الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أخفي هوى لك في الضلوع وأظهر >>
قصائدالبحتري
أخفي هوى لك في الضلوع وأظهر
البحتري
- أُخْفي هَوًى لكِ في الضّلوعِ، وأُظهِرُ،
- وأُلامُ في كَمَدٍ عَلَيْكِ، وأُعْذَرُ
- وَأرَاكِ خُنتِ على النّوى مَنْ لَم يخُنْ
- عَهدَ الهَوَى، وَهجَرْتِ مَن لا يَهجُرُ
- وَطَلَبْتُ مِنْكِ مَوَدّةً لَمْ أُعْطَهَا،
- إنّ المُعَنّى طالِبٌ لا يَظْفَرُ
- هَلْ دَينُ عَلْوَةَ يُستَطَاعُ، فيُقتَضَى،
- أوْ ظُلْمُ عَلْوَةَ يَستَفيقُ فَيُقْصَرُ
- بَيْضَاءُ، يُعطيكَ القَضِيبَ قَوَامُهَا،
- وَيُرِيكَ عَينَيها الغَزَالُ الأحْوَرُ
- تَمشِي فَتَحكُمُ في القُلُوبِ بِدَلّها،
- وَتَمِيسُ في ظِلّ الشّبابِ وفَتَخطُرُ
- وَتَميلُ مِنْ لِينِ الصّبا، فَيُقيمُها
- قَدٌّ يُؤنَّثُ تَارَةً، ويُذَكَّرُ
- إنّي، وإنْ جانَبْتُ بَعضَ بَطَالَتي،
- وَتَوَهَّمَ الوَاشُونَ أنّيَ مُقْصِرُ
- لَيَشُوقُني سِحْرُ العُيُونِ المُجتَلَى،
- وَيَرُوقُني وَرْدُ الخُدُودِ الأحْمَرُ
- ألله مَكّنَ، للخَليفَةِ جَعْفَرٍ،
- مِلْكاً يُحَسّنُهُ الخَليفَةُ جَعفَرُ
- نُعْمَى مِنَ الله اصْطَفَاهُ بِفَضْلِها،
- والله يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَيَقْدُرُ
- فَاسْلَمْ، أميرَ المُؤمِنِينَ، وَلاَ تَزَلْ
- تُعْطَى الزّيادَةَ في البَقَاءِ وَتُشكَرُ
- عَمّتْ فَوَاضِلُكَ البَرِيّةَ، فالتَقَى
- فيها المُقِلُّ عَلى الغِنَى والمُكثِرُ
- بِالبِرّ صُمْتَ، وأنتَ أفضَلُ صَائِمٌ،
- وَبسُنّةِ الله الرّضِيّةِ تُفْطِرُ
- فَانْعَمْ بِيَوْمِ الفِطْرِ عَيْناً، إنّهُ
- يَوْمٌ أغَرُّ مِنَ الزّمَانِ مُشَهَّرُ
- أظهَرْتَ عِزّ المِلْكِ فيهِ بجَحْفَلٍ
- لَجِبٍ، يُحَاطُ الدّينُ فيهِ ويُنصَرُ
- خِلْنَا الجِبَالَ تَسِيرُ فيهِ، وقد غدتْ
- عُدَداً يَسِيرُ بها العَديدُ الأكْثَرُ
- فالخَيْلُ تَصْهَلُ، والفَوَارِسُ تدَّعي،
- والبِيضُ تَلمَعُ، والأسِنّةُ تَزْهَرُ
- والأرْضُ خَاشِعَةٌ تَمِيدُ بِثِقْلِهَا،
- والجَوُّ مُعتَكِرُ الجَوَانِبِ، أغْبَرُ
- والشّمسُ مَاتِعَةٌ، تَوَقَّدُ بالضّحَى
- طَوْراً، ويُطفِئُها العَجاجُ الأكدرُ
- حتّى طَلَعتَ بضَوْءِ وَجهِكَ فانجلتْ
- ذاكَ الدّجَى وانجابَ ذاكَ العِثْيَرُ
- يَجِدونَ رُؤيَتَكَ،التي فَازوا بها
- مِنْ أنْعُمِ الله التي لا تُكْفَرُ
- ذَكَرُوا بطَلْعَتِكَ النّبيَّ ، فهَلّلُوا
- لَمّا طَلَعتَ من الصّفوفِ،وَكَبّرُوا
- حتّى انتَهَيْتَ إلى المُصَلّى،لابِسًا
- نُورَ الهدى،يَبدو عَلَيكَ وَيَظهَرُ
- ومَشَيتَ مِشيَةَ خاشعٍ مُتَوَاضِعٍ
- لله لا يُزْهَى، وَلا يَتَكَبّرُ
- فَلَوَ أنّ مُشتَاقَاً تَكَلّفَ غَيرَ مَا
- في وُسْعِهِ لَمشَى إلَيكَ المِنْبَرُ
- أُيّدْتَ مِنْ فَصْلِ الخِطَابِ بِخطبةٍ
- تُنبي عَنِ الحَقّ المُبينِ وَتُخْبِرُ
- وَوَقَفْتَ في بُرْدِ النّبيّ، مَذَكِّراً
- بالله، تُنْذِرُ تَارَةً، وَتُبَشِّرُ
- وَمَوَاعِظٌ شَفَتِ الصّدُورَ مِنَ الذي
- يَعْتَادُها، وَشِفَاؤها مُتَعَذِّرُ
- حتّى لقَد عَلِمَ الجَهُولُ، وأخلَصَتْ
- نَفسُ المُرَوّى، واهتَدَى المُتَحَيّرُ
- صَلَّوْا وَرَاءَكَ، آخِذِينَ بعِصْمَةٍ
- مِنْ رَبّهِمْ وَبِذِمّةٍ لا تُخْفَرُ
- فَسْعد بِمَغْفِرَةِ الإلَهِ، فلَمْ يَزَلْ
- يَهَبُ الذُّنُوبَ لمَنْ يَشَاءُ، ويَغفِرُ
- ألله أعْطَاكَ المَحَبّةَ في الوَرَى،
- وَحَبَاكَ بالفَضْلِ الذي لا يُنْكَرُ
- وَلأنْتَ أمْلأُ للعُيُونِ لَدَيْهِمِ،
- وأجَلُّ قَدْراً، في الصّدُورِ، وأكبَرُ
المزيد...
العصور الأدبيه