الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أخي إنه يوم أضعت به رشدي >>
قصائدالبحتري
أخي إنه يوم أضعت به رشدي
البحتري
- أخي إنّه يَوْمٌ أضَعتُ بهِ رُشْدِي،
- وَلم أرْضَ هَزْلي في انصرَافي، وَلا جدّي
- تَرَكْتُكَ لمّا استَوْقَفَ الدَّجنُ رَكبَه
- علَينا وَطارَ البرْقُ خَوْفاً منَ الرّعدِ
- فلا ترَ بالخَضرَاءِ مثلَ الذي رَأى
- صَديقُك بالدّكْناءِ من عَوْده المُبدِي
- لَجَرَّ عَليّنا الغَيْثُ هُدّابَ مُزْنَةٍ،
- أوَاخِرُها فيهِ، وَأوّلُها عِنْدِي
- تَعَجّلَ عَنْ ميقَاتِهِ، فكأنّهُ
- أبُو صَالحٍ قَدْ بِتُّ مِنْهُ على وَعْدِ
- فظِلْتُ أُقاسِي حارِثيّكَ بَعدمَا انْـ
- ـصرَفتُ، فسَلني عَن مُعاشرَةِ الجُنْدِ
- لَدَى خُلُقٍ جَاسِي النّوَاحي، كأنّني
- أُصَارِعُ منهُ هاديَ الأسَدِ الوَرْدِ
- إنّي لفِعْلِكَ، يا مُحَمّدُ، حامدُ،
- وَإلَيْكَ بالأمَلِ المُصَدَّقِ، قاصِدُ
- يُوصِيكَ بي عَطفُ القرِيبِ، وَمَذهبٌ
- في الرّشدِ، سهّلَهُ أمامكَ رَاشِدُ
- ولقد هززت فكنت أحمد منصل
- غمدته لخمك في العلا أو غامد
- أدْعُوكَ بالرّحِمِ القَرِيبَةِ، إنّها
- وَلْهَى، تَحِنُّ كمَا نَحِنُّ الفَاقِدُ
- وَبحُرْمَةِ الأدَبِ المُقَرِّبِ بَيْنَنَا،
- وَالنّاسُ فيهِ أقَارِبٌ وَأبَاعِدُ
- وَقِيَامِنَا بالإعْتِقَادِ، وَنَصْرِنَا
- للحَقّ، إنْ نَصَرَ الضّلالَ مُعَانِدُ
- إنّ الأمِيرَ، وَإنْ تَدَفّقَ جُودُهُ،
- فجَنَابُ جودكَ كَيفَ شاءَ الرّائدُ
- أوْ كانَ في كَرَمِ السّماحةِ وَاحِداً،
- فلأنْتَ في كَرَمِ العِنَايَةِ وَاحِدُ
- وَلَقَدْ غَدَوْتَ أخاً وَرُحتَ برَأفَةٍ،
- وَحِيَاطَةٍ، حتّى كأنّكَ وَالِدُ
- وَبَدَأتَ في أمْرٍ، فَعُدْ، إنّ الفَتى
- بَادٍ لِمَا جَلَبَ الثّنَاءَ، وَعَائِدُ
- لَمْ أنْأ عَمّا كُنْتُ فيهِ، وَلَمْ أغِبْ
- عَنْ حَظّ مكرمةٍ، وَرَأيُكَ شَاهِدُ
المزيد...
العصور الأدبيه