الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أراني متى أبغ الصبابة أقدر >>
قصائدالبحتري
أراني متى أبغ الصبابة أقدر
البحتري
- أرَاني مَتى أبْغِ الصّبَابَةَ أقْدِرِ،
- وإنْ أطْلُبِ الأشْجَانَ لا تَتَعَذّرِ
- أعُدُّ سِنيّ فَارِحاً بمُرُورِها،
- وَمَأتَى المَنَايَا منْ سنيّ وأشهُرِي
- واهوى امتداد العمر وامتدى حبله
- وما قيض للأحزان قيض المعمري
- وَمَا خِلْتُ تَبكي بَعْدَ قَيصَرَ خُلّةً،
- لكُلّ مُحِبٍ قَيصَرُ مثلُ قَيصرِي
- نَعَمْ في ابنِ بِسْطامٍ وَزِبرَجَ أُسوَةٌ،
- وَوَفْرٌ عَلى الأيّامِ، وابنِ المُدَبِّرِ
- وَبَرّحَ بي في زِبْرِجٍ أنّ يَوْمَهُ
- تَعَجّلَ لم يُمهِلْ، وَلمْ يَتَنَظّرِ
- مَتَاعٌ منَ الدّنْيا حَظيٌّ، ومن يَفُتْ
- حَظيّاً من الدّنيا فيُحْزِنْهُ يُعذَرِ
- أسِيتُ لمَوْلاهُ على حُسنِ مَسمَعٍ،
- خَليقٍ بشُغْلِ السّامعينَ، وَمَنْظَرِ
- مُضِىءٌ تَظَلُّ العَينُ تَصْبِغُ خَدَّهُ،
- مَتى تَثْنِ فيهِ لَحْظَةً تَتَعَصْفَرِ
- كأنّ النّجُومَ الزُّهْرَ أدّتْهُ خالصاً
- لزُهرَةِ صُبْحٍ قد تَعَلّتْ وَمُشتري
- يَشيدُ بحاجاتِ النّفُوسِ، إذا اعتَزَى
- إلى ابنِ سُرَيجٍ أوْ حكى ابنَ مُحزرِ
- لَنِعمَ شَرِيكُ الرّاحِ في لُبّ ذي الحجى
- إذا استَهلَكَتهُ بينَ نايٍ وَمِزْهَرِ
- وَمُغْتَالُ طُولِ اللّيلِ حتى يُقيمَنَا
- على ساطعٍ من طُرّةِ الفَجرِ أحمَرِ
- غَرِيرٌ، متى تُخلَطْ بهِ النّفسُ تَبتَهجْ
- لَهُ، وَمَتى يُقرَنْ بهِ العَيشُ يَقْصُرِ
- إذا ما تَرَاءَتْهُ العُيُونُ تَحَدّثَتْ
- بكُلّ مُسَرٍّ، من هَوَاها، وَمُضْمَرِ
- وأعتَدُّ إبْهَامي أشَدّ أصَابعي،
- ولَمْ يَتَحَمّلْ خاتمي حَملَ خنصِرِي
- يقولون: لم يكبر فيشتد رزؤه
- وكان الهوى نحلا لأصغر أصغر
- أوَعْكُ مَنُونَا صَارَ للمَوْتِ مَوْرِداً،
- وَكَان ارتِقَابُ المَوْتِ من وَعكِ خَيبرِ
- وَمنْ نَكَدِ الأيّامِ إيبَاءُ حِلّةٍ،
- عَذاةِ النّواحي بينَ كَوْثَى وَصَرْصَرِ
- فلَوْ كانَ مَاتَ اللُّوغَبْرديُّ قَبْلَهُ،
- وأخّرَ في البَاقينَ مَنْ لمْ يُؤخَّرِ
- إذاً لأسَغْنَا الحَادِثَاتِ التي جَنَتْ،
- وَلمْ نَتّبعْهَا بالمَلامِ، فَنُكْثِرِ
- يُطَيَّبُ بالكَافُورِ مَنْ كانَ نَشْرُهُ
- أطَلَّ من الكَافُورِ، لَوْ لَمْ يُكَفَّرِ
- وَتُدْرَجُ في البُرْدِ المُحَبَّرِ صُورَةٌ،
- كَتَوْشِيَةِ البُرْدِ الصّنيعِ المُحَبَّرِ
- قَسَتْ كَبِدٌ لمْ تَعْتَللْ لفرَاقهِ،
- وَقَلْبٌ إلى ذِكْراهُ لَمْ يَتَفَطّرِ
- عَلَيْكَ أبَا العَبّاسِ بالصّبرِ طَيّعاً،
- فإنْ لمْ تَجِدْهُ طَائعاً، فتَصَبّرِ
- وَلاَ بُدّ أنْ يُهْرَاقَ دَمْعٌ، فإنّما
- يُرَجّى ارتقاءُ الدّمعِ بَعدَ التّحَدّرِ
- إذا أنْتَ لمْ تَنْضَحْ جَوَاكَ بعَبرَةٍ،
- غَلاَ في التّمَادي أوْ قَضَى في التّسَعّرِ
المزيد...
العصور الأدبيه