الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الأبيوردي >> نَبَأٌ تَقَاصَرَ دُونَهُ الأنْباءُ >>
قصائدالأبيوردي
نَبَأٌ تَقَاصَرَ دُونَهُ الأنْباءُ
الأبيوردي
- نَبَأٌ تَقَاصَرَ دُونَهُ الأنْباءُ
- واستَمْطَرَ العَبَراتِ وهيَ دِماءُ
- فالمُقْرَباتُ خَواشِعٌ أبْصارُها
- مِيلُ الرُّؤوسِ، صَليلُهُنَّ بُكاءُ
- وَالبيِضُ تَقْلَقُ في الغُمودِ كَما التَوى
- رُقْشٌ تَبُلُّ مُتونَها الأنْداءُ
- وَالسُّمرُ راجِفَة ٌ كَأَنَّ كُعوبَها
- تَلوي مَعاقِدَها يَدٌ شَلاَّءُ
- وَالشَّمسُ شاحِبَة ٌ يَمورُ شُعاعُها
- مَوْرَ الغَديرِ طَغَتْ بِهِ النَّكْباءُ
- وَالنَّيِّراتُ طَوالِعٌ رَأْدَ الضُّحى
- نُفِضَتْ عَلى صَفَحاتِها الظَّلْماءُ
- يَنْدُبْنَ أَحْمَدَ، فَالِبلادُ خَواشِعٌ
- والأَرْضُ تُعْوِلُ، وَالصَّباحُ مَساءُ
- وَالعَينُ تَنزِفُ ماءَها حرَقُ الجَوى
- وَالوَجْهُ تُضْمِرُ نارَهُ الأَحِشاءُ
- فأَذَلَّ أَعناقاً خَضَعْنَ لِفَقْدِهِ
- وَهْيَ الّتي طَمَحَتْ بِها الخُيَلاءُ
- غَنِيَتْ عَواطِلَ بَعْدَما صَاغتْ حُلَى
- أَطْواقِها بِنَوالِهِ الآلاءُ
- ما لِلمنَايا يَجْتذِبنَ إلى الرَّدى
- مَهَجاً، فَهُنَّ طَلائِحٌ أنْضاءُ
- تُدهَى بِها العَصْماءُ في شَعَفاتِها
- وَتُحَطَّ عَنْ وُكُناتِها الشَّغْواءُ
- عُونٌ تَكَدَّسُ بالنُّفوسِ وَعِندَها
- في كُلِّ يَومٍ مُهْجَة ٌ عَذْراءُ
- دُنيا تُرَشِّحُ لِلرَّدى أَبناءَها
- أُمٌّ لَعَمْرُ أبِيهِمُ وَرْهاءُ
- فَالنّاسُ مِنْ غادٍ عَلَيهِ وَرائِحٍ
- وَلِمنْ تَأَخَّرَ عَنْهُما الإسْراءُ
- لا شَارِخٌ يَبْقى وَلا ذُو لِمَّة ٍ
- أَلوَتْ بِعَصْرِ شَبابِها العَنقاءُ
- وَلَكَمْ نَظَرْتُ إلى الحَياة ِ وَقَدْ دَجَتْ
- أَظلالُها، فإّذا الحَياة ُ عَناءُ
- لايَخْدَعَنَّكَ مَعْقِلٌ أَشِبٌ وَلَو
- حَلَّتْ عَلَيهِ نِطاقَها الجَوْزاءُ
- وَاكْفُفْ شَبا العَيْنِ الطَّموحِ، فَدونَ ما
- تَسْمو إلَيْهِ بِلَحْظِها أَقْذاءُ
- وَلَو اسْتُطيلَ عَلى الحِمامِ بِعِزَّة ٍ
- رُفِعَتْ بِها اليَزَنِيَّة ُ السَّمراءُ
- لَتَحَدَّبَتْ صِيدُ المُلوكِ عَلى القَنا
- حَيثُ القُلوبُ تُطِيرُها الهَيْجاءُ
- يَطَؤونَ أَذيالَ الدُّروعِ كَأَنَّهُمْ
- أُسْدُ الشَّرَى ، وَكَأَنَّهُنَّ إضاءُ
- وَالخَيْلُ عابِسَة ُ الوُجُوهِ كَأَنَّها
- تَحْتَ الكُماة ِ ، إذا انْجَرَدْنَ ، ضِراءُ
- يَفِدونَ أَحْمَدَ بِالنُّفُوسِ ، وَقَلَّما
- يُغني إذا نَشِبَ المَنونُ فِداءُ
- قادَ الكَتائِبَ وَهْوَ مُقْتَبِلُ الصِّبا
- حَتَّى اتَّقَتْ غَزَواتِهِ الأَعْداءُ
- وَرَمى المَشارِقَ بالمَذاكي فَارتَدى
- بِعَجاجِها المَلمومَة ُ الشَّهباء
- وَلَهُ بأَطرار المَغارِبِ وَقْعَة ٌ
- تُرْضي السُّيوفَ ، وغَارَة ٌ شَعْواءُ
- لَمْ يَدْفَعِ الحَدَثان عَن حَوبائِهِ
- مَجدٌ أَشَمُّ وَعِزَّة ٌ قَعساءُ
- وَصَوارِمٌ مَشْحوذَة ٌ، وَأَسنَّة ٌ
- مَذروبَة ٌ، وَكَتيبَة ٌ جَأواء
- لَقِحَتْ بِهِ الأَرضُ العَقسمُ وَأُسقِيَتْ
- سَبَلَ الحَيا فَكَأَنَّها عُشراءُ
- وَالصَّبْرُ في رَيْعانِ كُلِّ رَزِيَّة ٍ
- تَقِصُّ الجَوانِحَ عَزْمَة ٌ بَزْلاءُ
- وَلِكُلِّ نَفْسٍ مَصْرَعٌ لا تُمْتَطَى
- إلاّ إلَيهِ الآلهُ الحَدباءُ
- للهِ ما اعتَنَقَ الثَّرى مِن سؤدَدٍ
- شَهِدَهْ بِهِ أُكرومَة ٌ وَحَياء
- وَشَمائِلٍ رَقَّتْ كَما خَطَرتْ عَلى
- زَهَرِ الرَّبيع رُوَيْحَة ٌ سَجْواءُ
- عَطِرَتْ بِهِ الأَرْضُ الفَضَاءُ كَأَنَّما
- نُشِرَتْ عَلَيها الرَّوْضَة ُ الغَنَّاءُ
- لا زالَ يَنْضَحُ قَبْرَهُ دَمُ قارِحٍ
- يَحبْو لَدَيهِ، وَدِيمَة ٌ وَطْفاءُ
- وَالبَرْقُ يَخْتَلِسُ الوَميضَ كَأَنَّهُ
- بَلقاءُ تَمْرَحُ حَولَها الأَفلاءُ
- جَرَّ النَّسيمُ بِهِ فُضولَ عِطافِهِ
- وَبَكَتْ عَلَيْهِ شَجْوَها الأَنواءُ
المزيد...
العصور الأدبيه