الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن المعتز >> رأيتُ فيها برقَها لمّا وَثَبْ، >>
قصائدابن المعتز
رأيتُ فيها برقَها لمّا وَثَبْ،
ابن المعتز
- رأيتُ فيها برقَها لمّا وَثَبْ،
- كمثلِ طرفِ العينِ أو قلبٍ يجب
- ثمّ حدتْ بها الصبا كأنها
- فيها من البرقِ كأمثالِ الشهب
- باكية ٌ يضحَكُ فيها برقُها،
- موصلولة ٌ بالأرض مرماة ُ الطنب
- كأنها ، ورعدها مستعبرٌ
- لَجّ به على بُكاهُ، ذو صَخَب
- جاءتْ بجَفنٍ أكحلٍ، وانصرفتْ
- مرهاءَ من إسبال دمعٍ منسكب
- إذا تَعرّى البرقُ فيها خِلتَه
- بطنَ شجاعٍ في كثيبٍ يضطرِب
- وتَارة ً تُبْصِرُهُ كأَنَّهُ
- أَبْلَقُ مَاَل جُلُّهُ حِيَنَ وَثَبْ
- وتارَة ً تَخالُه، إذا بَدا
- سلاسلاً مصقولة ً من الذّهب
- و الليلُ قد رقّ وأصغى نجمهُ ،
- واستوفزَ الصبحُ، ولمّا ينتقِب
- معترضاً بفَجرِهِ في ليلة ٍ،
- كَفَرَسٍ بيضاءَ دهماءَ اللَّبَب
- حتّى ، إذا لَجّ الثّرى بمائِها،
- وملّها صَدّتْ صُدودَ مَن غَضِب
- كأنّها جمعُ خميسٍ حكَمت
- عليه أبطالُ الرجال بالهرب
- يومَ يخوضُ الحربَ مني عالمٌ ،
- إنّ يدَ الحتف تصيبُ من طلب
- كم غمرة ٍ للموتِ يُخشى خوضُها
- جرَيتُ فيها جرْيَ سِلكٍ في ثَقَب
- حتى إذا قيلَ خضيبٌ بدمٍ
- نجمتُ فيها بحسامٍ مختضب
- الموتُ أولى للفتى من أن يرى
- ظالِعَ دَهرٍ كلّما شاء انقلَب
- و صاحبٍ نبهني بكأسهِ ،
- و الفجرُ قد لاحَ سناهُ وثقب
- لا عذرَ لي في سمتي ولمتي ،
- سيّان من شَيبٍ وشَعرٍ لم يَشِب
- لأي غاياتي أجري بعدما
- رأيتُ أترابي وقد صاروا ترب
- لبستُ أطوارَ الزّمانِ كلَّها،
- فأيّ عيشٍ أرتجي وأطلب
- وسابحٍ مُسامحٍ ذي مَيعة ٍ،
- كأنّهُ حريقُ نارٍ تلتهِب
- تراهُ ، إن أبصرتهُ مستقبلاً
- كأنما يعلو من الأرضِ حدب
- عاري النَّسا يَنتهبُ التُّربَ له
- حوافرٌ باذلة ٌ ما ينتهب
- تصالحُ التربَ ، إذا ما ركضت ،
- لكنها مع الصخورِ تصطخب
- تحسبهُ يزهى على فارسهِ ،
- وإنّما يُزهى به، إذا رُكِب
- أسرعُ من لحظته ، إذا رنا ،
- أطوعُ من عِنانه، إذا جُذِب
- يبلُغُ ما تبلُغه الرّيحُ، ولا
- تبلُغ ما يبلُغه، إذا طلَب
- ذو غرة ٍ قد شدخت جبهته ،
- و أذنٍ مثل السنانِ المنتصبِ
- و ناظرٍ كأنهُ ذو روعة ٍ ،
- و كفلٍ ململمٍ ضافي الذنب
- و منخرٍ كالكيرِ لم تشقَ به
- أنفاسُه، ولم يُخنها في تَعَب
- يبعثها شمائلاً ، وينثني
- جَنائِباً إلى فُؤادٍ يَضطرِب
- قد خاض في يومْ الوغى في حلة ٍ
- حمراءَ تَسديها العَوالي والقُضُب
- في غمرة ٍ كانت رحى الموتِ بها
- تدورُ، والصّبرُ لها منّي قُطُب
- وليلة ٍ ضَمّ إليّ شطرَها
- ضيفي ، ونادى باليفاع تلتهب
- حلّت به الأقدارُ نحوَ عاشقٍ
- لحمدهِ صبٍّ بتفريقِ النشب
- يرى ابتزالَ الوفرِ صونَ عرضهِ ،
- ويجعلُ الذُّخَر له فيما يَهَب
المزيد...
العصور الأدبيه