الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أقول لعنس كالعلاة أمون >>
قصائدالبحتري
أقول لعنس كالعلاة أمون
البحتري
- أقُولُ لعَنْسٍ، كالعَلاة، أمُونِ
- مُضَبَّرَةٍ، في نِسْعَةٍ وَوَضِينِ
- تَقي السّيرَ، إنْ جاوَزْتِ قِلّةَ ساطحٍ،
- وَضَمَّكِ في المَعرُوفِ بَطنُ طَرُونِ
- وَلا تُوغلي في أرْسَنَاسَ، فتَعثُرِي
- بمُنْدَرِسِ الأحْجَارِ ثَمّ دَفينِ
- فَغَيرُ عَجيبٍ إنْ رَأيْتِهِ أنْ تَرَيْ
- تَلَهُّبَ ضَرْبٍ في شَوَاكِ مُبِينِ
- حَنيني إلى ذاكَ القَليبِ، وَلَوْعَتي
- عَلَيْهِ، وَقَلّتْ لَوْعَتي وَحَنيني
- أعاذِلَتي! ما الدّمعُ من فَرْطِ صَبوَةٍ،
- وَلا مِنْ تَنَائي خِلّةٍ، فَذَرِيني
- وَلا تَسْألي عَمّا بكَيْتُ، فَإنّهُ
- عَلى مَاءِ وَجْهِي جَادَ مَاءُ جُفُوني
- خَلا أمَلي مِنْ يُوسُفَ بنِ مُحَمّدٍ،
- وَأوْحَشَ فكرِي بَعدَهُ، وَظُنُوني
- فَوَاسَوْءَتي تُرْدَى وَأحيا، وَلم أكنْ
- على عِذْرَةٍ مِنْ قَبْلِها بظَنينِ
- وَكانَ يَدي شُلّتْ وَنَفسِي تُخُرّمتْ،
- وَدُنيايَ بانَتْ، يوْمَ بَانَ، وَديني
- فَوَا أسَفي ألاّ أكونَ شَهِدْتُهُ،
- فَخَاسَتْ شِمَالي عِنْدَهُ وَيَميني
- وَألاّ لَقيتُ المَوْتَ أحْمَرَ دُونَهُ،
- كمَا كانَ يَلقى الدّهرَ أغبرَ دوني
- وَإنّ بَقَائي بَعْدَهُ لَخِيَانَةٌ،
- وَمَا كُنْتُ يَوْماً قَبْلَهُ بِخَئُونِ
- فَلا ثَارَ حتّى تَطلُعَ الخَيلُ مُرْتَقَى
- خُوَيْتٍ، بأُسدٍ، في السَّنَوَّرِ، جُونِ
- وَحتّى تُصِيبَ المُرْهَفَاتُ، بساطحٍ،
- شِفاءَ النُّفوسِ، مِنْ طُلًى وَشُؤونِ
- وَحَتّى تُحَشَّ النّارُ ما بَينَ أرْزَنٍ،
- وَأرْضِ جُوَاخٍ، من قُرًى وَحُصُونِ
- وَحتّى يَنالَ السّيفُ موسَى، فيَختلي
- جُزَازَةَ عِلْجٍ، بالتُّخومِ، سَمينِ
- أألله! تَرْجونَ البَقاءَ، وَقد جَرَتْ
- دِمَاءٌ لَنَا فيكُمْ قَضَينَ لحِينِ
- فَأيْنَ أمِيرُ المُؤمِنِينَ، فإنّهُ
- كَفيلي على مَا ساءَكُمْ، وَضَميني
- ستَأتيكُمُ الجُرْدُ الخَناذيذُ تَقتَرِي
- جُنُوبَ سُهُولٍ، في الفَلا، وَحُزُونِ
- عَوَابِسُ تَغشَى الرّوْعَ في كلّ ماقطٍ،
- مُنَاقِلَةً فيهِ بِأُسْدِ عَرِينِ
- طَوَالبُ ثَارٍ من فتًى غَيرِ وَاهِنٍ،
- وَلا وَكِلٍ، في النّائِبَاتِ مَهِينِ
- مُعَارِكُ حَرْبٍ، ما يَزَالُ مُوَكَّلاً
- بقُطْبِ رَحًى، للدّارِعينَ، طَحونِ
- وَسائسُ جَيشٍ يُرْجعُ الحزْمَ وَالحِجى
- إلى شِدّةٍ، مِنْ جانِبَيْهِ، وَلِينِ
- رَأى المَوْتَ رَأيَ العَينِ، لا سِترَ دونَه،
- وَما موْتُ شَكٍّ مثلُ مَوْتِ يَقينِ
- وَقيلَ انْجُ مِنْ غَمّائِها، فأبَتْ لَهُ
- سَجيّةُ شكسٍ، في اللّقاءِ، حَرُونِ
- وَلَمّا استَخَفّوا للنَّجَاءِ تَوقَّّرَتْ
- جَوَانِبُ ثَبْتٍ للسّيُوفِ، رَكِينِ
- وَقَى كَتِفَيْهِ، وَالرّمَاحُ شَوَارِعٌ،
- بِثُغْرَةِ نَحْرٍ وَاضِحٍ، وَجَبينِ
- أأنْسَاكَ، أوْ أنْسَى مُصَابَكَ، بعدَما
- عَلِقْتُ بحَبْلٍ، مِنْ نَداكَ، مَتِينِ
- وَلَوْ كُنتَ ذا عِلْمٍ بفَرْطِ صَبابَتي،
- وَمَا عِلْمُ ثَاوٍ في التّرَابِ، دَفِِينِ
- تَيَقّنْتَ أنّ العَينَ جِدُّ غَزِيرَةٍ
- عَلَيْكَ، وَأنّ القَلْبَ جِدُّ حَزِينِ
- إذا أنَا لمْ أشكُرْكَ نُعمَاكَ بالبُكَا،
- فلَسْتُ، على نُعمَى امرِىءٍ، بأمينِ
المزيد...
العصور الأدبيه