الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أفي مستهلات الدموع السوافح >>
قصائدالبحتري
أفي مستهلات الدموع السوافح
البحتري
- أفي مُسْتَهِلاّتِ الدّموعِ السّوَافحِ،
- إذا جُدْنَ، بُرْءٌ من جوًى في الجَوَانحِ
- لَعَمْرِي، لَقَدْ بقَى وَصِيفٌ بهُلكه
- عَقابيلَ سُقمٍ للقلوب الصّحَائحِ
- أسًى مُبرِحٌ، بَزّ العُيُونَ دُمُوعَها،
- لمَثْوَى مُقيمٍ في الثّرَى غيرِ بَارِحِ
- فَيالكَ مِنْ حَزْمٍ وَعَزْمٍ طَوَاهُما
- جَديدُ الرّدى، تحتَ الثرى وَالصّفائحِ
- إذا جَدّ نَاعيهِ، تَوَهّمْتُ أنّهُ
- يُكَرّرُ، مِنْ أخبارِهِ، قَوْلَ مازِحِ
- وَما كنتُ أخشَى أنْ يُرَامَ مَكانُهُ
- بشيءٍ سوَى لحظِ العُيونِ الطّوَامحِ
- وَلَوْ أنّهُ خَافَ الظُّلامَةَ لاعْتَزَى
- إلى عُصَبٍ غُلْبِ الرّقابِ، جحاجحِ
- فَيَا لَضَلالِ الرّأيِ كَيفَ أرَادَهُ
- أحِبّاؤهُ بالمُعْضِلاتِ الجَوَائحِ
- تَغَيّبَ أهلُ النصرِ عَنهُ وَأُحضِرَتْ
- سَفاهَةُ مَضْعُوفٍ، وَتَكثيرُ كاشحِ
- فألاّ نَهاهُمْ، عَنْ تَوَرّدِ نَفْسِهِ،
- تَقَلُّبُ غَادٍ في رِضَاهُمْ، وَرَائحِ
- وَألاّ أعَدّوا بَأسَهُ وَانْتِقَامَهُ،
- لكَبْشِ العَدُوّ المُستَميتِ المُناطحِ
- قَتيلٌ يَعُمُّ المُسْلِمِينَ مُصَابُهُ،
- وَإنْ خَصّ من قُرْبٍ قُرَيشَ الأباطحِ
- تَوَلّى بعَزْمٍ للخِلافَةِ نَاصِرٍ،
- كَلُوءٍ، وَصَدْرٍ للخَليفَةِ ناصِحِ
- وَكَانَ لتَقوِيمِ الأُمُورِ، إذا التَوَتْ
- عَلَيه وَتَدبيرِ الحُرُوبِ اللّوَاقحِ
- إذا ما جَرَوْا في حَلبَةِ الرّأيِ بَرّزَتْ
- تَجاريِبُ مَعرُوفٍ لَهُ السّبقُ قارِحِ
- سقى عَهدَهُ، في كلّ ممسى وَمَصْبَحٍ،
- دِرَاكُ الغُيومِ الغاديات الروائح
- تَعَزّ أمِيرَ المُؤمِنِينَ، فإنّهَا
- مُلِمّاتُ أحداثِ الزّمانِ الفَوَادِحِ
- لَئِنْ عَلِقَتْ مَوْلاكَ صُبحاً فبَعدَما
- أقامَتْ على الأقوَامِ حسرَى النّوَائحِ
- مَضَى غَيرَ مَذمُومٍ، وَأصْبَحَ ذِكرُهُ
- حُليَّ القَوَافي، بَينَ رَاثٍ وَمادِحِ
- فلَمْ أرَ مَفقُوداً لَهُ مِثْلُ رُزْئِهِ،
- وَلا خَلَفاً مِنْ مِثْلِهِ مِثلَ صَالحِ
- وَقُورٌ تُعَانيهِ الأُمُورُ، فتَنْجَلي
- غَيَابَتُهَا عَنْ وَازِنِ الحِلمِ، رَاجحِ
- رَمَيتَ بهِ أُفْقَ الشّآمِ، وَإنّمَا
- رَمَيْتَ بنَجْمٍ في الدُّجُنّةِ لائِحِ
- إذا اختَلَفَتْ سُبلُ الرّجالِ وَجَدْتَهُ
- مُقيماً عَلى نَهجٍ من القول، وَاضِحِ
- سَيُرْضِيكَ هَدْياً في الأُمورِ وَسيرَةً،
- وَيكفيكَ شَعبَ الأبلَخِ المُتَجانِحِ
المزيد...
العصور الأدبيه