الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أتاركي أنت أم مغرى بتعذيبي >>
قصائدالبحتري
أتاركي أنت أم مغرى بتعذيبي
البحتري
- أتَارِكِي أنْتَ أمْ مُغْرًى بتَعْذيبي،
- ولائمي في هَوَى إنْ كَانَ يُزْرِي بي
- عَمْرُ الغَوَاني، لَقَدْ بَيّنّ، من كَثَبٍ،
- هَضِيمَةً في مُحبٍّ غَيرِ مَحْبُوبِ
- إذا مَدَدْنَ إلى أعْرَاضِهِ سَبَباً،
- وَقَينَ مِنْ كُرْهِهِ الشّبّانَ بالشِّيبِ
- أمُفْلِتٌ بكَ، مِنْ زُهْدِ المَهَا، هَرَبٌ
- من مُرْهَقٍ، بِبَوَادي الشَّيْبِ، مقروبِ
- يَحْنُونَهُ مِنْ أعَاليهِ، عَلى أوَدٍ،
- حَنْوَ الثِّقَافِ جَرَى فَوْقَ الأنَابِيبِ
- أمْ هَلْ مَعَ الحبّ حِلْمٌ لا تُسَفِّهُهْ
- صَبَابَةٌ، أوْ عَزَاءٌ غَيرُ مَغْلُوبِ
- قَضَيْتُ مِنْ طَلَبي للغانِيَاتِ، وَقَدْ
- شَأَوْنَني حَاجَةً في نَفْسِ يَعْقُوبِ
- لَمْ أرَ كالنُّفَّرِ الأغْفَالِ سائِمَةً
- من الحَبَلَّقِ، لمْ تُحفَظْ منَ الذِّيَبِ
- أغشَى الخُطُوبَ، فإمّا جئنَ مأدَبتي
- فيما أُسَيِّرُ، أوْ أحكَمْنَ تأديبي
- إنْ تَلْتَمِسْ تَمرِ أخلافَ الأمورِ، وإن
- تَلبَثْ مَع الدّهْرِ تَسمعْ بالأعاجيبِ
- وأرْبَدُ القَطْرِ يَلْقاكَ السَّرَابُ بهِ،
- بَعدَ التّرَبّدِ، مُبْيَضَّ الجَلابيبِ
- إذا خلَى جَوُّهُ للرّيحِ، عَارِضَةً،
- قالَتْ مَعَ العُفْرِ أوْ حَنّتْ مَعَ النِّيبِ
- لُجٌّ مِنَ الآلِ، لمْ تُجعَلْ سَفائِنُه
- إلاّ غُرَيْرِيّةَ البُزْلِ المَصَاعِيبِ
- مثلَ القَطَا الكُدْرِ، إلاّ أنْ يَعُودَ بها
- لَطْخٌ منَ اللّيْلِ سُوداً كالغَرَابيبِ
- إذا سُهَيْلٌ بَدا رَوحنَ من لَهَبٍ
- مُسَعَّرٍ في كِفَافِ الأفْقِ، مَشْبُوبِ
- وَقَدْ رَفَعتُ، وَمَا طأطأتُها، وَهَلاً
- عَصا الهِجاءِ لأهلِ الحَينِ والحُوبِ
- إذا مَدَحْتُهُمُ كانُوا، بأكاذبِ ما
- وَأوْه، أخْلَقَ أقْوَامٍ بتَكْذِيبي
- حتّى تُعُورِفَ منّي، غَيرَ مُعْتَذِرٍ،
- تَحَوُّزِي عَن سوَى قَوْمي، وَتَنْكيبي
- إلى أبي جَعْفَرٍ خاضَتْ رَكَائِبُنا
- خِطَارَ ليل مَهولِ الخَرْقِ مَرْهُوبِ
- نَنُوطُ آمَالَنَا مِنْهُ إلى مَلِكٍ
- مُرَدَّدٍ في صَرِيحِ المَجدِ، مَنسُوبِ
