الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن المنِيَّة َ لا تبقي على أحدِ >>
قصائدابن الرومي
إن المنِيَّة َ لا تبقي على أحدِ
ابن الرومي
- إن المنِيَّة َ لا تبقي على أحدِ
- ولا تهابُ أخا عز ولا حَشَدِ
- هذا الأميرُ أتتهُ وهوَ في كنفٍ
- كاللّيل من عُدَدٍ ما شئتَ أو عدَدِ
- من كلِّ مُستَعذِبٍ للموتِ دَيْدَنُهُ
- بَزُّ الكُماة ِ ولبسُ البيض والزَّرَدِ
- مُعتادة ٌ قَنَصَ الأبطال شِكَّتُهُ
- يرى الطَّرادَ غداة الرَّوعِ كالطَّرَدِ
- كأنه اللَّيْثُ لا تثني عزيمتَهُ
- إلاَ عَزيمتُهُ أو جرعة ُ النَّفَدِ
- ولم تزلْ طوعَ كَفَّيهِ يُصَرِّفُها
- بين الأنام ولا تعْصِيه في أَحَدِ
- حتى أتاه رسولُ الموت يُؤذِنُهُ
- أن البقاء لوجه الواحد الصَّمَد
- لله من هالِكٍ وافَى الحِمامُ بِهِ
- أُخرى الحياة ِوأخرى المجدِ في أمدِ
- كم مُقْلة ٍ بعدَه عَبْرَى مُؤرَّقَة ٍ
- كأنَّما كُحِلَتْ سَمَّاً على رمدِ
- جادتْ عليه فأغنتْ أن يُقال لها
- ياعينُ جودي بدمعٍ منك مُطَّردِ
- إنْ لا يكن ظُفُرُ الهَيجَا مَنِيَّتَهُ
- فأكرمُ النَّبْتِ يذوِي غير مُحتصَدِ
- أما ترى الغَرْسَ لا تَذوي كَرائمُهُ
- ألا على سُوقِها في سائر الأبدِ
- لِمِيتة ِ السَّيْفِ قَومٌ يشرفونَ بها
- لَيسوا من المجْدِ في غاياتِه البُعَدِ
- عزُّ الحياة وعزُّ الموت ما اجتمعا
- أسنى وأبنى لِبيت العزِّ ذي العُمُدِ
- مَوتُ السَّلامة للإنسان نَعْلَمُهُ
- وإنَّما القِتْلَة ُ الشَّنعاءُ للأسَدِ
- لم يُعمِل السَّيْفَ ظُلماً في ضرائبه
- فلم يسلطْ عليه سيفُ ذي قَوَدِ
- لا تبعدَنَّ أبا العباس من مَلِكٍ
- وإنْ نأيتَ وإن أصبحت في البَعَدِ
- غادرتَ حوضَ المنايا إذْ شَربتَ بِهِ
- عذْبَ المذاق كذوب الشَّهْد بالبَردِ
- وإن فَضْلة َ كأسٍ أنتَ مُفْضِلُها
- لَذاتُ بَرْدٍ على الأحشاء والكَبدِ
- ما متَّ بل مات أهلُ الأرض كلُّهمُ
- إذ بنتَ منهم وكنت الروح في الجسدِ
- فأنت أولى وإن أصبحت في جَدَثٍ
- بأن تُعَزَّى بأهل الوعث والجُدُدِ
- كم من مصائبَ كان لدهرُ أخْلَقَها
- أضحى بك النَّاسُ في أثوابها الجُدُد
- من بين باكٍ له عينٌ تساعده
- وبين آخر مَطويٍّ على كمدِ
- فَعَبْرَة ٌ في حُدُور لا رُقُوء لها
- وزفرة ٌ تملأ الأحشاء في صَعَدِ
- سوَّيْتَ في الحُزن بين العالمينَ كما
- سوَّيْتَ بينهُم في العيشة الرَّغَدِ
- بثَثْتَ شَجْوَكَ فيهم إذ فُقدْتَ كما
- بثثت رفْدَكَ فيهم غَيْرَ مُفْتَقَدِ
- عَدْلاً حياة وموت منك لو وُزِنا
- هذا بذاك لم يَنْقُصْ ولم يَزدِ
- قدْ كنتَ أنْسَيْتَهُمْ أن يذْكُروا حَزَناً
- فَاليوم ينسون ذكرَ الصبر والجلدِ
- نَكَأتَ منهم كُلُوماً كان يَكلِمُها
- رَيْبُ الزمان فتأسوها بخَيْرِ يَدِ
- عجبت للأرض لم تَرجُفْ جوانبها
- وللجبال الرَّواسي كيفَ لمْ تَمدِ
- عجبتُ للشمس لم تُكسفْ لمهلِكِهِ
- وهو الضِّياء الذي لولاه لم تقدِ
- هَلاَّ وَفَتْ كوفاء البدر فادَّرَعَتْ
- ثوبَ الكُسُوف فلم تُشْرقْ على بلدِ
- لا ظُلْمَ لَوْ شاهدَتْ من حال مَصْرَعه
- ما شاهدَ البدرُ لم تشرق ولم تكَدِ
المزيد...
العصور الأدبيه