الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> الأبيوردي >> أَثِرْها فلا ماءً أصابت ولا عُشبا >>
قصائدالأبيوردي
أَثِرْها فلا ماءً أصابت ولا عُشبا
الأبيوردي
- أَثِرْها فلا ماءً أصابت ولا عُشبا
- وقد مُلِئَتْ أَحْشاءُ رُكْبانِها رُعْبا
- ونحنُ بِحَيثُ الذِّئْبُ يَشكو ضَلالِهُ
- إلى النَّجْمِ، والسّاري يَسوفُ بِهِ التُّرْبا
- نُحاذِرُ مِنْ حَيَّيْ سُلًيْمٍ وَعَامِرٍ
- أَناسيَّ لا يَرْضَوْنَ غيرَ الظُّبا صَحْبا
- إذا خَلَّفَتْ بَطْحاءَ نَجْدٍ وراءَها
- فلسنا بِمَنّاعِينَ أن تَقِفَ الرَّكْبا
- فأَينَ وَمِثلي لا يَغُشُّكَ، ماجِدٌ
- نَصولُ بِهِ كالعَضْبِ مُحْتَضِاً عضْبا
- لَهُ هَمَّة ٌ غَيْري على المَجْدِ بَرَّحَتْ
- بِنَفسٍ على الأيّامِ مِنْ تيهها غَضى
- وإن يَكُ في نَجْديِّ قَيسٍ بَسَالة ٌ
- فإنِّي ابنُ أرضٍ تُنْبِتُ البَطَلَ النَّدبا
- يَعُدُّ إباءَ الضَّيْمِ كِبْراً، وطالما
- أَبينا فلم نَعْثُر بِأَذيالنا عُجبا
- ولكنّنا في مَهْمَة ٍ تُعْجِلُ الخُطا
- على وَجَلِ، هُوجُ الريَّاحِ به نُكبا
- إذا طالَعَتنا مِنْ قُرَيْشٍ عِصابة ٌ
- وَشافَهْنَ من أَعْلامِ مَكَّتِها هَضْبا
- نَزَلْنَ مِنَ الوادي المُقَدَّسِ تُربُهُ
- بِآمِنِهِ سِرْباً وَأَعْذَبِهِ شِرْبا
- وفي الرَّكْبِ منْ يَهوى العُذَيْبَ ومَاءَهُ
- وَيُضِمرُ أحياناً على أَهْلِهِ عَتبا
- وَيَصْبو إلى واديهِ والرَّوْضُ باسِمٌ
- يُغازِلُهُ عافي النَّسيمِ إذا هَبّا
- ووَاللهِ لولا حُبُّ ظَمياءَ لم يَعُجْ
- عَليهِ، ولم يَعرِف كِلاباً ولا كَعَبا
- وما أُمُّ ساجي الطَّرْفِ مالَ بِهِ الكَرى
- على عَذَباتِ الجزعِ تَحسَبُهُ قُلبا
- تُراعي بإحدى مُقْلَتَيْها كِناسَها
- وَتَرْمي بِأُخْرى نَحْوَهُ نَظَراً غَرْبا
- فَلاحَ لَها مِنْ جانِبِ الرَّمْلِ مَرْتَعٌ
- كَأَنَّ الرَّبيعَ الطَّلْقَ ألبَسَهُ عَصْبا
- فَمالَت إليهِ، وَالحَريصُ إذا عَدَت
- بهِِ طَورَهُ الأطماعُ لم يَحْمَد العُقْبى
- وَآنَسَها المَرْعى الأنيقُ وَصادَفَتْ
- مدى العينِ في أرجائه بلداً خصبا
- فَلَمّا قَضَتْ مِنْهُ اللُّبانَة َ راجَعَتْ
- طَلاها ، فَأَلْفَتْهُ قَضى بَعْدَها نَحْبا
- أُتيحَ لَها عاري السَّواعِدِ لَمْ يَزَلْ
- يَخوضُ إِلى أَوْطارِهِ مَطْلَباً صَعْبا
- فولَّتْ على ذعرٍ وبالنِّفسِ ما بها
- من الكربِ لا لقيِّتُ في حادثٍ كربا
- بِأَوجَدَ مِنّي يَومَ عَجَّتْ رِكابُها
- لِبَيْنٍ فَلَمْ تَتْرُكْ لِذي صَبْوَة ٍ لُبّا
- وَما أَنسَ لا أَنسَ الوَداعَ وَقد بدَت