- مُحتَضَرِ البابِ، إمّا آذِنِ النَّقَرَى،
- أوْ فائتٍ لعُيونِ الوَفْدِ مَحجوبِ
- نَغْدو على غَايَةٍ في المَجْدِ قاصِيَةِ الـ
- ـمَحَلّ، أوْ مَثَلٍ في الجودِ مَضروبِ
- إذا تَبَدّى يَزِيدُ الخَيْلَ لاءِمُهْ،
- بحاتِمِ الجُودِ شِعباً، جَدَّ مَرءوبِ
- حَتَى تُقَلِّدَهْ العَلْيا قَلاَئِدَها،
- مِنْ بَيْنِ تَسمِيَةٍ فيها، وَتَلْقِيبِ
- يَكُونُ أضْوَأَهُمْ إيمَاضَ بَارِقَةٍ،
- تَهْمي، وأصْدَقَ فيهم حدَّ شؤبوبِ
- إنْ جَاوَرَ النِّيلَ جارَى النّيلَ غالِبُه،
- أوْ حَلّ بالسِّيبِ زُرْنا مالكَ السِّيبِ
- أغَرُّ يَمْلِكُ آفَاقَ البِلادِ، فَمِنْ
- مُؤخَّرٍ لَجَدى يَوْمٍ، وَمَوْهُوبِ
- رَضِيتُ، إذْ أنَا مِنْ مَعروفِهِ غَمِرٌ،
- وازدَدْتُ عَنه رِضًى من بعد تجرِيب
- خَلاَئِقٌ كَسَوَارِي المُزْنِ مُوفِيَةٌ
- عَلى البِلادِ، بِتَصْبيحٍ، وَتَأوِيبِ
- يَنهَضْنَ بالثِّقْلِ لا تُعطى النّهوضَ بهِ
- أعناقُ مَجفَرَةِ الهُوجِ، الهَرَاجِيبِ
- في كلّ أرْضٍ وَقَوْمٍ، مِنْ سَحَائِبِهِ،
- أُسكوبُ عارِفَةٍ مِنْ بَعدِ أُسكُوبِ
- كَمْ بَثّ في حَاضرِ النّهرَينِ مِن نَفَلٍ
- مُلقًى على حَاضِرِ النّهرَينِ مَصْبُوبِ
- يَملأُ أفْوَاهَ مُدّاحِيهِ مِنْ حَسَبٍ،
- على السِّماكَينِ، والنَّسرَينِ محسوبِ
- تُلْقِي إلَيْهِ المَعاني قَصْدَ أوْجُهِهَا،
- كالبَيْتِ يُقْصَدُ أمّاً بالمَحَارِيبِ
- مُعطًى مِنَ المَجْدِ مُزْدَادٌ برَغْبَتِهِ،
- تجرَى على سَنَنٍ مِنْه، وأُسْلُوبِ
- كالعَينِ مَنْهُومَةً بالحُسنِ تَتْبَعُه،
- والأنْفِ يَطلُبُ أعلى مُنْتَهَى الطِّيبِ
- ما انفَكّ مُنتَضِياً سَيْفَيْ وَغًى وَقِرًى
- على الكَوَاهلِ تَدمَى، والعَرَاقِيبِ
- قد سرني برء عجل من عداوته
- بعد الذي احتطبت من سخطه الموبي
- سَارُوا معَ النّاسِ حيثُ النّاسُ أزْفَلَةٌ
- في جُودِهِ بَينَ مَرْؤوسٍ وَمَرْبُوبِ
- وَلَوْ تَنَاهَتْ بَنُو شَيْبَانَ عَنْهُ إذاً
- لم يَجشَمُوا وَقعَ ذي حَدّينِ مذرُوبِ
- ما زَادَهَا النَّفْرُ عَنْهُ غَيْرَ تَغْوِيَةٍ،
- وَبُعْدُهَا مِنْ رِضَاه غَيرَ تَتْبيبِ
المزيد...
العصور الأدبيه