الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الرومي >> أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا >>
قصائدابن الرومي
أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا
ابن الرومي
- أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا
- ولن يدومَ على العصرَين ما اعْتقبا
- أعزِزْ عليَّ بأن أضحتْ مناسبُهْ
- بُدِّلنَ فيه وفي أيامهِ نُدَبَا
- سَقيا لأزمان لم أستسقِ من أسفٍ
- لمَّا تولى ولا بكَّيت ما ذهبا
- أيام أستقبلُ المنظورَ مبتهجاً
- ولا أَحنُّ إلى المذكور مكتئبا
- للَّه درُّك من عهدٍ ومن زمنٍ
- لا يَبْعُدا بَعُدا بالرغم أو قرُبا
- إذا أصحبُ الدهرَ مغتراً بصحبته
- إذا أعارَ متَاعَاً خِلْتُهُ وهَبَا
- لا أحسب العيس يَبلَى ثوبُ جِدَّتهِ
- ولا إخالُ زماني يُعْقِبُ العُقَبا
- أغدو فأجني ثمار اللهو دانية ً
- مثلَ الغصون وأرمي صيدَه كَثَبَا
- بينا كذلك إذ هبّتْ مُزَعزِعة ٌ
- أضحى لها مُجتَنى اللذّات مُحْتَطَبَا
- يا ظبية ً من ظباءٍ كان مسكنُها
- في ظل غُصني إذا ظلُّ الضحى التهبا
- فيئي إليكِ فقد هزَّته مُعْصفة ٌ
- لم تَتركْ وَرِقاً منهُ ولا هَدَبَا
- أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهة ٌ
- يدعونني البيضُ عمَّا تارة وأبا
- وتلك دعوة إجلالٍ وتكرمة ٍ
- ودَدْتُ أنِّيَ معتاض بها لقبا
- قد كنتُ أدعَى ابنَ عمٍ مرة ً وأخاً
- حتَّى تقلَّب دهرٌ يعقِبُ العُقَبَا
- واهاً لذلك في الأنساب من نسبٍ
- لكنَّ يا عمِّ لا وَاهاً ولا نسبا
- عجبت للمرء لا يحمي حقيقتَهُ
- مسلوبة ً كيف يحمي بعدها سلبا
- قالوا المشيبُ نذير قلت لا وأبي
- لكنْ بشيرٌ يجلِّي وجهُه الكُرَبا
- أليسَ يخبر مَنْ أرسى بساحتِهِ
- أن اللَّحاقَ بحبِّ النفس قد قَرُبا
- يا حُسْن هاتيك بشرى عند ذي أسفٍ
- على الشبيبة والعيش الذي نضبا
- لم يرعَ حقَّ شَبَابٍ كان يصحبُهُ
- من لم يُحَبِّبْ إليه فَقْدُهُ العَطَبا
- لو لم يجب حفظُهُ إلاَّ لأنَّ لهُ
- حقَّ الرضاعِ على إخوانه وجبا
- أخي وإلفي وتربي كان مولدُنا
- معاً وربَّتْني الأيامُ حيثُ رَبَا
- يضمُّنا حجْرُ أُمٍّ في رضاعتنا
- وملعبٌ حيث نأتي بيننا اللَّعبا
- إن الشباب لمَألوفٌ لصُحْبَتِهِ
- تلك القديمة مَبْكيٌّ إذا ذهبا
- والشيب مُسْتَوْحَشٌ منه لغربته
- والشيْءُ مستوحشٌ منه إذا اغتربا
- دع الخلافة َ يا مُعْتَزّ من كثبٍ
- فليس يكسوك منها اللَّهُ ما سَلَبَا
- أترتَجي لُبْسَها من بعد خَلْعَكها
- هيهات هيهات فات الضرعَ ما حلبَا
- تاللَّه ما كان يرضاك المليك لها
- قبل احتقابك ما أصْبحت محتقبا
- حتى أذلَّك عنْها ثم أبدلها
- كُفؤاً رضيَّا لذات اللَّه مُنْتَجَبَا
- فكيف يرضاك بعد الموبقاتِ لها
- لا كيف لا كيف إلا المينَ والكذبا
- هذي خراسان قد جاشت حلائبُها
- تُزْجي لنصر أخيها عارضاً لَجِبَا
- كالبحر ألقى عليه الليلُ كَلْكَلَهُ
- وزَعْزَعَتْ جانبيه الريح فاضطربا
- خيل عليهنّ آساد مدرّبة ٌ
- تأجَّموا الأسلَ الخطِّي لا القَصَبَا
- مُسْتَلْئِمُونَ حصيناتٌ مقَاتلهم
- مُكَمَّمُون حَبيكَ البَيض واليلبا
- والمصعَبيُّونَ قومٌ من شمائلهم
- قتلُ الملوكِ إذا ما قتلهُمْ وجبا
- هم الأُلى يَنصُرُون الحقَّ نُصْرَتَهُ
- ولا يبالون فيه عَتْبَ من عتبا
- الأوفياءُ إذا ما معشرٌ نَكَثُوا
- والجاعلون الرضا للَّه والغضبا
- قد جرّب الناسُ قبل اليوم أنهُم
- مُعَوَّدُونَ إذا ما حاربوا الغلبا
- يا من جَنَى لأبيه القتل ثم غدا
- حرباً لِثَائِرِهِ صدَّقْتَ مَنْ ثلبا
- يا أولياءَ عهودِ الشرِّ هَوْنَكُمُ
- منْ غالبَ اللَّهَ في سلطانه غُلِبَا
- لقد جزيتم أباكم حين كرَّمَكُمْ
- بالعهد أسْوَأ ما يجزى البنون أبا
- أضحى إمام الهدى أولى به صِلة ً
- منكم وإن كُنتُمُ أولى به نَسَبَا
- هو الذي سلَّ سيفَ الثأر دونكمُ
- لا يأتلي للذي ضيَّعْتُمُ طلبا
- أقام في الناس عصراً لا يُخيل لها
- ولا يُرشِّحُ من أسبابها سببا
- وكان للَّه غيبٌ فيه يَحْجُبُهُ
- عنَّا وعنه مع الغيب الذي حَجَبا
- حراسة ً من عدوٍ أن يكيدَ لَهُ
- كيداً يحرِّقُ في نيرانه الحطبا
- بل عصمة ً من وليِّ الصالحاتِ لهُ
- كيلا يُجَشِّمَهُ حِرْصاً ولا تعبا
- حتى إذا مهَّدَ اللَّهُ الأمورَ لهُ
- وراضَ منْ جَمَحات الملك ما صَعُبا
- تبلَّجتْ غُرَّة ٌ غَرَّاءُ واضحة ٌ
- مثلُ الشهاب إذا ما ضَوْؤُه ثَقَبَا
المزيد...
العصور الأدبيه