الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن عنين >> حبيبٌ نأى وهو القريبُ المُصاقِبُ >>
قصائدابن عنين
حبيبٌ نأى وهو القريبُ المُصاقِبُ
ابن عنين
- حبيبٌ نأى وهو القريبُ المُصاقِبُ
- وشحطُ نوى ً لم تنضَ فيهِ الركائبُ
- وإِنَّ قريباً لا يُرجَّى لِقاؤهُ
- بعيدٌ تناءى والمدى متقاربُ
- أَلينُ لصعبِ الخُلقِ قاسٍ فؤادُهُ
- وأعتبهُ لو يرَ عويَ من يعاتبُ
- من التركِ ميّاسُ القوامِ مهفهفٌ
- له الدرُّ ثغرٌ والزُّمرُّدُ شارِبُ
- يفوّقُ سهماً من كحيلٍ مضيّقٍ
- له الهدبُ ريشٌ والقسيُّ الحواجبُ
- أسالَ عذاراً في أسيلٍ كأنّهُ
- عَبيرٌ على كافورِ خدَّيهِ ذائبُ
- وأَنْبَتَ في حِقفِ النَّقَاخِيزُ رانة
- تُقِلُّ هلالاً أَطلعتْهُ الذَّوائبُ
- سعتْ عقربا صُدغيهِ في صحنِ خدهِ
- فهنَّ لقلبي سالباتٌ لواسبُ
- عجبتُ لجفنيهِ وقد لجَّ سُقمٌها
- فصحَّتْ وجسمي من أذاهنَّ ذائبُ
- ومن خصرهِ كيفَ استقلَّ وقد غدتْ
- تجاذبهُ أردافهُ والمناكبُ
- ضنيتُ به حتى رثتْ لي عواذلي
- ورقَّ لما ألقى العدوُّ المُناصبُ
- وما كنتُ ممَّنْ يستكينُ لحادثٍ
- ولكنَّ سلطانَ الهوى لا يغالبُ
- سحائبُ أجفانٍ سوارٍ سواربُ
- وأ'باءُ أشواقٍ رواسٍ رواسبُ
- فهل ليَ من داءِ الصبابة ِ مَخلصٌ
- لعمري لقد ضاعتْ عليَّ المذاهبُ
- حلبتُ شطورَ الدهر يُسراً وعُسرة ً
- وجرَّبتُ حتى حنكتني التجاربُ
- فكم ليلة ٍ قد بتُّ لا البدرُ مشرقٌ
- يُضيءُ لِترائبهِ ولا النَّجمُ غارِبُ
- شققتُ دجاها لا أرى غيرَ همَّتي
- أنيساً ولا لي غيرُ عزميَ صاحبُ
- بممغوطة الأنساعِ قَوْدٍ كأنها
- على الرملِ من إثرِ الأفاعي مساحبُ
- وبحرٍ تبطَّنتُ الجواري بظهره
- فجبنَ وهنَّ المقرباتِ المناجبُ
- إلى بحرِ جودٍ يخجلُ البحرَ كفُّهُ
- فقلْ عن أياديهِ فهنَّ العجائبُ
- إِلى ملكٍ ما جادَ إِلاَّوأَقلعتْ
- حياءً وخوفاً من يديهِ السحائبُ
- إِلى أَبلجٍ كالبدرِ يُشرِقُ وجهُه
- سناءً إِذا التفتْ عليهِ المواكبُ
- تسنَّمَ من أعلى المراتبِ رتبة ً
- تقاصرُ عن أدنى مداها الكواكبُ
- لنا مِن نداهُ كلَّ يومٍ رغائبٌ
- ومِن فعلهِ في كلّ مدحٍ غرائبُ
- فتى ً حصنهُ ظهرُ الحصانِ ونثرة ٌ
- تكلُّ لديها المُرهَفاتُ القَواضبُ
- مضعافة ٌ حتى كأنَّ قتيرها
- حبابٌ حبتهُ بالعيونِ الجنادبُ
- يريهِ دقيقُ الفكرِ في كلِّ مشكلٍ
- من الأمرِ ما تُفضي إِليه العواقبُ
- أتيتُ إليهِ والزمانُ عنادهُ
- عنادي وقد سدَّتْ عليّ المذاهبُ
- ليرفعَ من قدري ويجزِمَ حاسدي
- وأصبحَ في خفضٍ فكم أنا ناصبُ
- فلم أرَ كفاً عارضاً غيرَ كفّهِ
- بوجهٍ ولم يزوَرَّ للسخط حاجبُ
- قطعنا نِياطَ العيسِ نحوَ ابنُ حرَّة ٍ
- صفتْ عندهُ للمعتفينَ المشاربُ
- إِلى طاهرِ الأنسابِ ما قعدتْ به
- عن المجدِمن بعضِ الجدودِ المناسبُ
- دعا كوكباناً والنجومُ كأنها
- نطاقٌ عليهِ نظَّمتهُ الثواقبُ
- فرامَ امتناعاً عنهُ وهو مرادهُ
- كما امتنعتْ عن خَلوة البَعل كاعبُ
- وليس بِراشٌ منه أقوى قواعداً
- وإنْ غرَّ من فيهِ الظُّنونُ الكواذبُ
- تقِلُّ على كُثْرالعديدِ عُداتُه
- وتكثٌر منهم في النوادي النوادبُ
- ونصحي لهم أن يهربوا من عقابه
- إليهِ فإنَّ النُّصحَ في الدينِ واجبٌ
- بقيتَ فكم شرَّفتَ باسمكَ منبراً
- وكم نالَ من فخرٍ بذكركَ خاطبُ
المزيد...
العصور الأدبيه