الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أعاد شكوى من الطيف الذي اعتادا >>
قصائدالبحتري
أعاد شكوى من الطيف الذي اعتادا
البحتري
- أعادَ شَكوى منَ الطّيفِ الذي اعتَادَا،
- رُشْداً تَوَخّيتُ أمْ غَيّاً وَإفْنَادَا
- ألَمّ بي، وَبَياضُ الصّبحِ مُنتَظَرٌ،
- قَدْ رَقّ عَنهُ سَوَادُ اللّيلِ، أوْ كادَا
- فأيُّ مُفتَرَقٍ لَمْ يَبْتعِثْ أسَفاً،
- وَمُلْتَقًى لَمْ يَكُنْ للبَثّ ميعادا
- أتْوَيْتَ لُبّي، وَمن شأنِ المُحبّ، إذا
- ما قيدَ للشّيْءِ يتوِي لُبَّهُ انْقَادَا
- يَرْجو العَوَاذِلُ إقصَارِي، وَفي كبدي
- نَارٌ تَزِيدُ، على الإطْفَاءِ، إيقَادَا
- ما حقُّنَا من سُلَيمى، أنْ تَقيضَ لَنا
- بالبَذْلِ مَنعاً، وَبالإدْنَاءِ إبْعَادَا
- غادَتْكَ منها، غَداةَ السّبتِ، مؤذِنةٌ
- بنِيّةٍ، وَأشَقُّ الكُرْهِ مَا غَادَى
- كانَتْ أثَانِينَ أيّامُ الفِرَاقِ، فَقَدْ
- صَارَتْ سُبُوتاً نُخشَاها، وَآحَادَا
- أدِلّةُ المَرْءِ أيّامُ عُدِدْنَ لَهُ،
- يُرِينَهُ القَصْدَ تَقْوِيماً، وَإرْشَادَا
- وقد يطالبن ما قدمن من سلف
- فيه فينقصنه الفضل الذي ازدادا
- حتى يعود الجديد المشتري خلقاً
- ترذله العين والمنصات منآدا
- أكثرْتَ عَن مُتر في مصرَ السّؤالَ، وَلن
- تَلْقَى ثَمُوداً بِوَاديهَا، وَلا عَادَا
- لمْ أرَ مثلَ الرّدَى وِرْداً وَفَى بهِمِ،
- وَلا كحشدِ بني اللّكعاءِ وُرّادَا
- من حَينِهِمْ أنّ عكسَ الحَظّ أعلقَهم
- حُتوفَهم، ما ابتَغى مَنّاً، وَلا فادَى
- ألله أعْلَى عَلِيّاً في مِرَاسِهِمِ
- عَنّا، وكادَ لَهُ الحزْبَ الذي كادَا
- ما زال يَعمَلُ، وَالأقدارُ تَرْفُدُهُ،
- للسّيفِ حَصْداً، وَللهاماتِ إحصَادَا
- لا تُستَعارُ الهُوَيْنا في صَريمَتِهِ
- إن ساتر الحمر الأعداء أوْ بادَى
- بَنو الحُسَينِ كُنوزُ الدّهرِ من كَرَمٍ،
- لا يرِثُ الدّهرُ أقصاهُنّ إنفَادَا
- مُكَرَّرُونَ عَلى الأيّامِ في شِيَمٍ،
- تَقَيّلُوها أُبُوّاتٍ وَأجْدَادَا
- أفْرَادُ أُكْرُومَةٍ لا يُشرَكونَ، وَقدْ
- تُدْعى الصّوَارِمُ في الأجْفانِ أفرَادَا
- إنْ ساوَقَ المَحْلَ أقْوَامٌ ببُخلِهِمِ،
- جَاءُوا مَعَ المَطَرِ الرِّبْعيّ أجوَادَا
- مُخَيِّمُونَ عَلى سَيْحِ العِرَاقِ، أبتْ
- إلاّ سُمُوّاً مَساعيهِمْ وَإنْجَادَا
- تخَيّرُوا الأرْضَ قبلَ النّاسِ أم عمَرُوا،
- لَدَى الدّساكرِ تلكَ الأرْضَ رُوّادَا
- تُمسِي سهولاً لهمْ يَرْضَوْنَ بَسطَتَها،
- وَيُصْبِحُونَ لهَا بالعِزّ أوْتَادَا
- يُرَفَّهُونَ بِسَيْحِ النّهْرَوَانِ، إذا
- ضَنّ السّحابُ بجارِي سَيْلِهِ جَادَا
- فازُوا بأرْحَبِ دارٍ مِنْهُ أفْنِيَةً،
- فِيحاً، وَأقدَمِ مُلْكٍ منه ميلادَا
- وَما نُخِلُّ بتَقرِيظٍ نَخُصُّ بِهِ
- أبَا مُحَمّدِهمْ شكراً، وَإحمادَا
- من خَيرِهمْ خُلُقاً سَمحاً، وَأقعَدِهم
- فَضْلاً، وأكثرِهمْ في السّرْوِ إسنادَا
- يرضيك من حسن قصد إلى حسن
- أخلد يرمي إلى علياه أخلادا
- ما دَيرُ عاقُولِكُمْ بالبُعْدِ مانِعُنَا
- مِنْ أنْ نَجيئَكَ مِنْ بَغدادَ عُوّادَا
- نُجِدُّ عَهداً بأوْفَى المُفضِلينَ نَدًى،
- وَأقْوَمِ القَوْمِ في خَطْبٍ، وَإنْ آدَا
- لا تَنْظُرَنّ إلى الفَيّاضِ مِنْ صِغَرٍ
- في السِّنِّ، وانْظُرْ إلى المَجْدِ الذي شادا
- إنّ النّجومَ، نجومَ اللّيلِ، أصْغَرُها
- في العَينِ أذْهَبُها في الجَوّ إصْعادَا
- لَنَا عَوَارِفُ نُعمَى مِنْ تَطَوّلِهِ،
- يُضْعَفنَ فوْقَ صُرُوفِ الدّهرِ أعدادَا
- تَدَفُّقُ البَحرِ، إنْ بادَهْتَ جُمّتَهُ،
- سَقتكَ رَيّا، وَإنْ عاوَدْتَهُ عَادَا
- وَكَمْ أنَافَتْ مِنَ الأبْناءِ مَكْرُمَةٌ
- مَشهُودَةٌ، تَدَعُ الآبَاءَ حُسّادَا
- أنْتُمْ مَيامينُ في الحاجاتِ نَطلُبُها،
- وَلَسْتُمُ مُستَقِلّي النّفْعِ أنْكَادَا
- ثَلاثَةٌ تُسرِعُ النُّجحَ المَكيثَ، إذا
- تَسَانَدوا فيهِ أعْواناً وَرُفّادَا
المزيد...
العصور الأدبيه