الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الرومي >> أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ >>
قصائدابن الرومي
أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ
ابن الرومي
- أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ
- على ما مضى ؟أم حسرة ٌ تتجدد؟
- خليليَّ ما بعد الشباب رزية
- يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ
- ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما
- تفطر عن عينٍ من الماء جلمدُ
- شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه
- فكيف؟وأنَّى ؟بعده يتجلَّدُ
- وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ، يوجد طعْمُهُ
- فصادَف قَتَّالَ الطُّغاة ِ بمَرْصَدٍ
- رزئت شبابي عودة بعد بدأة ٍ
- وهن الرزايا بادياتٌ وعوّدُ
- سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن، وقبلُهُ
- بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ
- وبُدّلتُ من ذاك البياض وحسنهِ
- بياضاً ذميما لا يزال يُسَوّدُ
- لشتان ما بين البياضين:معجبٌ
- أنيقٌ ومشنوء إلى العين أنكدُ
- تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي
- وأقبحُ ضَحَّاكَيْن: شَيْبٌ وأدْردُ
- وكنتُ جلاءً للعيون من القذى
- فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ
- هي الأعينُ النجلُ التي كنتَ تشتكي
- مواقِعَها في القلب، والرأسُ أسودُ
- فما لك تأسَى الآن لما رأيتها
- وقد جعلت مرمى سواكَ تَعمَّدُ
- تَشَكَّي إذا ما أقصدتكَ سهامُها
- وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ
- كذلك تلكَ النبلُ مَنْ وقعت به
- ومن صُرفتْ عنه من القوم مُقصَدُ
- إذا عدلتْ عنا وجدنا عدولَها
- كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ
- تنكّبُ عنا مرة ً فكأنما
- مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ
- كفى حزناً أن الشباب معجلٌ
- قصيرُ الليالي والمشيب مخلّد
- إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته
- إلى أن يضم المرءَ والشيبَ ملحد
- أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره
- كَمَا أنَّه وِتْرٌ ـ إذا عُدَّ ـ سُؤْددُ
- وجار على ليلِ الشباب فضامَه
- نهارُ مشيبٍ سرمد ليس ينفد
- وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ
- فقالوا: نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ
- وإن سُلَّ منها فالْفَرائضُ تُرْعَدُ
- ولكنّ ظلّ الليل أندى وأبرد
- أقول، وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ
- قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ
- ودبّ كلالٌ في عظامي أدبَّني
- ويوصف إلا أنه لا يُحَدّدُ
- وبورك طرْفي فالشخوص حياله
- قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ
- بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ
- سليمى وريّا عن حديثي ومهددُ
- وبُدِّل إعجاب الغواني تعجباً
- وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ
- لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها
- يكون بكاء الطفل ساعة يولد
- وإلا فما يبكيه منها وإنها
- وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ
- اذا ابصر الدنيا استهل كأنه
- بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ
- وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها
- تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ
- لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي
- بأخرَى حقودٍ والجرائم تحقد
- فصبراً على ما اشتدّ منه فانمأ
- يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ
- تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة
- حوادثهُ والحولُ بالحولِ يُطرد
- ومالي عزاء عن شبابي علمتُه
- سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ
- وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه
- وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ
المزيد...
العصور الأدبيه