ
- المَذْحِجيّةُ" بَيْنَنَا مَوْصُولَةٌ
- بِنَوافِلِ الأدَبِ الأصِيلِ وَفَرْضِهِ
- وَتَرَدّدٌ للكَأسِ أحْدَثَ حُرُمَةً
- أُخْرَى، وَحَقّاً ثالِثاً لمْ نَقْضِهِ
المزيد...
العصور الأدبيه