الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن دريد >> عَلَى أَيِّ رَغْمٍ ظَلْتُ أَغْضِي وَأُكْظِمُ >>
قصائدابن دريد
عَلَى أَيِّ رَغْمٍ ظَلْتُ أَغْضِي وَأُكْظِمُ
ابن دريد
- عَلَى أَيِّ رَغْمٍ ظَلْتُ أَغْضِي وَأُكْظِمُ
- وَعَنْ أَيِّ حُزْنٍ بَاتَ دَمْعِي يُتَرْجِمُ
- أَجَدُّكَ مَا تَنْفَكُّ أَلْسُنُ عَبْرَة ٍ
- تصرحُ عما كنتَ عنهُ تجمجمُ
- كَأَنَّكَ لَمْ تَرْكَبْ غُرُوبَ فَجَائِعٍ
- شباهنَّ منْ هاتا أحدُّ وأكلمُ
- بَلَى غَيْرَ أَنَّ القَلْبَ يَنْكَؤُهُ الأَسَى الـ
- ــملمُّ وإنْ جلَّ الجوى المتقدمُ
- وكمْ نكبة ٍ زاحمتْ بالصبرِ ركنها
- فلمْ يلفَ صبري واهياً حينَ يزحمُ
- ولوْ عارضتْ رضوى بأيسرِ درئها
- لَظَلَّ ذُرَى أَقْذَافِهَا تَتَهَدَّمُ
- وقدْ عجمتني الحادثاتُ فصادفتْ
- صبوراً على مكروهها حينَ تعجمُ
- وَمَنْ يَعْدَمِ الصَّبْرَ الجَمِيلَ فَإِنَّهُ
- وجدكَ لا منْ يعدمُ الوفرَ معدمُ
- أصارفة ٌ عني بوادرَ حدها
- فَجَائِعُ لِلْعَلْيَاءِ تُوهِي وَتَحْطِمُ
- لها كلَّ يومٍ في حمى المجدِ وطأة ٌ
- تظلُّ لها أسبابهُ تتجذمُ
- إذا أجشمتْ جياشة ً مصمئلة ً
- قفتْ إثرها دهياءُ صماءُ صيلمُ
- أمِ الدَّهْرُ- أنْ لَنْ تَسْتَفِيقَ صُرُوفُهُ
- مُصَرِّفَة ً نَحْوِي فَجَائِعَ-يَقْسِمُ
- وساءلتِ عنْ حزمٍ أضيعَ وهفوة ٍ
- أطيعتْ وقدْ ينبو الحسامُ المصممُ
- فلا تشعري لذعَ الملامِ فؤادهُ
- فإنكِ ممنْ رعتِ باللومِ ألومُ
- ولمْ ترَ ذا حزمٍ وعزمٍ وحنكة ٍ
- عَلَى القَدَرِ الجَارِي عَلَيْهِ يُحَكَّمُ
- متى دفعَ المرءُ الأريبُ بحيلة ٍ
- بَوَادِرَ مَا يُقْضَى عَلَيْهِ فَيُبْرَمُ
- وَلَوْ كُنْتُ مُحْتَالاً عَلَى القَدَرِ الَّذِي
- نبابيَ لمْ أسبقْ بما هوَ أحزمُ
- ولكنَّ منْ تملكْ عليهِ أمورهُ
- فَمَالِكُهَا يُمْضِي القَضَاءَ فَيَحْتِمُ
- وما كنتُ أخشى أنْ تضاءلَ همتي
- فأضحي على الاجنِ الصرى أتلومُ
- كأنَّ نجياً كانَ يبعثُ خاطري
- قرينُ إسارٍ أوْ نزيفٌ مهومُ
- وما كنتُ أرضى بالدناءة ِ خطة ً
- ولي بينَ أطرافِ الأسنة ِ مقدمُ
- وَمَا أَلِفَتْ ظِلُّ الهُوَيْنَا صَرِيمَتِي
- وَكَيْفَ وَحَدَّاهَا مِنَ السَّيْفِ أَصْرَمُ
- ألمْ ترَ أنَّ الحرَّ يستعذبُ المنى
- تُبَاعِدُهُ مِنْ ذِلَّة ٍ وَهِيَ عَلْقَمُ
