الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الفارض >> أرَجُ النّسيمِ سرَى مِنَ الزّوراء، >>
قصائدابن الفارض
أرَجُ النّسيمِ سرَى مِنَ الزّوراء،
ابن الفارض
- أرَجُ النّسيمِ سرَى مِنَ الزّوراء،
- سحراً فأحيا ميِّتَ الأحياءِ
- أهدى لَنا أرواحَ نَجْدِ عَرْفُهُ،
- فالجوُّ منهُ معتبرُ الأرجاءِ
- ورَوى أحاديثُ الأحِبّة ِ، مُسنداً،
- عنْ إذخرٍ بأذاخرٍ وسخاءِ
- فسكرتُ منْ ريَّاحواشي بردهِ
- وسَرَتْ حُمَيّا البُرءِ في أدوائي
- يا راكِبَ الوَجْناءِ، بُلُغتَ المنى ،
- عُجْ بالحِمى ، إنْ جُزتَ بالجَرعاءِ
- متيمِّماً تلعاتِ وادي ضارجٍ
- مُتَيامِناً عَن قاعَة َ الوَعساءِ
- وإذا وَصَلْتَ أُثَيْلَ سَلْعٍ، فالنّقا،
- فالرَّقمتينِ فلعلعٍِ فشظاءِ
- وكذا عنْ العلمينِ منْ شرقيِّهِ
- ملْ عادلاً للحلّة ِ الفيحاءِ
- واقرِ السَّلامَ عريبَ ذيَّاكَ الَّلوى
- مِن مُغرَمٍ، دَنِفٍ، كَئيبٍ، ناءِ
- صبٍّ متى قفلَ الحجيجُ تصاعدتْ
- زفَراتُهٌ بتَنَفُّسِ الصّعَداءِ
- كَلَمَ السّهادُ جُفونَهُ، فتَبادَرَتْ
- عَبراتُهُ، مَمْزوجَة ً بِدِماءِ
- يا ساكني البَطحاء، هل مِن عَودَة ٍ
- أحيا بها يا ساكني البطحاءِ
- إنْ ينقضي صبري فليسَ بمنقضٍ
- وجدي القَديمُ بكُمْ، ولابُرحائي
- ولَئِنْ جَفا الوَسميُّ ماحِلَ تُرْبِكُم،
- فمدامعي تربي على الأنواءِ
- واحسْرَتي، ضاعَ الزَّمانُ ولم أفُزْ
- منكمْ أهيلَ مودَّتي بلقاءِ
- ومتى يؤمِّلُ راحة ً منْ عمرهُ
- يومانِ يومُ قلى ً ويومُ تناءِ
- وحياتكمْ يا أهلَ مكَّة َ وهيَ لي
- قسمٌ لقدْ كلفتْ بكمْ أحشائي
- حبَّيكمُ في النَّاسِ أضحى مذهبي
- وهواكُمُ ديني وعَقْدُ وَلائي
- يا لائِمي في حُبّ مَنْ أجلِهِ
- قد جَدّ بي وَجدي، وعَزّ عَزائي
- هَلاّ نَهاكَ نُهاكَ عن لَوْمِ امرِىء ٍ،
- لمْ يلفَ غيرَ منعَّمٍ بشقاءِ
- لو تَدْرِ فيمَ عَذَلْتني لَعَذَرْتَني،
- خفض عليكَ وخلِّني وبلائي
- فلنازلي سرحِ المربعِ فالشَّبيـ
- ـكة ِ فالثَّنيَّة ِ منْ شعابِ كداءِ
- ولحاضِري البَيتِ الحَرامِ، وعامِري
- تِلكَ الخيامِ، وزائري الحَثْماءِ
- ولِفِتيَة ِ الحَرَمِ المَريعِ، وجِيرَة ِ الـ
- ـحَيّ المَنيعِ، تَلَفُّتي وعَنائي
- فهمُ همُ صدُّوا دنو أوصلوا جفوا
- غدروا وافوا هجروار ثولضنائي
- وهُمُ عِياذي، حيثُ لم تُغنِ الرُّقى ،
- وهمْ ملاذي إنْ غدتْ أعدائي
- وهُمُ بِقلْبي، إنْ تناءَتْ دارُهُمْ
- عنِّي وسخطي في الهوى ورضائي
- وعلى محلِّي بينَ ظهرانيهمِ
- بالأخشَبينِ، أطوفُ حَولَ حِمائي
- وعلى اعتِناقي للرّفاقِ، مُسَلِّماً،
- عِنْدَ استِلامِ الرّكنِ، بالإيماءِ
- وتذكُّري أجيادَ وردي في الضُّحى
- وتهجُّدي في الَّليلة ِ الَّليلاءِ
- وعلى مُقامي بالمَقامِ، أقامَ في
- جِسمي السّقامُ، ولاتَ حينَ شِفاءِ
- عَمْري، ولو قُلِبَتْ بِطاحُ مَسيلِهِ
- قلباً لقلبي الرِّيُّ بالحصباءِ
- أسْعِد أُخَيَّ، وغنّني بحَديثِ مَنْ
- حلَّ الأباطعَ إنْ رعيتَ إخائي
- وأَعِدْهُ عِنْدَ مَسامِعي، فالرّوحُ، إن
- بَعُدَ المَدى ، تَرتاحُ للأنْباءِ
- وإذا أذى أَلمٍ ألَمَّ بِمُهجَتي،
- فَشذا أُعَيشابِ الحِجازِ دَوائي
- أأزادُ عنْ عذبِ الورودِ بأرضهِ
- وأُحادُ عنْهُ، وفي نَقاهُ بَقائي
- ورُبوعُهُ أربي، أجَل، ورَبيعُهُ
- طربي وصارفُ أزمة ِ اللّأواءِ
- وجِبالُهُ لَي مَرْبَعٌ، ورِمالُهُ
- ليَ مرتعٌ وظلالهُ أفيائي
- وتُرابُهُ نَدّي الذّكيُّ، وماؤهُ
- وردى الرَّويُّ وفي ثراهُ ثرائي
- وشعابهُ ليَ جنَّة ٌ وقبابهُ
- ليَ جنَّة ٌ وعلى صفاهُ صفائي
- حيَّا الحيا تلكَ المنازلَ والرُّبى
- وسقى الوليُّ مواطنَ الآلاءِ
- وسقى المشاعرِ والمحصَّبِ منْ منى
- سَحّاً، وجادَ مَواقِفَ الأنضاءِ
- ورَعى الإلَهُ بها أصَيحابي، الأُلى
- سامرتهمْ بجامعِ الأهواءِ
- ورَعى لَيالي الخَيْفِ، ماكانتْ سِوى
- حُلُمٍ مَضى ، مَعَ يَقظَة ِ الإغْفاءِ
- واهاً على ذاكَ الزَّمانِ وما حوى
- طيبُ المكانِ بغفلة ِ الرُّقباءِ
- أيّامَ أرْتَعُ في ميادينِ المُنى ،
- جَذِلاً، وأرْفُلُ في ذُيولِ حِباءِ
- ما أعجبَ الأيَّامَ توجبُ للفتى
- مِنَحاً، وتَمْحَنُهُ بِسلبِ عَطاءِ
- يا هلَّ لماضي عيشنا منْ عودة ٍ
- يوماً وأسمحُ يعدهُ ببقائي
- هيهاتِ، خابَ السّعيُ وانفصَمتْ عُرى
- حبلِ المنى وانحلَّ عقدُ رجائي
- وكفى غراماً أنْ أبيتَ متيَّماً
- شَوقي أماميَ، والقضاءُ ورائي
المزيد...
العصور الأدبيه