الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الفارض >> ما بينَ مُعْتَرَكِ الأحداقِ والمُهَجِ، >>
قصائدابن الفارض
ما بينَ مُعْتَرَكِ الأحداقِ والمُهَجِ،
ابن الفارض
- ما بينَ مُعْتَرَكِ الأحداقِ والمُهَجِ،
- أنا القَتيلُ بلا إثْمٍ ولا حَرَجِ
- ودَّعْتُ، قبلَ الهَوى ، رُوحي، لما نَظَرَتْ
- عيناي منْ حسنِ ذاكَ المنظرِ البهجِ
- لِلّهِ أجفانُ عينٍ، فيكَ، ساهِرَة ٍ،
- شَوْقاً إليكَ، وقَلْبٌ، بالغَرامِ، شَجِ
- وأضْلُعٌ نَحِلَتْ كادتْ تُقَوِّمُها،
- مِنَ الجَوى ، كبِدي الحرّى ، مِنَ العَوَجِ
- وأدمعٌ هملتْ لولا التَّنفسُ منْ
- نارِ الهَوى ، لمْ أكَدِ أنجو منَ اللُّجَجِ
- وحبَّذا فيكَ أسقامُ خَفيتُ بها
- عنّي تَقومُ بها، عِنْدَ الهَوى حُجَجي
- أصبحتُ فيكَ كما أمسيتُ مكتئباً
- ولَمْ أقُلْ جَزَعاً:يا أزْمَة ُ انْفَرِجي
- أهفو إلى كلِّ قلبٍ بالغرامِ لهُ
- شغلٌ وكلِّ لسانٍ بالهوى لهجِ
- وكُلِّ سَمْعٍ عنِ اللاحي، بهِ صَمَمٌ؛
- وكلِّ جفنٍ إلى الإغفاءِ لمْ يعجِ
- لا كانَ وجدٌ بهِ الآماقُ جامدة ٌ
- ولا غَرامٌ بهِ الأشْواقُ لمْ تَهِجِ
- عذِّبْ بما شئتَ غيرَ البعدِ عنكَ تجدْ
- أوفى مُحِبٍ، بما يُرْضيكَ مُبْتَهِجِ
- وخذْ بقيَّة َ ما أبقيتَ منْ رمقٍ
- لا خيرَ في الحبِّ إنْ أبقى على المهجِ
- منْ لي باتلافِ روحي في هوى رشأ
- حلوِ الشَّمائلِ بالأرواحِ ممتزجِ
- منْ ماتَ فيهِ غراماً عاشَ مرتقياً
- ما بينَ أهلِ الهوى في أرفعِ الدَّرجِ
- محجَّبٌ لوْ سرى في مثلِ طرَّتهِ
- أغنتهُ غرَّتهُ الغرَّا عنِ السُّرجِ
- وإنْ ضَلِلْتُ بليلٍ، من ذوائِبِهِ،
- أهدى ، لِعيني الهدى ، صُبْحٌ منَ البَلَجِ
- وإنْ تنفَّسَ قالَ المسكُ معترفاً
- لعار في طيبهِ منْ نشرهِ أرجى
- أغوامُ إقبالهِ كاليومِ في قصرٍ
- ويومُ إعراصهِ في الطّولِ كالحججِ
- فإنْ نأى سائراً يا مهجتي ارتحلي
- وإنْ دنا زائراً يا مقلتي ابتهجي
- قُلْ للذي لامني فيهِ، وعنّفَني:
- دعني وشأني وعدْ عنْ نصحكَ السَّمجِ
- فاللّوْمُ لُؤمٌ، ولم يُمدَحْ بهِ أحدٌ؛
- وهل رأيتَ مُحِبّاً بالغرَامِ هُجي
- يا ساكِنَ القَلبِ لاتَنظُرْ إلى سكَني
- وارْبَحْ فؤادَكَ ؛واحذَرْ فتنة َ الدّعجِ
- يا صاحبي، وأنا البَرّ الرّؤوفُ، وقد
- بذلتُ نصحي بذاكَ الحيِّ لا تعجِ
- فيهِ خلعتُ عذاري واطَّرحتُ بهِ
- قَبولَ نُسكيَ، والمَقبولَ من حِججي
- وابيضّ وَجهُ غَرامي في مَحَبّتِهِ،
- واسودَّ وجهُ ملامي فيهِ بالحججِ
- تَبارَكَ اللّهُ!ما أحلَى شَمَائِلَهُ،
- فكمْ أماتتْ وأحيتْ فيهِ منْ مهجِ
- يهوى لذكرِ اسمهِ منْ لجَّ في عذلي
- سمعي وإنْ كانَ عذلي فيهِ لمْ يلجِ
- وأرْحَمُ البرقَ في مَسراهُ، مُنتَسِباً
- لِثَغْرِهِ، وهَوَ مُستحْيٍ من الفَلَجِ
- تراهُ إنْ غابَ عنِّي كلُّ جارحة ٍ
- في كلّ مَعنى ً لطيفٍ، رائقٍ، بهِجِ
- في نغمة ِ العودِ والنَّايِ الرَّخيمِ إذا
- تألَّقا بينَ ألحانٍ منَ الهزجِ
- وفي مَسارِحِ غِزلانِ الخَمائِلِ، في
- بردِ الأصائلِ والإصباحِ في البلجِ
- وفي مَساقِطِ أنداءِ الغَمامِ، على
- بِساطِ نَوْرٍ، من الأزهارِ مُنْتَسِجِ
- وفي مَساحِبِ أذيالِ النّسيمِ، إذا
- أهْدى إليّ، سُحيراً، أطيبَ الأرَجِ
- وفي الْتِثاميَ ثَغْرَ الكاسِ، مُرْتَشِفاً
- رِيقَ المُدامَة ِ، في مُستَنْزَهٍ فَرِجِ
- لم أدرِ ما غُربَة ُ الأوطانِ، وهو معي،
- وخاطِري، أينَ كَنّا، غَيرُ مُنْزَعِجِ
- فالدَّارُ داري وحبِّيَ حاضرٌ ومتى
- بدا فمنعرجُ الجرعاءِ منعرجي
- ليهنَ ركبٌ سروا ليلاً وأنتَ بهمْ
- بسيرهمْ في صباحٍ منكَ منبلجِ
- فليَصنعِ الرّكبُ ما شاؤوا بأنْفُسِهم؛
- هُمْ أهلُ بدرٍ، فلا يَخشونَ من حَرجِ
- يَحقّ عِصياني اللاحي عليكَ، وما
- بأضْلُعي، طاعة ً للوَجْدِ، مِن وَهَجِ
- أنظرْ إلى كبدٍ ذابتْ عليكَ جوى ً
- ومقلة ٍ منْ نجيع الدَّمعِ في لججِ
- وارحمْ تعثرَ آمالي ومرتجعي
- إلى خِداعِ تَمنّي الوَعْدِ بالفَرَجِ
- واعطِفْ على ذُلّ أطماعي بهَلْ وعسَى ،
- وامننْ عليَّ بشرحِ الصَّدرِ منْ حرجِ
- أهلاً بما لمْ أكنْ أهلاً لموقعهِ
- قولِ المبشِّرِ بعدَ اليأًسِ بالفرجِ
- لكَ البشارة ُ فاخلعْ ما عليكَ فقدْ
- ذكرتَ ثمَّ على ما فيكَ منْ عوجِ
المزيد...
العصور الأدبيه