الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أحاجيك هل للحب كالدار تجمع >>
قصائدالبحتري
أحاجيك هل للحب كالدار تجمع
البحتري
- أُحاجِيكَ، هل للحُبّ كالدّارِ تَجمعُ،
- وَللهَائِمِ الظّمْآنِ كالسَماءِِ يَنقَعُ
- وَهَلْ شَيّعَ الأظعانَ، بَغتاً فراقُهمْ،
- كمُنهَلَةٍ تَدمَى جوًى، حينَ تدمَعُ
- أمَا رَاعَكَ الحَيُّ الحِلالُ بهَجْرِهِمْ،
- وَهُمْ لَكَ غَدْواً، بالتّفَرّقِ، أرْوَعُ
- بلى، وَخَيَالٍ مِنْ قَتَيلَةَ، كُلّمَا
- تأوّهْتُ مِنْ وَجْدٍ، تَعَرّضَ يُطمِعُ
- إذا زَوْرَةٌ مِنْهُ تَقَضّتْ معَ الكَرَى،
- تَنَبّهْتُ مِنْ فَقْدٍ لَهُ أتَفَزّعُ
- تَرَى مُقْلَتي ما لا تَرَى في لِقَائِهِ،
- وَتَسْمَعُ أُذْني رَجْعَ ما لَيْسَ تَسمَعُ
- وَيَكفيكَ مِنْ حَقٍّ تَخَيُّلُ بَاطِلٍ
- تُرَدُّ بِهِ نَفْسُ اللّهِيفِ، فَتَرْجِعُ
- أعَنْ واجِبٍ ألاّ يُسامِحَ جانِبٌ
- مِنَ العَيشِ، إلاّ جانِبٌ يَتَمَنّعُ
- وَرَيْعُ الشّبَابِ آضَ نَهباً مُفَرَّقاً،
- وَكَانَ قَديماً وَهْوَ غُنْمٌ مُجَمَّعُ
- أُسِفُّ، إذا أسْفَفْتُ أدْنُو لمَطْلَبٍ
- خَفٍ، وأرَاني مُثرِياً حينَ أقْنَعُ
- نَصِيبُكَ في الأُكْرُومَتَيْنِ، فإنّمَا
- يَسُودُ الفتى من حَيثُ يَسخو وَيَشجُعُ
- يَقِلُّ غَنَاءَ القَوْسِ، نَبْعُ نِجارِها،
- وَساعِدُ مَنْ يَرْمي عن القوسِ خَرْوَعُ
- فَلاَ تُغْلِيَنْ بالسّيفِ كُلَّ غَلائِهِ،
- ليَمضي، فإنّ القَلْبَ لا السّيفُ يَقطعُ
- إذا شئتَ حازَ الحَظَّ دونَكَ وَاهِنٌ،
- وَنَازَعَكَ الأقْسامَ عَبدٌ مُجَدَّعُ
- وَمَا كَانَ ما أسْدَى إليّ ابنُ يَلْبَخٍ
- سوَى حُمَةٍ من عَارِضِ السّمّ تُنْزَعُ
- أجِدَّكَ، ما المَكْرُوهُ إلا ارتِقَابُهُ،
- وأبْرَحُ مِمّا حَلّ مَا يُتَوَقّعُ
- وَقد تَتَنَاهَى الأُسدُ من دونِ صَيدِها،
- شِبَاعاً، وَتَغشَى صَيدَها، وَهيَ جوّعُ
- إذا اعتَرَضَ الخابُورُ، دُونَ جِيادِنا،
- رِعالاً، فخَدُّ ابنِ اللّئيمَةِ أُضرِعُ
- وَفي سَرَعانِ الخَيْلِ يُمْنٌ، وزَارَتي
- أَبيٌّ يُحامي عَنْ حَرِيمي، وَيَدْفَعُ
- نُصَارِعُ عَنّا الحادثاتِ، إذا عَرَتْ
- بِهِ، وَهوَ مشغولُ الذّراعِ، فنَصرَعُ
- بمُنْخَفِضٍ عَنْ قَدْرِهِ، وَهوَ يَعْتلي،
- وَمُنْخَدِعٍ عَنْ حَظّهِ، وَهوَ يخدَعُ
- إذا النّفَرُ الجَانُونَ لاذُوا بعَفْوِهِ،
- تَغَمّدَ مُغْشِيَّ الفِنَاءِ مُوَسَّعُ
- لَهُمْ عادَةٌ مِنْ عَفْوِهِ، وَعَلَيْهِمِ
- جَرَائِرُ جابَوْا أمسِ فيها، وَضَيّعُوا
- وَمَا ظَفرتْ مِنهُمْ خُرَاسان ُبالَّتِي
- أَقامَتْ إِليْهَا بُرهَةً تتَطلَّع
