الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الأبيوردي >> مَنْ أَغْفَلَ الحَزْمَ أَدْمَى كَفَّهُ نَدَما >>
قصائدالأبيوردي
مَنْ أَغْفَلَ الحَزْمَ أَدْمَى كَفَّهُ نَدَما
الأبيوردي
- مَنْ أَغْفَلَ الحَزْمَ أَدْمَى كَفَّهُ نَدَما
- واستضحكَ النَّصرَ من أبكى السُّيوفَ دما
- فالرَّأيُ يدركُ ما يعيى الحسامُ بهِ
- إذا الزَّمانُ بذيلِ الفتنة ِ التثما
- هابَ العدا غمراتِ الموتِ إذ بصروا
- بِالأُسْدِ تَنْزِلُ مِنْ سُمْرِ القَنا أَجَما
- وَالخَيلُ عابِسة ٌ يَعْتادُها مَرَحٌ
- إذا امتطاها نظامُ الدّينِ مبتسما
- في ساعة ٍ تذرُ الأرماحَ راعفة ً
- وَالمَشْرَفيَّ على الأرْواحِ مُحْتَكِما
- رطبُ الغرارينِ مأمونٌ على بطلٍ
- يَخْشى زَماناً على الأحْرارِ مُتَّهَمَا
- تلوحُ غرَّتهُ والجردُ نافضة ٌ
- على جبينِ الضُّحى من نقعها قتما
- وَلِلسِّهامِ حفيفٌ في مَسامِعِهِمْ
- كَالنَّحْلِ أَلْقَيْتَ في أَبياتِهِ الضَّرَما
- إذا استطارت طلاعَ الأفقِ أردفها
- بِالبيضِ عُوِّضْنَ عن أَغْمادِها القِمَما
- لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ إلاَّ اسْتُقْبِلَتْ بِعَمى ً
- وَلا بَدا النَّجْمُ إلاّ اسْتَشْعَرَ الصَّمَما
- تَوَقَّفوا كَارْتِدادِ الجَفْنِ وَانْصَرَفوا
- كَما طَرَدْتَ حِذارَ الغارَة ِ النَّعَما
- والأعوجيَّة ُ كادت من تغيُّظها
- على فوارسها أن تلفظَ اللُّجما
- من كلِّ طرفٍ يبذُّ الطَّرفَ ملتهباً
- في حُضْرِهِ، وَلِشَأْوِ الرّيحِ مُلْتَهِما
- ردعُ النَّجيعِ مبينٌ في حوافرها
- مِمّا يَطَأْنَ بِمُسْتَنِّ الرَّدَى بُهَما
- كَأَنَّ كُلَّ بَنانٍ مِنْ وَلائِدِهِمْ
- أَهْدى إليْهِنَّ إذْ نَجَّيْنَهُمْ عَنَما
- باضَ النَّعامُ على هاماتِهِم، وَهُمُ
- أَشْباهُهُ، والوَغى يَسْتَرْجِفُ اللِّمَما
- فَباتَ أَرْحَبُهُمْ في كُلِّ نائِبَة ٍ
- ذرعاً تضيقُ عليهِ الأرضُ منهزما
- وما التَفَتَّ احْتِقاراً نَحْوَهُ وَبِهِ
- نجلاءُ يلوي لها حيزومهُ ألما
- ولو أملتَ إليه السَّوطَ غادرهُ
- شلواً بمعتركِ الأبطالِ مقتسما
- وَعُصْبَة ٍ مُلِئَتْ غَيْظاً صُدورُهُمُ
- مِنْ مُخْفِرٍ ذِمَّة ً، أوْ قاطِعٍ رَحِما
- وَاسْتَوْطَؤوا ثَبَجَ البَغْضاءِ واجْتَذَبوا
- حبلاً أمرَّ على الشَّحناءِ فانجذما
- وَالشَّعْبُ إِنْ دَبَّ في تَفْريقِهِ إحَنٌ
- فلنْ يَعودَ طَوالَ الدَّهْرِ مُلْتَئِمَا
- وأنتَ أَبْعَدُ في فَضْلٍ وَمَكْرُمَة ٍ
- شَأوأُ، وَأَثْبَتُ منهمْ في الوَغى قدَمَا
- وَخَيْرُهُمْ حَسَباً ضَخْماً، وَأَغْزَرُهُمْ
- سيباً، وأضفى على مسترفدٍ نعما
- تعفو وتصفحُ عن عزٍّ ومقدرة ٍ
- وَلا نَراكَ وَقيذَ الحِلْمِ مُنْتَقِما
- إذا أذابَ شرارُ الحقدِ عاطفة ً
- هَزَزْتَ لِلْعَفْو عِطْفَيْ سُؤدَدٍ كَرَما
- فودَّ كلُّ بريءٍ مذ عرفتَ بهِ
- دون البرَّية ِ، أن يلقاكَ مجترما
- ومن مساعيكَ فتحٌ إذ سللتَ لهُ
- رَأْياً فَلَلْتَ به الصَّمْصامَة َ الخَذِما
- أضحى بهِ الدِّينُّ مُفْتَرّاً مَباسِمُهُ
- والملكُ بعد شتاتِ الشَّملِ منتظما
- فأشرقَ العدلُ والأيّامُ داجية ٌ
- بَثَّتْ يَدُ الظُّلْمِ في أَرْجائِها الظُّلَما
- وقد رَمى بِكَ ركْنُ الدِّينِ مُعْضِلَة ٍ
- يَهابُ كلُّ كَمِيٍّ دونَها قُحَما
- فقمتَ بالخطبِ مرهوباً عواقبهُ
- للعزمِ محتضناً، للحزمِ ملتزما
- كَالْبَحْرِ مُتَلْطِماً، وَالفَجْرِ مُبْتَسِماً
- واللَّيثِ معتزماً، والغيثِ منسجماً
- كَفَتْهُ كُتْبُكَ أنْ تُزْجَى كَتائِبُهُ
- وألهمَ السَّيفُ أن يستنجدَ القلما
- تَلْقى الشدَّائِدَ في نَيْلِ العُلا وَلَها
- يعالجُ الهمَّ من يستنهضُ الهمما
- وإن أرابكَ من دهرٍ تكدُّرهُ
- كنتَ المصفّى على أحداثهِ شيما
- فابسطْ إلى أمدٍ تسمو إليهِ يداً
- تَكْفي المُؤمِّلَ أنْ يَسْتَمْطِرَ الدِّيَما
- ولا تبل سخطَ الأعداءِ، إنَّهمُ
- يَرْضَوْنَ منكَ بِأَنْ تَرْضى بِهِمْ خَدَما
- وسل بيَ المجدَ تعلم أيَّ ذي حسبٍ
- في بُرْدَتَيَّ إذا ما حادِثٌ هَجَما
- يلينُ للخلِّ في عزٍّ عريكتهُ
- مَحْضَ الهَوى ، وَلَهُ العُتْبى إذا ظُلِمَا
- مِنْ مَعْشَرٍ لا يُناجي الضَّيْمُ جارَهَمُ
- نضوَ الهمومِ غضيضَ الطَّرفِ مهتضما
- فصحَّة ُ الودِّ تأبى وهيَ ظاهرة ٌ
- أن تخفيَ الحالُ في أيّامكم سقما
- وَالدَّهْرُ يَعْلَمُ أَنِّي لا أَذِلُّ لَهُ
- فَكيفَ أَفْتَحُ بِالشَّكْوى إلَيكَ فما
المزيد...
العصور الأدبيه