الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الفارض >> نشرتُ في موكبِ العشَّاقِ أعلامي >>
قصائدابن الفارض
نشرتُ في موكبِ العشَّاقِ أعلامي
ابن الفارض
- نشرتُ في موكبِ العشَّاقِ أعلامي
- وكانَ قبلي بُلى في الحبِّ أغلامي
- وسِرْتُ فيهِ ولم أبْرَحْ بِدَوْلَتِهِ،
- حتى وَجَدْتُ مُلوكَ العِشقِ خُدّامي
- ولمْ أزلْ منذُ أخذِ العهدِ في قدمي
- لكَعْبَة ِ الحُسنِ، تجريدي وإحرامي
- وقد رَماني هَواكُم في الغَرامِ إلى
- مقامِ حبٍّ شريفٍ شامخٍ سامِ
- جهلتُ أهليَ فيهِ أهلَ نسبتهِ
- وهمْ أعزُّ أخلاَّئي وألزامي
- قضيتُ فيهِ إلى حين انقضا أجلي
- شهري ودهري وساعاتي وأعوامي
- ظنَّ العذولُ بأنًّ العذلَ يوقفني
- نامَ العذولُ وشوقي زائدُ نامِ
- إن عامَ إنسانُ عَيني في مَدامِعِهِ،
- فقدْ أُمِدّ بإحْسانٍ وإنعامِ
- يا سائقاً عيسَ أحبابي عسى مهلاً
- وسرْ رُوَيْداً، فقَلبي بينَ أنْعامِ
- سَلَكْتُ كُلّ مَقامٍ في مَحَبّتِكُمْ
- وما تَرَكْتُ مَقاماً قَطّ قُدّامي
- وكُنتُ أحْسَبُ أنّي قد وَصَلْتُ إلى
- أعْلى ، وأغْلى مَقامٍ، بينَ أقْوامي
- حتى بَدا لي مَقامٌ لم يكُنْ أرَبي،
- ولمْ يمرَّ بأفكاري وأوهامي
- إنْ كانَ منزلتي في الحبِّ عندكمْ
- ما قد رأيتُ، فقد ضَيّعْتُ أيّامي
- أمنيَّة ٌ ظفرتْ روحي بها زمناً
- واليومَ أحسَبُها أضغاثَ أحْلامِ
- وإنْ يكنْ فرطُ وجدي في محبَّتكمْ
- إثماً فقدْ كثرتْ في الحبِّ آثامي
- ولو عَلِمْتُ بأنّ الحُبّ آخِرُهُ
- هذا الحِمامُ، لَما خالَفْتُ لُوّامي
- أوْدَعْتُ قلبي إلى مَن ليس يَحفَظُهُ
- أبْصرْتُ خلفي، وما طالَعتُ قٌدّامي
- لقدْ رماني بسهمٍ من لواحظهِ
- أصْمى فؤادي، فواشوقي إلى الرامي
- آهاً على نَظرَة ٍ مِنْهُ أُسَرّ بها،
- فإنَّ أقصى مرامي رؤية ُ الرَّامي
- إنْ أسْعَدَ اللّهُ روحي، في محَبّتِهِ،
- وجسمها بينَ أرواحٍ وأجسامِ
- وشاهدتْ واجتلتْ وجهَ الحبيبِ فما
- أسى وأسعدَ أرزاقي وأقسامي
- ها قدأظَلّ زمانُ الوَصْلِ، يا أمَلي،
- فامنُنْ، وثَبّتْ بهِ قَلبي وأقدامي
- وقد قَدِمتُ، وماقدّمتُ لي عَمَلاً،
- إلاّ غَرامي، وأشواقي، وإقدامي
- دارُ السَّلامِ إليها قدْ وصلتُ إذنْ
- منْ سبلِ أبوابِ إيماني وإسلامي
- يا ربَّنا أرني أنظرُ إليكَ بها
- عِندَ القُدومِ، وعامِلني بإكرْامِ
المزيد...
العصور الأدبيه