- تُغَيِّضُ دَمْعاً فاضَ وابِلُهُ سَكْبا
- مُهَفْهَفَة ٌ لم تَرْضَ أَتْرابُها لَها
- بِبَدْرِ الدُّجى شِبْهاً ، وَشَمْسِ الضُّحى تِرْبا
- تَنَفَّسُ حتّى يُسلِمَ العِقْدَ سِلْكُهُ
- وَأَكْظِمُ وَجْداً كادَ يَنْتَزِعُ الخِلْبا
- وَتُذري شَآبيبَ الدُّموعِ كَأَنَّما
- أَذابَتْ بِعَيْنَيْها النَّوى لُؤْلُؤاً رَطْبا
- وما كُنتُ أَخشى أَنْ أُراعَ لحادِثٍ
- مِنَ الدَّهْرِ ، أَوْ أَشْكو إِلى أَهْلِهِ خَطْبا
- وَقَدْ زُرتُ من أفناءِ سَعدٍ وَمالكٍ
- ضَراغِمَة ً تُغرى ، كِنانيَّة ً غَلبا
- مِنَ القَوْمِ يُزْجِي الرّاغِبونَ إِلَيْهِمُ
- على نَصَبِ المَسْرى ، غُرَيريَّة ً صُهبا
- لَهُمْ نَسَبٌ رَفَّْت عليهمْ فُروعُهُ
- وَبَوَّأَهُمْ مِنْ خِنْدِفٍ كَنَفاً رَحبا
- إذا ذَكَروهُ أَضمَرَ العُجْمُ إحنة ً
- عليهمْ ، وَأَصْلى جَمْرَة َ الحَسَدِ العُرْبا
- وَإنْ سِئلوا عَمَّنْ يُديرُ على العِدا
- رَحى الحَرْبِ فيهم أَو يكونُ لَها قُطبا
- أشاروا بِأَيديهم إلى خَيرهِمْ أَباً
- وأَطوَلِهم باعاً، وَأرحَبِهم شَعبا
- إلى مُدلِجيِّ رَدَّ عن آلِ جَعفَرٍ
- صُدورَ القَنا وَالجُردَ شازِبَة ً قُبّا
- وقابَلَ بِالحُسنى إساءَة َ مُجرِمٍ
- فَودَّ بَريءُ القَومِ أَنَّ لهُ ذَنبا
- تُراقُ دِماءُ الكُومِ حَوْلَ قِبابِهِ
- إِذا راحَ شَوْلُ الحَيِّ مُقْوَرَّة ً حُدْبا
- وَيَسْتَمْطِرُ العافونَ مِنْهُ أَنامِلاً
- أَبى الجُودُ أَن يَسْتَمطِروا بَعْدَها سُحبا
- رأَى عِنْدَهُ الأعداءُ مِلْءَ عُيونِهِمْ
- مَناقِبَ لَو فازُوا بِها وَطِئو الشُّهبا
- فَوَدُّوا مِنَ البَغْضاءِ أَنَّ جُفونَهُمْ
- عَقَدْنَ بِهُدبٍ دونَ رُؤيَتِها هُدبا
- ولم يُتلعُوا أعناقَهُم نَحْوَهُ هَوى ً
- ولا عَفَّروا تلكَ الجِباهَ لهُ حُبّا
- ولكنّهمْ هابُوا مَخالِبَ ضَيْغَمٍ
- يَجوبُ أَديمَ الأرضِ نَحْوَهُمُ وَثْبا
- أَبا خالدٍ إِنّي تَرَكْتُهُمُ سُدًى
- وَأَحْسابُهُمْ فَوْضَى ، وَأَعْراضُهُمْ نُهْبى
- وَصَدَّقَ قَوْلي فيكَ أَفْعالُكَ الّتي
- أَبَتْ لِقَريضي أَنْ أُوَشِّحُهُ كِذْبا
- وَهَزَّكَ مَدْحٌ كادَ يُصيبُكَ حُسْنُهُ
- وَفي الشِّعْرِ ما هَزَّ الكَريمَ وَما أَصْبَى
- يُحَدِّثُ عنهُ البَدْرُ بِالشَّرْقِ أَهْلَهُ
- وَيَسألُ عنه الشَّمسَ مَنْ سَكَنَ الغَرْبا
- وَمَنْ لم يُراقِبْ ربَّهُ في رَعيَّة ٍ
- أّخِشَّتُهُ تُدمي عَرانينُهُم جَذَبا
- فإنَّكَ أَرْضَيْتَ الرّعايا بِسيرَة ٍ
- تَحَلَّتْ بِها الدُّنيا وَلَمْ تُسْخِطِ الرَّبّا
المزيد...
العصور الأدبيه