الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أطاع عاذله في الحب إذ نصحا >>
قصائدالبحتري
أطاع عاذله في الحب إذ نصحا
البحتري
- أطَاعَ عَاذِلَهُ، في الحُبّ، إذْ نَصَحَا،
- وَكَانَ نَشْوَانَ من سُكرِ الهَوَى فَصَحَا
- فَمَا يُهَيّجُهُ نَوْحُ الحَمَامِ، إذا
- ناحَ الحَمامُ على الأغصَانِ أوْ صَدَحَا
- وَلا يقِيضُ على الأظْعَانِ عَبرَتُهُ،
- إذا نأيْنَ، وَلَوْ جَاوَزْنَ مُطّلَحَا
- وَرُبّمَا اسْتَدْعَتِ الأطْلالُ عَبرَتَهُ،
- وَشَاقَهُ البرْقُ من نَجدٍ، إذا لَمِحَا
- ما كانَ شَوْقِي بِبِدْعٍ يوْمَ ذاكَ وَلاَ
- دَمْعي بأوّلِ دَمْعٍ في الهَوَى سَفَحَا
- وَلِمّةٍ كُنْتُ مَشْغُوفاً بِجِدّتِها،
- فَمَا عَفَا الشّيبُ لي عَنها ولا صَفَحَا
- إذا نَسيتُ هَوَى لَيْلَى أشَادَ بهِ
- طَيفٌ سَرَى في سَوَادِ اللّيلِ إذْ جَنَحَا
- دَنَا إليَّ عَلى بُعْدٍ، فأرَّقَنِي،
- حَتَّى تَبَلَّجَ ضوء الصُّبْحِ فاتَّضَحَا
- عَجبتُ منهُ تَخَطّى القاعَ مِن إضَمٍ،
- وَجَاوَزَ الرّملَ منْ خَبْتٍ وَمَا بَرِحَا
- ها إنّ سَعْيَ ذَوِي الآمالِ قد نَجَحَا،
- وإنّ بَابَ النّدَى بالفَتْحِ قدْ فُتِحَا
- أغَرُّ يَحْسُنُ مِنْهُ الفِعْلُ مُبْتَدِئاً
- نُعْمَى، وَيَحْسُنُ فيه القوْلُ مُمْتَدَحا
- رَدَّ المَكَارِمَ فِينَا، بَعدَ ما فُقِدَتْ،
- وَقَرّبَ الجُودَ مِنّا، بَعدَ ما نَزَحَا
- لا يَكْفَهِرُّ، إذا انحازَ الوَقارُ بهِ،
- وَلا تَطِيشُ نَوَاحِيهِ إذا مَزَحَا
- خَفّتْ إلى السّؤدَدِ المَجْفُوّ نَهْضَتُهُ،
- وَلَوْ يُوَازِنُ رَضْوَى حِلْمُهُ رَجَحَا
- وَلَجّ في كَرَمٍ، لا يَبْتَغِي بَدَلاً
- مِنهُ، وإنْ لاَمَ فيهِ عَاذِلٌ وَلَحَى
- يا أيّها المَلِكُ المُوفي بِغُرّتِهِ،
- تَلألؤَ الشّمسِ لاحَتْ للعُيُونِ ضُحَى
- هَنَاكَ أنّ أعَزّ النّاسِ كُلّهِمِ
- عَليكَ غادي الغَداةِ الرّاحَ مُصْطَبِحَا
- يَسُرُّهُ شُرْبُهَا طَوْراً، وَيُحْزِنُهُ
- ألاّ تُنَازِعَهُ في شُرْبِهَا القَدَحَا
- قَدِ اعتَلَلْتُ، أوَانَ اعتَلّ، من شَفَقٍ
- علَيهِ، فاصْلُحْ لَنَا بُرْءاً، كَما صَلُحَا
المزيد...
العصور الأدبيه