الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن المعتز >> وقَفَ الشّبابُ، وأنتَ تابعُ غَيّهِ، >>
قصائدابن المعتز
وقَفَ الشّبابُ، وأنتَ تابعُ غَيّهِ،
ابن المعتز
- وقَفَ الشّبابُ، وأنتَ تابعُ غَيّهِ،
- لا تَرعَوي لنَذيرِ شَيبٍ قد نَهَى
- يا جَهلَ قَلبٍ منكَ عُطّلَ حِلمُهُ،
- لو كانَ دانَى غَيَّهُ، أو أشبَهَا
- أمستْ بلادُ الخوفِ تَضرِبُ بابَها
- دوني ، وأمسى دونها لي منتهى
- خلتْ غليلَ الشوقِ بينَ جوانحي
- قِطعَاً، فعدّتْ كيفَ كانَ ودَلَّهَا
- أبلَى الهَوَى والوَجَدُ سِلكَ دُمُوعهِ،
- فإذا نجيُّ الفكرِ حركهُ وهى
- لا يستقرُّ بهِ مضاجعُ جنبهِ
- حتى الصّباحِ تَقَلّبَا وتأوُّهَا
- حظٌّ مضى ما كنتُ أعرفُ قدرهُ ،
- حتى انتهى ، فعرفتهُ ، حينَ انتهى
- أفنيتهُ وسنانَ أخبطُ غمرة ً
- بيدي ، فأنبههُ الزمانُ ونبها
- لا مثلَ أيامٍ مضينَ بلهوها ،
- مَنكُورَة ٍ أعطَتْ فُؤادي ما اشتَهَى
- أيامَ عمري في سنيَّ ، ورتبتي
- مني ، وسلطاني على حدقِ المها
- و جهلتُ ما جهلَ الفتى زمنَ الصبا ،
- فالآنَ قد وَعَظَ المَشيبُ وفَوّهَا
- فالآنَ قد كَشَفَ الزّمانُ قِناعَهُ
- ولَهَوتُ من لَهوِ النّفوسِ بغادَة ٍ
- تحكي بنغمتها الحمامِ المولها
- و كأنها والشربُ قد أذنوا لها ،
- دَنِفٌ أشارَ برأسِهِ، فتأوّها
- ونَذيرُ ناظِرَتَينِ في أجفانِها،
- لم تَعرفَا عَنَتَ الدّموعِ فتَمرَهَا
- و كأنّ إبريقَ المدامة ِ ، بيننا ،
- ظبيٌ على شرفٍ أنافَ مدلها
- لمّا استَحَثّتهُ السّقاة ُ حنَى لها،
- فبَكَى على قدَحِ النّديمِ، وقَهقَهَا
- حسناتُ دهرٍ قد مضينَ لذيذة ً ،
- وبَقيتُ مُعتَلَّ البقَاءِ، مُولَّهَا
- يا مَن يُشيرُ إلى العداوَة ِ بُردَهُ،
- إرجِعْ بكَيدِكَ طائعاً، أو مُكرَهَا
- فطنٌ إذا ما الذمُّ قامَ خطيبهُ ،
- فإذا خطيبُ الحمدِ أسمعهُ سها
- لا تُخدَعَنّ بواعدٍ لكَ نُصرَة ً،
- مَن سَلّ سَيفَكَ للعُقوقِ فقد وَهَى
- ولقَد تُكَلَّفُ حاجَتي عِيدِيّة ٌ،
- جِنُّاتُ قَفرٍ يَنتَهِبنَ المَهمَهَا
- طارتْ بأجنحة ِ القيودِ مدلة ً ،
- في السّيرِ يَخبِطنَ الطّريقَ الأفوَهَا
- قُبٌّ، بَناها النّجمُ، فهيَ عَرائِسٌ،
- أشباهُ خَلقٍ، لم تجابِ الأفرَهَا
- لمّا وَرَدنَ الماءَ خَلّفنَ الصّدَى ،
- وخَرجنَ من سُقمِ الهَواجرِ نُقَّهَا
- و لقد شهدتُ الحربَ تلمعُ بيضها ،
- ورأيتُ مِن غُولِ المَنايا أوجُهَا
- ورأيتُ من عُشَراءِ دَهرٍ قُسوَة ً،
- وبَلغتُ مأمُولَ النّعيمِ الأرفَهَا
- و فعلتُ ما فعلَ الكرامُ ، وإنما
- أحظَى الوَرى بالحمَدِ إعطاءُ اللُّهَى
- وفَتَقتُ أسماعَ الخُصومِ بحجّة ٍ،
- بَيضاءَ تُبري بالبَيانِ الأكمَهَا
- إنّي، إذا فَطِنَ الزّمانُ، لناطقٌ،
- وسكَتُّ حينَ رأيتُ دَهراً أبلَهَا
المزيد...
العصور الأدبيه