الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أبالمنحنى أم بالعقيق أم الجرف >>
قصائدالبحتري
أبالمنحنى أم بالعقيق أم الجرف
البحتري
- أبالمُنْحَنَى، أمْ بالعَقيقِ أمِ الجُرْفِ
- أنيسٌ فيُسلينا عَنِ الأُنَّسِ الوُطْفِ
- لَعَمْرُ الرّسومِ الدّارِساتِ لقد غدَتْ
- بِرَيّا سُعَادٍ، وَهيَ طَيّبَةُ العَرْفِ
- بَكَيْنَا، فمِنْ دَمعٍ يُمازِجُهُ دَمٌ
- هناكَ وَمِن دَمْعٍ بهِ صِرْفِ
- وَلمْ أنْسَ إذْ رَاحوا مُطيعينَ للنّوَى،
- وَقد وَقَفَتْ ذاتُ الوِشاحينِ وَالوَقفِ
- ثنَتْ طَرْفَها دونَ المَشيبِ، ومَن يشِبْ
- فكُلُّ الغَوَاني عَنهُ مُثنيَةُ الطَّرْفِ
- وَجُنَّ الهَوَى فيها، عَشِيّةَ أعرَضَتْ
- بِناظِرَتَيْ ريْمٍ، وَسَالِفَتَيْ خِشْفِ
- وَأفْلَجَ بَرّاقٍ، يَرُوحُ رُضَابُهُ
- حَرَاماً على التّقبيلِ بَسلاً على الرَّشفِ
- لآلِ حُمَيْدٍ مَذْهَبٌ فيّ لَمْ أكُنْ
- لأذْهَبَهُ فيهِمْ، وَلَوْ جدَعوا أنفي
- وَإنّ الذي أُبْدي لَهُمْ من مَوَدّتي،
- على عُدَوَاءِ الدَّارِ، دونَ الذي أُخفي
- وَكنتُ إذا وَلّيتُ بالوِدّ عَنْهُمُ،
- دَعَوْني، فألْفَوْني لَهمْ لَيّنَ العطفِ
- وَلمْ أرْمِ، إلاّ كانَ عِرْضُ عَدوّهمْ
- من النّاسِ قُدّامي، وَأعرَاضُهم خلفي
- جَعَلْتُ لِساني دونَهُمْ، وَلَوَ أنّهم
- أهابُوا بسَيفي كانَ أسرَعَ من طَرْفي
- دَعَاني، إلى قَوْلِ الخَنَا وَاستِماعِهِ،
- أبو نَهشَلٍ، بَعْدَ المَوَدّةِ وَالحِلْفِ
- وَأخْطَرَني للشّاتِمِينَ، وَلمْ أكُنْ
- لأُشْتَمَ إلاّ بالتّكذيُّبِِ وَالقَرْفِ
- فَما ثَلَمُوا حدِّي، وَلا فتَلوا يَدي،
- وَلا ضَعضَعوا عزمّي، وَلا زَعزَعوا كهفي
- وَهَلْ هَضَباتُ ابْنَيْ شَمَامٍ بَوَارِحٌ
- إذا عصَفتْ هوجُ الجَنائبِ بالعَصْفِ
- رَجعتُ إِلى حِلمي، وَلَوْ شِئْتُ شُرِّدت
- نوافِذُ تمْضِي في الدِّلاصِيَةِ الزَّعفِ
- أبَى لي العَبيدونَ الثّلاثَةُ أنْ أرَى
- رَسيلَ لَئيمٍ، في المُباذاةِ، وَالقَذْفِ
- وَأجبُنُ عَن تَعرِيضِ عِرْضِي لجاهلٍ،
- وَإنْ كنتُ في الإقدامِ أطعَنُ في الصّفّ
- وَلَمّا تَبَاذَيْنَا، فَرَرْتُ منَ الخَنَا
- بأشياخِ صِدْقٍ لم يَفِرّوا من الزّحْفِ
- جمَعتُ قُوَى حَزْمي، وَوَجّهتُ همّتي،
- فسِرْتُ وَمثلي سارَ عن خُطّةِ الخَسفِ
- وَإنّي مَليءٌ إنْ ثَنَيْتُ رَكَائِبي
- بدَيمُومَةٍ تَسفي بها الرّيحُ ما تَسفي
- تَرَكتُكَ للقَوْمِ الذينَ تَرَكْتَني
- لهم وَسَلا الإلْفُ المَشوقُ إِلىِ الإلْفِ
- وَقَالَ ليَ الأعداءُ: ما أنتَ قائِلٌ؟
- وَلَيس يَرَاني الله أنحَتُ مِنْ حَرْفي
- وَإنّي لَئيمٌ، إنْ تَرَكْتُ لأُسرَتيء
- أوَابدَ تَبقى في القَرَاطيسِ، وَالصُّحْفِ
- أبَا نَهْشَلٍ للحادِثِ النُّكْرِ إنْ عرَا،
- وَللدّهرِ ذي الخَطبِ المُبرِّحِ وَالصّرْفِ
- كَرُمْتَ، فَما كَدّرْتَ نَيلَكَ عندنا
- بمَنٍّ، وَلا أخلَفتَ وَعدَكَ في الخُلفِ
- وَما الهَجرُ منّي عن قِلًى، غيرَ أنّها
- مُجازَاةُ أوْغادٍ نفََضْتُ بها كَفّي
- وَلَمّا رَأيتُ القُرْبَ يَدوِي اتّصَالُهُ،
- بَعُدْتُ، لعَلّ البُعدَ من ظالمٍ يَشفي
- فلِمْ صرْتُ في جَدَواكَ أسوَةَ وَاحِدٍ،
- وَقد نُبتُ في تَفوِيفِ مَدحكَ عن ألْفِ
- وإِني لأسْتَبْقي وَدادَكَ للّتي
- تُلِمُّ، وَأرْضَى منكَ دونَ الذي يكفي
- وَأسْألُكَ النِّصْفَ احتِجازاً، وَرُبّما
- أبَيْتُ، فلَم أسمحْ لغَيرِكَ بالنِّصْفِ
- وَإنّي لمَحسُودٌ عَلَيْكَ، مُنافَسٌ،
- وَإنْ كُنْتُ أستَبطي كَثيراً وَأستَجفي
- وَكَمْ لكَ عندي مِنْ يَدٍ صَامِتيّةٍ،
- يَقِلُّ لهَا شكرِي، وَيَعيَا بهَا وَصْفي
- فَلا تَجعَلِ المَعرُوفَ رِقّاً، فإنّنا
- خُلِقنا نجوماً لَيسَ يُملَكنَ بالعُرْفِ
- لكَ الشّكْرُ منّي وَالثّناءُ مُخَلَّداً،
- وَشِعرٌ كمَوْجِ البحرِ يَصْفو وَلا يُصْفي
المزيد...
العصور الأدبيه