الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن المعتز >> هيَ الدّارُ إلاّ أنّها منهمُ قَفرُ، >>
قصائدابن المعتز
هيَ الدّارُ إلاّ أنّها منهمُ قَفرُ،
ابن المعتز
- هيَ الدّارُ إلاّ أنّها منهمُ قَفرُ،
- وإنّي بها ثاوٍ، وإنّهُم سَفرُ
- حبَستُ بها لحظي، وأطلَقتُ عَبرَتي،
- وما كان لي في الصّبرِ لو كان لي عُذرُ
- كأني ، وأيامي التي طوتِ النوى ،
- تجيانِ باتا دونَ لقياهما سترُ
- تَوَهّمتُ فيها مَلعَباً ومَسارِحاً،
- و نؤياً ، كملقى الطوقِ ثلمه القطرُ
- فدَعْ ذكرَ بُثنى قد مضَى ليسَ راجعاً،
- فذلكَ دَهرٌ قد توَلّى ، وذا دَهرُ
- مهَفهفَة ٌ صفرُ الوِشاحِ، كأنّها
- مهاة ُ خلاءٍ ظلّ يكنفها الدُّرّ
- لها وَجنَاتٌ يَضحَكُ الوَردُ فَوقَها،
- وطَرْفٌ مَريضٌ حشوُ أجفانِه السّحرُ
- فما روضة ُ الزهرِ التي تلفظُ الندى ،
- ويُصبحُ فيما بَينَها للنّدى نَشرُ
- بأطيَبَ من سَلمى ، ولا كلُّ طيّبٍ،
- و لا مثلُ ما تحلو به يفعلُ البدرُ
- و غيثٍ خصيبِ التربِ تندى بقاعه ،
- بهيمِ الذرى ، أثوابُ قيعانه خضرُ
- رَجيبٍ كَمَوْجِ الْبَحرِ يَلتَهمُ الرُّبى
- ويَغْرقُ في آكلائِهِ النَّعَمُ الدَّثرُ
- ألَحَتْ علَيهِ كلُّ طَخياءَ ديمَة ٍ،
- إذا ما بكَتْ أجفانُها ضَحِكَ الزّهرُ
- فَما طَلَعَتْ شمسُ النّهارِ ضُحيّة ٌ،
- ولا أُصُلاً، إلاّ ومن دونِها خِدرُ
- كأنّ عُيونَ العاشقينَ مَنوطَة ٌ
- بأرجائِها، فما يَجِفُّ لها شَفرُ
- كأنّ الربابَ الجونَ ، والفجرُ ساطعٌ ،
- دُخانُ حَريقٍ لا يُضِيءُ لهُ جَمرُ
- أمِنكِ سرَى يا شُرُّ بَرقٌ، كأنّهُ
- جَناحُ فؤادٍ خافِقٍ ضَمّهُ صَدرُ
- أرقتُ له ، والركبُ ميلٌ رؤوسهم ،
- يَخوضونَ ضَحضاحَ الكَرى وبهم وقرُ
- علاهم حليدُ الليلِ حتى كأنهمْ
- بُزاة ٌ تَجَلّى في مَراقِبِها قُمرُ
- إلى أن تَعَرّى النّجمُ من حُلّة ِ الدُّجى ،
- وقالَ دليلُ القومِ: قد ثَقَبَ الفَجرُ
- وقدّوا أديمَ القَومِ حينَ تَرَفّعَتْ
- لهم ليلة ٌ أخرى كما حلقَ النسرُ
- و جيشٍ كمثلِ الليلِ يسودُّ شمسهُ ،
- ويَحمَرُّ من أعدائِهِ البَرُّ والبَحرُ
- شَهِدتُ بِطِرْفٍ أعوَجيٍّ وطِرْفَة ٍ،
- وعَضبِ حُسامِ الحَدّ في مَتنِهِ أَثرُ
- و لما التقى الصفانِ فرقَ بيننا
- بريقُ ضرابِ البِيضِ والأسلُ السُّمرُ
- فوَلّوا، وقد ذاقوا التي يَعرِفُونَها،
- فكانَ لَهم عُذرٌ، وكانَ لَنا فَخرُ
- إذا ما رَكبتُ الجَونَ والسّيفُ مُنتضًى ،
- فقلْ لبني حواءَ يجمعهم أمرُ
- و كم من خليلٍ لم أمتعْ بعهدهِ ،
- وفيتُ له بالودّ فاجتحهُ الغدرُ
- فقَدّمتُ صَفحاً عنهُ يُوجبُ شُكرَهُ،
- وما كانَ لي منهُ جَزاءٌ، ولا شكرُ
- وذلكَ حَظّي من رِجالٍ أعِزّة ٍ
- عليّ، فإنْ أهجُرْهُمُ يَكثرِ الهَجرُ
- لهم خيرُ مالي حينَ يعتلُّ مالهم ،
- وسرعَة ُ نَصري حينَ يَعتَذِرُ النّصرُ
- إذا جاءَنا العافي رأى في وُجوهِنا
- طَلاقَة َ أيدينا، وبَشّرَهُ البِشرُ
المزيد...
العصور الأدبيه