الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الرومي >> بكاؤكُما يشفي وإن كان لا يجدي >>
قصائدابن الرومي
بكاؤكُما يشفي وإن كان لا يجدي
ابن الرومي
- بكاؤكُما يشفي وإن كان لا يجدي
- فجودا فقد أودى نظيركمُا عندي
- بُنَيَّ الذي أهدتهُ كفَّاي للثَّرَى
- فيا عزَّة َ المهدى ويا حسرة المهدي
- ألا قاتل اللَّهُ المنايا ورميها
- من القومِ حَبّات القلوب على عَمدِ
- توخَّى حِمَامُ الموت أوسطَ صبيتي
- فلله كيف اختار واسطة َ العقدِ
- على حين شمتُ الخيرَ من لَمَحاتِهِ
- وآنستُ من أفعاله آية َ الرُّشدِ
- طواهُ الرَّدى عنِّي فأضحى مَزَارهُ
- بعيداً على قُرب قريباً على بُعدِ
- لقد أنجزتْ فيه المنايا وعيدَها
- وأخلفَتِ الآمالُ ماكان من وعدِ
- لقد قلَّ بين المهد واللَّحد لبثُهُ
- فلم ينسَ عهد المهد إذ ضمَّ في اللَّحدِ
- تنغَّصَ قَبلَ الرَّيِّ ماءُ حَياتهِ
- وفُجِّعَ منه بالعذوبة والبردِ
- ألحَّ عليه النَّزفُ حتى أحالهُ
- إلى صُفرة الجاديِّ عن حمرة الوردِ
- وظلَّ على الأيدي تساقط نَفْسْه
- ويذوِي كما يذوي القضيبُ من الرَّنْدِ
- فَيالكِ من نفس تساقط أنفساً
- تساقط درٍّ من نِظَام بلا عقدِ
- عجبتُ لقلبي كيف لم ينفطرْ لهُ
- ولو أنَّهُ أقسى من الحجر الصَّلدِ
- بودِّي أني كنتُ قُدمْتُ قبلهُ
- وأن المنايا دُونهُ صَمَدَتْ صَمدِي
- ولكنَّ ربِّي شاءَ غيرَ مشيئتي
- وللرَّبِّ إمضاءُ المشيئة ِ لا العبدِ
- وما سرني أن بعتُهُ بثوابه
- ولو أنه التَّخْليدُ في جنَّة ِ الخُلدِ
- ولا بعتُهُ طَوعاً ولكن غُصِبته
- وليس على ظُلمِ الحوداث من معدِي
- وإنّي وإن مُتِّعتُ بابنيَّ بعده
- لَذاكرُه ما حنَّتِ النِّيبُ في نجدِ
- وأولادنا مثلُ الجَوارح أيُّها
- فقدناه كان الفاجع البَيِّنَ الفقدِ
- لكلٍّ مكانٌ لا يسُدُّ اختلالهُ
- مكانُ أخيه في جَزُوعٍ ولا جلدِ
- هلِ العينُ بعدَ السَّمع تكفي مكانهُ
- أم السَّمعُ بعد العينِ يهدي كما تهدي
- لَعمريلقد حالتْ بيَ الحالُ بعدهُ
- فيا ليتَ شِعري كيف حالتْ به بعدِي
- ثَكلتُ سُرُوري كُلُّه إذْ ثَكلتُهُ
- وأصبحتُ في لذَّاتِ عيشي أَخا زُهدِ
- أرَيحانة َ العَينينِ والأنفِ والحشا
- ألا ليتَ شعري هلْ تغيَّرتَ عن عهدي
- سأسقيكَ ماءَ العين ما أسعدتْ به
- وإن كانت السُّقيا من الدَّمعِ لا تُجدي
- أعينيَّجودا لي فقد جُدتُ للثَّرى
- بأنفس ممَّا تُسأَلانِ من الرِّفدِ
- أعينيَّإنْ لا تُسعداني أَلُمْكُما
- وإن تُسعداني اليوم تَستوجبا حَمدي
- عذرتُكما لو تُشغلانِ عن البكا
- بنومٍوما نومُ الشَّجيِّ أخي الجَهدِ
- أقرَّة َ عينيقدْ أطلت بُكاءها
- وغادرتها أقْذَى من الأعْيُنِ الرُّمدِ
- أقرة عينيلو فَدى الحَيُّ ميِّتاً
- فديتُك بالحوبَاء أوَّلَ من يفدِي
- كأني ما استَمْتَعتُ منك بنظرة
- ولا قُبلة ٍ أحلى مذَاقاً من الشَّهدِ
- كأني ما استمتعتُ منك بضمّة ٍ
- ولا شمَّة ٍ في ملعبٍ لك أو مهدِ
- ألامُ لما أُبدي عليك من الأسى
- وإني لأخفي منه أضعافَ ما أبدي
- محمَّدُما شيءٌ تُوهِّم سلوة ً
- لقلبي إلاَّ زاد قلبي من الوجدِ
- أرى أخويكَ الباقِيينِ فإنما
- يكونان للأحزَانِ أورى من الزَّندِ
- إذا لعِبا في ملعب لك لذَّعا
- فؤادي بمثل النار عن غير ما قَصدِ
- فما فيهما لي سَلوة ٌ بلْ حَزَازة ٌ
- يَهيجانِها دُوني وأَشقى بها وحدي
- وأنتَ وإن أُفردْتَ في دار وحْشة ٍ
- فإني بدار الأنسِ في وحشة الفردِ
- أودُّ إذا ما الموتُ أوفدَ مَعشَراً
- إلى عَسكر الأمواتِ أنِّي من الوفْدِ
- ومن كانَ يَستهدي حَبِيباً هَديَّة ً
- فطيفُ خيالٍ منك في النوم أستهدي
- عليك سلامُ الله مني تحيَّة ً
- ومنْ كل غيثٍ صادقِ البرْقِ والرَّعدِ
المزيد...
العصور الأدبيه