- يُحيطُ بأقصَى ما يُخَافُ، وَيُرْتَجَى
- تَظَنّيهِمُ، أيَّ الأصَانيعِ يَصْنَعُ
- بِجدِّ العُلا أَنَّ العَلاَءَ بْن صاعِدٍ
- عَلا صَاعِداً يقْصُو مَدَها ويفْرَعُ
- رَعى المُلكَ مِنْ أَقْطَارهِ ،ومُغَلَّّسٌ
- عَلى المُلكِ مَنْ وفدَاهُ كِسرىوتُبَّعُ
- تَجَهُّمُهُ رَوْعُ القُلوبِ، وَبِشرُهُ
- بَرِيدٌ يبُشرَى ما يُنَوِّلُ مُسْرِعُ
- خَليلٌ، أتَاني نَفْعُهُ عِنْد حَاجَتي
- إلَيْهِ، وَمَا كُلُّ الأخِلاّءِ يَنْفَعُ
- يُشَفّعُني فيمَا يَعِزُّ وَجُودُهُ،
- وَيَمْهَدُ لي عِنْدَ الرّجَالِ، فيَشفَعُ
- سَرَى الغَيثُ يَرْوِي عَزْرُهُ حِينَ يَنبَرِي،
- وَتَتْبَعُهُ أكْلاؤهُ حينَ يُقْلِعُ
- عَدَتْكَ أبا عِيسَى الخُطُوبُ وَلاَ يَزَلْ
- يُؤاتِيكَ إقْبَالٌ مِنَ الدّهْرِ، طَيّعُ
- زَرَعْتُ الرّجاءَ في ذُرَاكَ مُبَكِّراً،
- وَجُلُّ حِصَادِ المَرْءِ من حَيثُ يَزْرَعُ
- وقد زَاحمتْ حظّي الحظوظُ وأجلَبتْ
- طَوَارِقُ، منها صادِرَاتٌ وَشُرَّعُ
- فَما ضَيّعَ التّبذيرُ حَقّي،
- وَلَمْ يَزَلْ،إلى جانبِ التّبديرِ، حَقٌّ مُضَيَّعُ
- وَلَوْلا نَوَالٌ مِنْكَ قَيّدَ عَزْمَتي،
- لَكَانَ بأبرُجَرْدَ خِرْقٌ سَمَيْذَعُ
- وَلانْقَلَبَتْ نَحوَ العِرَاقِ، مُغِذّةً
- حَمُولَةُ رِفْدٍ مِنْ حَمُولَةَ تُوضِعُ
- كأنّ رُكامَ الثّلجِ، تحتَ صُدورِها،
- جِبالُ زَرُودٍ، كُثْبُهَا تَتَرَيّعُ
- قَباطٍ، يَؤودُ اللّيلَ تَحوِيلُ لَوْنِهَا،
- وَقَد لاحَها صِبعُ مِنَ اللَّيْلِ مُشبَعُ
- كأنّ بَيَاضَ السِّنّ، سِنِّ سمَِيرَةٍ،
- صَبيرٌ يُعَلّى في السّمَاءِ، وَيُرْفَعُ
- تَرقى النَّجومَ مَوهِنا مِن وَرائها
- طَلاَئِحُ قَدْ كادت من الوَاني تطْلعُ
- كَأنّ الثُّرَيّا سَابِحٌ مُتَكَبِّدٌ
- لِجَرْيَةِ مَاءٍ، يَستقِلُّ وَيَرْجِعُ
- إذا ما أهَابَتْ عَنْ تَزَاوُرِ جانِبٍ
- بعَيّوقِهَا، مَزْهُوَّةً، جاءَ يَهرَعُ
- تَأيّا مَعَ الإمْسَاءِ، تَتْبَعُ ضَوْءَهُ،
- وَتَسْبُقُهُ، فَوْتَ الصّبَاحِ، فيَتبَعُ
- كأنّ سُهَيْلاً شَخصُ ظَمآنَ جانحٍ
- مَعَ الأُفْقِ فِي نَهْيٍ من الأرْضِ يَكرَعُ
- إذا الفَجْرُ، والظّلمَاءُ حِزْبَا تبَايُنٍ،
- يُخَرِّقُ مِنْ جِلْبابِهَا ما تُرَقِّعُ
- أصِحُّ فلا أُمني بشَكوٍ منَ الهَوَى،
- وأصْحُو، فلاَ أصْبُو، وَلا أتَوَلّعُ
- فَتَذْهَبُ أيّامي التي تَسْتَفِزُّني
- بِطالاتُها، إنّي إلى الله أرْجِعُ
- أثَائِبُ حِلْمٍ أمْ أُفُولُ شَبيبَةٍ
- خَلَتْ وَأتَى من دونِها الشّيبُ أجمَعُ
- وَما خَيْرُ يَوْمَيّ الذي أزِعُ الصِّبَى
- لَهُ، وأُحَلّي بالنّهَى، وأُمَتِّعُ
المزيد...
العصور الأدبيه