الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أقم علها أن ترجع القول أو علي >>
قصائدالبحتري
أقم علها أن ترجع القول أو علي
البحتري
- أقِمْ عَلّها أنْ تُرْجعَ القَوْلَ، أوْ عَلَيّ
- أُخَلِّفُ فيها بَعضَ ما بي منَ الخَبَلِ
- هيَ الدّارُ، إلاّ ما تَخَوّنَهُ البِلَى،
- وَعَفّى لَجَاجُ الرّيحِ والرّائِحِ الوَبْلِ
- فإنْ لَمْ تَقِفْ مِنْ أجلِ نَفسِكَ ساعةً،
- فقِفْها، على تلكَ المَعَالِمِ، مِنْ أجلي
- وإنْ شِئتَ، فاعذُلني، فإنّ صَبَابَتي،
- إذا نَفِدَتْ بالدّمعِ عادَتْ على العَذلِ
- رَمَيتُ العيونَ النُّجلَ أمسِ، فلم أُصِبْ،
- وأقصَدَني الرّامُونَ بالأَعيُنِ النُّجلِ
- فَما قَدْرُ ما أُبقي، إذا كان مَوْضِعي
- من الحبّ أنْ أُبْلَى عَلَيهِ، ولا أُبْلي
- وَلَوْ كنتُ من قَبلِ الهَوَى لم أقُمْ لَهُ،
- فكيفَ انْتَصَافي والهَوى كان من قَبلي
- عَذيرِيَ مِنْ دَاءٍ قَديمٍ تَغَوّلَتْ
- غَوَائِلُهُ، في الدّهْرِ، ألْفَ فتًى مثلي
- أماتَ على عَفَرَاءَ عُرْوَةَ من هَوًى،
- وَبَدّدَ نَفساً مِنْ جَميلٍ على جُمْلِ
- رأى بَعضُهُمْ بَعضاً على الحبّ إِِسْوَةً،
- فَماتوا وَمَوْتُ الحبّ ضرْبٌ من القَتلِ
- وَلَيْسَ لِساني للّئيمِ، ولا يَدي،
- وَلاَ نَاقَتي عندَ البَخيلِ، وَلا رَحلي
- أمُبْلِغَتي أيْدي الرّوَاسِمِ جَعْفَراً،
- فأُحمَدَ في قَوْلٍ، وَيُحْمَدَ في فِعْلِ
- وأعهَدَ كَفّاً غَيرَ مَعقُودَةِ النّدى،
- وعِقْدَ وَدادٍ ثَمّ لَيسَ بمُنْحَلّ
- وَمَا كُلُّ مَنْ يُدعَى كَرِيماً لَدَيهِمِ
- بِندٍّ لَهُ في المَكرُماتِ، ولا مِثْلِ
- وَتِلْكَ سَحَابَاتٌ مَرَرْنَ، وَقَد تَرَى
- تَفَاوُتَ ما بَينَ الرَّذاذِ إلى الهَطْلِ
- فإنْ تَنْفَرِدْ عَنّا قُشَيرٌ بِمَجْدِهِ،
- فلَمْ تَنْفَرِدْ عَنّا بِنَائِلِهِ الجَزْلِ
- وَكُنّا نَرَى بَعضَ النّدَى بعدَ بَعضِهِ،
- فلَمّا انتَجَعناهُ دُفِعْنا إلى الكُلّ
- وَجَدْناه في ظِلّ السّماحةِ مُشرِقاً
- بوَجْهٍ، أرَانَا الشّمسَ في ذلك الظلّ
- عُلاً حُزْتَهَا بالجُودِ والبَذْلِ للُّهَى،
- نأيْتَ بها عَنْ هِمّةِ الحاسِدِ الوَغْلِ
- تَبيتُ على شُغْلٍ، وَلَيسَ بضائِرٍ
- لمَجْدِكَ يَوْماً، أنْ تَبيتَ على شُغْلِ
- كَمَا لَمْ يَنَلْ إبْلِيسُ آدَمَ، إذْ سَعَى،
- وَلَمْ يَمحُ، من نُورِ النّبيّ، أبو جَهْلِ
- وَكَمْ لَكَ منْ وَسْميّ عُرْفٍ تعَرّفَتْ
- لَهُ سِمَةٌ زَهْرَاءُ في طالِبٍ غُفْلِ
- وَمِنْ نِعْمَةٍ في مَعشَرٍ، لوْ دَفَعْتَها
- على جَبَلٍ لانهَدّ مِنْ فادحِ الثّقْلِ
- شكَرْتُكَ شكرِي لامرِىءٍ جادَ ساحتي
- بأنْوَائِهِ، طُرّاً، وَلَمّا أقُلْ جُدْ لي
المزيد...
العصور الأدبيه