الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أفي كل دار منك عين ترقرق >>
قصائدالبحتري
أفي كل دار منك عين ترقرق
البحتري
- أفي كُلّ دارٍ مِنكَ عَينٌ تَرَقْرَقُ،
- وَقَلْبٌ، عَلى طُولِ التّذكّرِ، يخفِق
- نَعَمْ قَد تَباكَين على الشِّعبِ سَاعةً،
- وَمِنْ دُونهِ شِعبٌ للَيْلى مُفَرَّقُ
- عَلى دِمْنَةٍ فيهَا، لأدْمَانَةِ النَّقَا،
- مَحاسِنُ أيّامٍ تُحَبُّ وَتُعْشَقُ
- وَقَفتُ وَأوْقَفتُ الجَوَى موقِفَ الهوَى
- لَياليَ عُودُ الدّهرِ فَيْنانُ مُورِقُ
- فحَرّكَ بَثّي رَبْعُهَا، وَهوَ ساكِنٌ،
- وَجَدّدَ وَجدي رَسمُها وَهوَ مخلِقُ
- سَقَى الله أخْلافاً مِنَ الدّهْرِ رَطْبَةً،
- سقَتنا الجَوَى، إذْ أبرَقُ الحَزْنِ أبرَقُ
- لَيَالٍ سَرَقْنَاها مِنَ الدّهْرِ، بَعدما
- أضَاءَ، بإصْباحٍ منَ الشّيبِ، مَفرِقُ
- تَداوَيتُ مِنْ لَيلى بلَيلى، فَما اشتفَى
- بماءِ الرُّبا مَنْ باتَ بالمَاءِ يَشرَقُ
- لَقَدْ عَلِمَتْ عِيدِيّةُ العِيسِ أنّني
- أخُبُّ، إذا نامَ الهِدانُ، وَأُعْنِقُ
- وَلا أصْحَبُ الذّكرَى إذا ما ذكرْتُها،
- وَلَوْ هَتَفَتْ وَرْقاءُ، وَاللّيلُ أوْرَقُ
- خرَجْنا بها في البِيضِ بِيضاً فلَمْ نرَ الـ
- ـدّ آدىءَ، إلاّ وَهيَ مِنهُنّ أمْحَقُ
- هَشَمْنَ إلى ابنِ الهَاشِمِيّةِ أوْجُهاً
- عَوَابِسَ، للبَيْداءِ، مَا تَتَطَلّقُ
- لَقاسِينَ لَيْلاً، دونَ قاسانَ، لم تكَدْ
- أوَاخِرُهُ، مِنْ بُعدِ قُطرَيهِ، تُلحَقُ
- نَوَيْنَ مَقَاماً بَيْنَ قُمٍّ وَآبَةٍ،
- عَلى لُجّةٍ طَلْحِيّةٍ تَترَفّقُ
- بحَيْثُ العَطَايا مُومِضَاتٌ سَوَافِرٌ
- إلى كلّ عافٍ، وَالمَوَاعيدُ فُرَّقُ
- فضَلّتْ كَحَسّانٍ، وَظَلّ مُحَمّدٌ
- كَحارِثِ غَسّانٍ، وَأبّةَ جِلّقُ
- مَنَازِلُ، لا صَوْتي بهِنّ مُخَفَّضٌ
- غَرِيبٌ، وَلا سَهمي لَدَيْهِنّ أفْوَقُ
- أرَحْنَ عَلَيْنَا اللّيلَ، وَهوَ مُمسَّكٌ،
- وَصَبّحَنَا بالصّبحِ وَهْوَ مُخَلَّقُ
- لَدَى أشْعَرِيٍّ يَعلَمُ الشّعْرُ أنّهُ
- سَيَنْزِعُ في تَصْديقِهِ، ثمّ يُغْرِقُ
- لَقيتُ نَداهُ بالعِرَاقِ، وَأوْمَضَتْ
- لَهُ بالجِبَالِ مُزْنَةٌ تَتَألّقُ
- عَطاءٌ كضَوْءِ الشّمسِ عَمَّ، فمَغرِبٌ
- يكُونُ سَوَاءً في سَنَاهُ، وَمَشرِقُ
- فَلَوْ ذارَعَتْ أخلاقُهُ الغَيثَ حَافِلاً
- لحَاجَزَها باعٌ منَ الغَيثِ ضَيّقُ
