الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن المعتز >> يا دارُ، يا دارَ أطرابي وأشجاني، >>
قصائدابن المعتز
يا دارُ، يا دارَ أطرابي وأشجاني،
ابن المعتز
- يا دارُ، يا دارَ أطرابي وأشجاني،
- أبلَى جَديدَ مَغانيكِ الجَديدانِ
- لئنْ تخليتُ من لهوي ومن سكني ،
- لقد تاهلتُ من همي ، وأحزاني
- جاءَتك رائحَة ٌ في إثرِ باكِرَة ٍ،
- تروي ثرى منك امسى غيرَ ريانِ
- حتى ارى النورَ في مغناك مبتمساً ،
- كأنّهُ حَدَقٌ في غَيرِ أجفانِ
- لمّا وَقَفَتُ على الأطلالِ أبكاني
- ما كانَ أضحَكني منها وألهاني
- فَما أقُولُ لدَهرٍ شَتّتَتْ يَدهُ
- شملي ، واخلى من الأحبابِ أوطاني
- وما أتاني بنُعمَى ظَلتُ لابسَها،
- إلاّ انثَنَى مُسرِعاً فيها، فعَرّاني
- كم نعمة ٍ عرفَ الإخوانُ صاحبها ،
- لمّا مَضَتْ أنكَرُوهُ بَعدَ عِرفانِ
- و مهمهٍ كرداءِ العصبِ مشتبهٍ ،
- قَطّعتُهُ، والدُّجى والصّبحُ خَيطان
- والرّيحُ تَجذِبُ أطرافَ الرّداءِ، كما
- أفضَى الشّقيقُ إلى تَنبيهِ وَسنان
- حتى طويتُ على أحشاءِ ناجية ٍ ،
- كأنّما خَلقُها تَشييدُ بُنيانِ
- كأنّ أخفافها ، والسيرُ ينقلها ،
- دلاءُ بئرٍ تدلتْ بينَ أشطانِ
- لها زِمامٌ، إذا أبصرتُ جَولَتَهُ
- حسبتُ في قَبضَتي أثناءَ ثُعبانِ
- إلى هِلالٍ تَجَلّتْ عنهُ لَيلَتُهُ،
- باريهِ صورهُ في خلقِ إنسانِ
- لَجّتْ بِنا هُجرَة ٌ، والقَلبُ عندكمُ،
- فأطلَقي القَلبَ، أو قُودي لجُثماني
- أنا الذي لم تدَعْ فيهِ محَبّتَكُم
- فضلاً لغيركَ من إنسٍ ولا جانِ
- فإن أرَدتِ وِصالاً فاقبلي صِلَتي
- منّي وإلاّ، فهجرانٌ بهجرانِ
- ما الودّ مني بمنقولٍ إلى مذقٍ ،
- ولَستُ أطرحُ نَفسي حَيثُ تَلحاني
- و لا أريدُ الهوى ، إن لم يكن لهوى
- نَفسي ، وبعضِ الهوى والموتُ سِيّانِ
- و ربّ سرٍّ كنارِ الصخرِ كامنة ٍ ،
- أمَتُّ إظهارَهُ منّي، فأحياني
- لم يَتّسَعْ مَنطِقي فيهِ ببائحَة ٍ
- حزماً ولا ضاقَ عن مثواهُ كتماني
- و ربّ نارٍ أبيتُ الليلَ أوقدها
- في لَيلَة ٍ من جُمادى ذاتِ تَهتانِ
- يُقَيّدُ اللّحظَ فيها عن مَسالِكِها،
- كأنّها لَبِسَتْ أثوابَ رُهبانِ
- ما زلتُ أدعو بضوءِ النارِ مقترباً ،
- يُغري دُجَى اللّيلِ منه شخصُ حَرّانِ
- و قد تشقُّ غبارُ الحربِ لي فرسٌ
- مُقَدَّمٌ، غيرُ هَيّابٍ، ولا وانِ
- و قدُّ قائمة ٍ منهُ مركبة ٍ
- في مَفصلٍ ضامرِ الأعصابِ ظَمآنِ
- بحَيثُ لا غوثَ إلاّ صارِمٌ ذكَرٌ،
- و جنة ٌ كحبابِ الماءِ تغشاني
- و صعدة ٍ كرشاءِ البئرِ ناهضة ٍ ،
- بأزرقٍ كاتقادِ النجمِ يقظانِ
- سَلي، فدَيتُكِ، هل عَرّبتُ من مِنَني
- خلقاً، وهل رُحتُ في أثوابِ مَنّانِ
- وهل مَزَجتُ صَفائي للصّديقِ، وهل
- أودَعتُ، ياهندُ، غيرَ الحمدِ خَزّاني
- و لا عققتُ بجسّ الكأسِ ساقيتي ،
- و لا عففتث ، وظلّ الدهرُ ينعاني
- أسررتُ حزناً بها والقلبُ مضطربٌ ،
- و راحَ يبني بغيرِ الحقّ إعلاني
- وقد أرِقتُ لبَرقٍ طارَ طائِرُهُ،
- والنّومُ قد خاطَ أجفاناً بأجفانِ
- في مُكفهرٍّ كرُكنِ الطّودِ مُصطخِبٍ،
- كأنّ إرعادهُ تحنانُ ثكلانِ
المزيد...
العصور الأدبيه