الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن المعتز >> الا عللاني قبلَ أن يأتيَ الموتُ ، >>
قصائدابن المعتز
الا عللاني قبلَ أن يأتيَ الموتُ ،
ابن المعتز
- الا عللاني قبلَ أن يأتيَ الموتُ ،
- ويُبْنى لجُثماني بدار البِلَى بيْتُ
- ألا عَلّلاني كمْ حَبِيبٍ تَعَذّرَت
- مَودّتُه، عن وَصلِه قد تسلّيتُ
- ألا عَلّلاني ليسَ سَعيي بمُدرَكٍ،
- ولا بوُقوفي بالّذي خُطّ لي فَوتُ
- فأهلكَني ما أهلكَ النّاسَ كلَّهُم،
- صروفُ المنى والحرصُ واللوُّ والليتُ
- ألا رُبّ دَسّاسٍ إلى الكَيدِ حامِلٍ
- ضِبابَ حُقودٍ قد عَرَفتُ ودارَيتُ
- فعادَ صديقاً بعدَما كان شانِئاً،
- بَعِيدَ الرّضى عنّي، فصافى وصافيتُ
- وخِطّة ِ رِبحٍ في العُلى قد أجَبتُها،
- وخطّة ِ خَسفٍ ذاتِ بَخس تأبّيتُ
- وزادُ التّقى مثلُ الرّفيقِ مقدّماً،
- تزَوّدَ قلبي سائغاً لي وأسريتُ
- فلاقيتُهُ في منزِلٍ قد أعَدّ لي
- محلاًّ كريماً لا يرومُ ، فأقريتُ
- ومِن عَجَبِ الأيّامِ بغيُ مَعاشرٍ
- غِضابٍ عَلى سَبقي، إذا أنا جارَيتُ
- لهم رحمٌ دنيا همُ يعرفونها ،
- إذا أنهَكُوهَا بالقَطِيعَة ِ أبقيْتُ
- يَصُدّونَ عن شكري وتُهجَرُ سُنّتي
- على قربِ عهدٍ مثلَ ما يهجرُ البيتُ
- فذلك دأبُ البَرّ منّي ودأبُهم،
- إذا قتلوا نُعمايَ بالكُفرِ أحيَيتُ
- يغيظهمُ فضلي عليهم ، ونقصهم ،
- كأنّيَ قسّمتُ الحظوظَ، فحابَيتُ
- وكم كُرَبٍ أخّاذَة ٍ بحلُوقِهِمْ،
- مصممة ِ البلوى ، كشفتُ وجليتُ
- عرفتُ زماني بؤسهُ ورخاءهُ ،
- ولاقيتُ مكرُوهَ الخُطوبِ، وعانَيتُ
- و دهرٍ مؤاتٍ قد ملكتُ نعيمه ،
- و أعطيتُ من حلواءِ عيشٍ وأعطيتُ
- وآخرُ يُشجيني صَبَرتُ لمَضّهِ،
- و كم من شجى تحتَ التصبرِ قاسيتُ
- و خصمٍ يهدُّ القرمَ رجعُ جوابهِ ،
- ملأتُ له صاعَ الخصامِ ، فوفيتُ
- أصافي بني الشحناءِ ما جمجموا بها ،
- لبُقيا، فإن أغرَوا بيَ الشّرّ أغرَيتُ
- و أتبعُ مصباحَ اليقينِ ، فإنْ بدا
- ليَ الشكُّ في شيءٍ يريبُ تناهيتُ
- و يهماءَ ديمومٍ كسوتُ قفارها
- مَناسِمَ حُرْجُوجٍ، وبهماءَ عَرّيتُ
- شغلتُ همومَ النفسِ عني برحلة ٍ ،
- فأصبحتُ منها فوقَ رحلي ، وامسيتُ
- وماءِ خَلاءٍ قد طرَقتُ بسُدْفَة ٍ،
- عليه القطا كأنّ آجنه الزيتُ
- ومَرقَبَة ٍ مثلِ السّنانِ عَلَوتُها،
- كأني لأردافِ الكَواكبِ ناجيتُ
- و أمنية ٍ لم أمنعِ النفسَ رومها ،
- بلغتُ ، وأخرى بعدها قد تمنيتُ
- و حربٍ عوانٍ يثقلُ الأرضَ حملها ،
- ويلمَعُ في أطرافِ أرْماحِها الموتُ
- شَهِدتُ بصَبْرٍ لا تُوَلّي جنودُه،
- فحاسَيْتُ أكواسَ المنايَا، وساقَيتُ
- و ضيفٍ رمتني ليلة ٌ بسوادهِ ،
- فحيّاهُ بِشري، قبلَ زادي، وَحيّيتُ
- و باتَ بممسى ليلة ٍ غابَ شرها ،
- وقُمْتُ فأُطْعِمْتُ الثّناءَ، وَأُسقيتُ
- ونُعمَى تَضِيقُ النّفسُ حينَ أرُدُّها،
- شكرتُ عليها ذا البلادِ ، وكافيتُ
- و داءٍ من الأعداءِ دبتْ سمومهُ ،
- وأعيا رِفاءَ الشّرّ، بالسّيْفِ داوَيت
- و عزمٍ كمتنِ السيفِ لي ولصاحبي ،
- فما أظهَرتْهُ بَوحة ٌ، مُنذُ أخفَيتُ
- و راحٍ كلونِ التبرِ يضحكُ كأسها ،
- صبحتُ بها شرباً كراماً ، وغاديتُ
- وبيضاءَ تُعطي العينَ حُسناًونَضرة ً،
- شغلتُ بها عصرَ الشّبابِ، وأفنيتُ
- سموتُ لها ، والليلُ قد لاحَ نجمه ،
- فلاقيتُ بدراً في الدُّجى ، حين لاقيتُ
- وكنتُ امرأً منّي التّصابي الذي ترَى ،
- فقد بلَغتْ منّي النُّهى ، فتناهَيتُ
- و قلتُ ألا يا نفسِ هل بعدَ شيبة ٍ
- نذيرٌ ، فما عذري ، غذا ما تماديتُ
- و قد أبصرتْ عيني المنية َ تنتضي
- سيوفَ مشيبي فوق رأسي وأشفيتُ
- فخلّيتُ سُلطانَ التّصابي لأهلِهِ،
- و أدبرتُ عم شأنِ الغويّ ، ووليتُ
- فما انا لولا الذكرُ ما قد علمتمُ ،
- أطعتُ عَذولي، بعدما كنتُ عاصَيتُ
- و قالوا : مشيبُ الرأس يحدو إلى الردى ،
- فقلتُ: أراني قد قَرُبتُ، ودانيتُ
- تبدّلَ قلبي ما تبدّلَ مَفرِقي،
- بياضُ تُقاي، قد نزَعتُ وأبقيتُ
- و قد طالَ ما أترعتُ كأسي من الصبا ،
- زماناً، فقد عطّلتُ كأسي، وأفضَيتُ
المزيد...
العصور الأدبيه