- بَدا ماثلاً إذْ كوْكبُ الجودِ خافِقٌ؛
- وَطالِبُهُ رَثُّ الوَسَائِلِ، مُخفِْقُ
- فأنْفَقَ في العَلْيَاءِ، حَتّى حَسِبْتُه
- منَ الدّهرِ يُعطي أوْ من الدّهرِ يُنفِقُ
- ضَحوكٌ إلى الأبطالِ، وَهوَ يَرُوعُهم،
- وَللسّيفِ حَدٌّ حينَ يَسطو، وَرَوْنَقُ
- حَيَاةٌ وَمَوْتٌ وَاحِدٌ مُنْتَمَاهُمَا،
- كَذلكَ غَمْرُ المَاءِ يُرْوِي، وَيُغرِقُ
- وَفي كلّ حالٍ مِنْهُ مَجْدٌ يُنِيرُهُ
- لَهُ خُلُقٌ مَا دَبّ فيهِ تَخَلُّقُ
- فلا بَذلَ، إلاّ بَذْلُهُ، وَهوَ ضَاحكٌ،
- وَلا عَزْمَ، إلاّ عَزْمُهُ، وَهوَ مُطرِقُ
- عَلَىُّ بْنُ عِيسى بْنِ مُوسى بنِ طَلْحَةَ
- بْنِ سَائِبٍ بْنِ مَالِكٍ حِينَ يُرْمَقُ
- رِوَاءً وَرَأىٌ عِندَما تُنقَضُ الحُبَى،
- وَتُرْعِدُ أشْبَاهُ الخُطوبِ وَتُبرِقُ
- وَمَا النّاسُ إلاّ سِرْبُ خَيْلٍ، فمنهُمُ
- على لَوْنِ أسلافٍ قَدُمْنَ وَمُبلِقُ
- إذا سَارَ في ابْنَيْ مالِكٍ قَلِقَ القَنَا
- على جَبَلٍ، يَغشَى الجِبَالَ، فتَقلَقُ
- عَفَارِيتُ هَيْجاءٍ، كأنّ خَميسَهمْ
- به، حينَ تَلقاهُ الكَتائبُ، أوْلَقُ
- هُمُ نَصَرُوا ذاكَ اللّوَاءَ، وَقد غَدَتْ
- ذَوَائِبُهُ فَوْقَ الذّوَائِبِ، تَخفُقُ
- فلَمْ يَبقَ، في حَيثُ الصّعاليكُ، مُخبرٌ
- عنِ القوْمِ، كيفَ استَجْمعُوا ثمّ فُرّقوا
- وَيَوْمَ رَأى الأكْرَادُ بَرْقَ سِنَانِهِ
- يَتُجُّ دَماً فيهمِْ، فَوَبْلٌ، وَرَيّقُ
- تَوَلّوا، فَهَامٌ بالفِرَارِ مُعَيَّرٌ
- دُهُوراً، وَهَامٌ بالسّيوفِ مُفَلَّقُ
- أبَا جَعفَرٍ هَذِي مَساعيك غَضّةً،
- وَهَذا لِسَاني قَاطِعُ الحَدّ، مُطلَقُ
- نَطَقْتُ، فأفحَمتُ الأعادي، وَلم يكن
- ليُفحِمَني جُمهُورُهمْ، حينَ َينْطِقُ
- بِكُلّ مُعَلاّةِ القَوَافي كَأنّهَا،
- إذا أُنْشِدَتْ في فَيْلَقِ القَوْمِ، فَيلَقُ
- فَلا عَرْفَ إلاّ عِندَ مَنْ باتَ شكرُهُ،
- لبُعدِ التّنَائي، مُشئِماً وَهوَ مُعرِقُ
- تَمَنّى رِجَالٌ أنْ تُضَامَ مَطالبي،
- فتَكْدَرَ في جَدوَاكَ، ثمّ تَرَنَّقُ
- وَفَاؤكَ سِتْرٌ دونَ ذَلِكَ مُسْبَلٌ،
- وَجُودُكَ بَابٌ، دونَ ذلكَ، مُغلَقُ
- تُبَادِرُ في الإِفْضال، حَتّى كَأنّمَا
- تُجارِي رَسيلاً فيهِ قَد كادَ يَسبِقُ
- وَمَا للعُلاَ مِنْ طالِبٍ فتَمَهّلَنْ،
- وَلَوْ طُلِبَتْ ما كانَ مثلُكَ يَلحَقُ
المزيد...
العصور الأدبيه