- وَيَقْذِفُ بِالأَجْرَامِ بَيْنٌ بِهَا الرَّدَى
- إذا كانَ فيهِ العزُّ لا يتلعثمُ
- سَأَجْعَلُ نَفْسِي لِلْمَتَالِفِ عُرْضَة ً
- وَأَقْذِفُهَا لِلْمَوْتِ وَالمَوْتُ أَكْرَمُ
- بأرضكَ فارتعْ أوْ إلى القبرِ فارتحلْ
- فَإِنَّ غَرِيبَ القَوْمِ لَحْمٌ مُوَضَّمُ
- تَنَدَّمْتُ وَالتَّفْرِيطُ يَجْنِي نَدَامَة ً
- ومنْ ذا على التفريطِ لا يتندمُ
- يُصَانِعُ أَوْ يُغْضِي العُيُونَ عَنِ القَذَى
- ويلذعُ بالمرى فلا يترمرمُ
- عَلَى أَنَّنِي-وَالحُكْمُ لِلَّهِ-وَاثِقٌ
- بعزمٍ يفضُّ الخطبَ والخطبُ مبهمُ
- وَقَلْبٍ لَوْ أَنَّ السَّيْفَ عَارَضَ صَدْرَهُ
- لغادرَ حدَّ السيفِ وهوَ مثلمُ
- إِلَى مِقْوَلٍ تَرْفَضُّ عَنْ عَزَمَاتهِ
- أَوَابِدُ لِلصُّمِّ الشَّوَامِخِ تَقْضِمُ
- صَوَائِبُ يَصْرَعَنْ القُلُوبَ كَأنَّمَا
- يمجُّ عليها السمًّ أربدُ أرقمُ
- وَمَا يَدَّرِي الأَعْدَاءُ مِنْ مُتَدَرِّع
- سَرَابِيلَ حَتْفٍ رَشْحُهَا المِسْكُ أَ
- بَلَّ نَجِيدٍ بَيْنَ أَحْنَاءِ سَرْجِهِ
- شِهَابٌ وَفِي ثَوْبَيْهِ أَضْبَط ضَيْغَمُ
- إِذَا الدَّهْرُ أًنْحَى نَحْوَهُ حَدَّ ظُفْرِهِ
- ثَنَاهُ وَظُفْرُ الدَّهْرِ عَنْهُ مُقَلَّمُ
- وَإِنْ عَضَّهُ خَطْبٌ تَلَوَّى بِنَابِهِ
- وَأَقْلَعَ عَنْهُ الخَطْبُ وَالنَّابُ أَدْرَمُ
- وَلَمْ تَرَ مِثْلِي مُغْضِباً وَهْوَ نَاظِرٌ
- وَلَمْ تَرَ مِثْلِي صَامِتاً يَتَكَلَّمُ
- بالشعر يبدي المرءُ صفحة َ عقلهِ
- فيعلنُ منه كلَّ ما كانَ يكتمُ
- وسيانِ منْ لمْ يمتطِ اللبُّ شعرهُ
- فيملكُ عطفيهِ وآخرُ مفحمُ
- جَوَائِبُ أَرْجَاءِ البِلاَدِ مُطِلَّة ٌ
- تَبِيدُ اللَّيَالِي وَهِيَ لاَ تَتَخَرَّمُ
- أَلَمْ تَرَ مَا أَدَّتْ إِلَيْنَا وَسَيَّرَتْ
- على قدمِ الأيامِ عادَ وجرهمُ
- همُ اقتضبوا الأمثالَ صعباً قيادها
- فذلَّ لهمْ منها الشريسُ الغشمشمُ
- وَقَالُوا الهَوَى يَقْظَانُ وَالعَقْلُ رَاقِدٌ
- وذو العقلِ مذكورٌ وذو الصمتِ أسلمُ
- ومما جرى كالوسمِ في الدهرِ قولهمْ
- على نفسهِ يجني الجهولُ ويجرمُ
- وَكَالنَّارِ فِي يَبْسِ الهَشِيمِ مَقَالُهُمْ
- ألا إنَّ أصلَ العودِ منْ حيثُ يقضمُ
- فَصِيحٌ عَلَى وَجْهِ الزَّمَانِ وَأَعْجَمُ
المزيد...
العصور الأدبيه