الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الخياط >> إذا عزَّ نفسِي عنْ هواكَ قصُورُها >>
قصائدابن الخياط
إذا عزَّ نفسِي عنْ هواكَ قصُورُها
ابن الخياط
- إذا عزَّ نفسِي عنْ هواكَ قصُورُها
- فمِثلُ النَّوى يقضِي عليَّ يسيرُها
- وهلْ غادرَ الهِجْرانُ إلاَّ حُشاشَة ً
- لِنَفْسٍ بأدْنى لوعة ٍ يستطِيرُها
- هوى ٍ ونوى ً يُستقَبَحُ الصَّبْرُ فِيهما
- وحسْبُكَ مِنْ حالٍ يُذَمُّ صَبُورُها
- وقد كنتُ أرجو أنْ تماسَكَ مُهجتِي
- وأنَّكَ مِنْ جُوْرِ الفِراقِ مُجِيرُها
- فما كان إلا غرة ً ما رجوتُهُ
- إلا شرُّ ما أردى النُّفُوسَ غرُورُها
- وإنّي لرهْنُ الشَوْقِ والشَّمْلُ جامِعٌ
- فكيفَ إذا حثَّ الحُداة َ مِسيرُها
- وما زِلتُ مِنْ أسْرِ القطيعَة ِ باكياً
- فمَنْ لِي غداة َ البيْنِ أنِّي أسيرُها
- وكنتُ أرى أنَّ الصُّدودَ مَنِيَّة ٌ
- يكونُ معَ اللَّيلِ التَّمامِ حُضورُها
- فلمَّا قضى التَّفريقُ بالبُعْدِ بينَنا
- وجدْتُ اللَّيالي كانَ حُلواً مَريرُها
- أعدُّ سرورِي أنْ أراكَ بغبطة ٍ
- وأنفَسُ ما يُهدَى لنفْسٍ سُرورُها
- كفى حزَناً أنِّي أبيتُ معذَّباً
- بنارِ همومٍ ليسَ يخبُو سعيرها
- وأنَّ عدُوِّي لا يُراعُ وأنَّنِي
- أبيتُ سَخينَ العينِ وهوَ قريرُها
- تعافُ النُّفوسُ المُرَّ مِنْ وردِ عيشِها
- وتَكْرَهُ حتّى يَستمرَّ مريرُها
- ولا والقَوافِي السائِراتِ إذا غَلَتْ
- بحُكْمِ النَّدى عِندَ الكِرامِ مُهورُها
- لئِنْ أنا لمْ يمنَعْ حِمايَ انتِصارُها
- ويثْنِي أذى العادِينَ عنِّي نكيرها
- فلاَ ظلَّ يوماً مُصحِباً لي أبيُّها
- ولا باتَ ليلاً آنساً بي نَفُورُها
- قطَعْتُ صدُورَ العُمْرِ لمْ أدْرِ لذَّة ً
- وغَفْلَة َ عَيْشٍ كيف كانَ مُرورُها
- ولمَّا رمانِي الدَّهرُ غُدتُ بدَولَة ٍ
- جلا الحادِثاتِ الفادِحاتِ مُنيرُها
- وكيفَ يخافَ الدَّهرَ ربُّ محامِدٍ
- غدا كرمُ المنصورِ وهوَ نصيرُها
- إلى عضُدِ المُلكِ امتطيتُ غرائِباً
- محرَّمَة ٌ إلا علَيَّ ظُهُورُها
- إلى مَلِكٍ تعنُو الملوكُ لبأسِهِ
- ويقصُرُ يومَ الفخرِ عنهُ فخُورُها
- أعمُّهُمُ غيثاً إذا بخِلَ الحيَا
- وأطعنُهُمْ والخيلُ تدْمى نُحُورُها
- إلى حيثُ تلقى الجُود هيْناً مرامُهُ
- لِباغِيهِ والحاجاتِ سهْلاً عَسيرُها
- لدى ملكٍ ما انفكَّ مِنْ مكرماتِهِ
- موارِدُ يَصْفُو عذبُها ونَمِيرُها
- يزيدُ علَى غوْلِ الطُّرُوقِ صفاؤُها
- ويَنمِي على طُولِ الوُرودِ عَزِيرُها
- أغَرُّ لَو أنَّ الشمسَ يحظَى جبينُها
- ببهجتِهِ ما كانَ يُكْسَفُ نُورُها
- غنيُّ العُلى مِن كُلِّ فضلٍ وسُؤدَدٍ
- ولكنَّهُ مِنْ كلِّ مثْلٍ فَقيرُها
- يعُدُّ المَنايا مستساغاً كريهُهَا
- وبِيضَ العَطايا مُسْتَقَلاً كَثِيرُها
- سقى الله أيامَ المُؤَيَّدِ ما سَقَتْ
- حوافِلُ مُزْنٍ لا يُغِبُّ مِطِيرُها
- فَما نقلتْ جرداءُ سابِحَة ٌ لهُ
- شَبيهاً ولا وَجناءُ يقلقُ كُورُها
- سقى هذه الدنيا منَ العدْلِ ريَّها
- فأصبحَ لا يخشى الذَّواءَ نضيرُها
- وهبَّ لهُ فيها نسيمُ غَضارَة ٍ
- مِنَ العيشِ حتّى عادَ برْداً هجيرُها
- عفُوٌّ فما عانَيْتُ زلَّة َ مُجرمٍ
- لجى عفْوِهِ إلاّ صغيراً كبيرها
- لهُ الرَّأيُ والبأسُ اللَّذانِ تكفَّلا
- لأعدائهِ أوحى حِمامٍ يُبيرُها
- سيُوفٌ منَ التدبيرَِ والفتكِ لمْ يزلْ
- ومُغْمَدُها في كَفِّهِ وشَهِيرُها
- رأى أرضَ صُورٍ نُهْبة ً لِمُغالِبٍ
- يُنازِلُها يوماً ويوماً يُغِيرُها
- تدَارَكها والنَّصْرُ في صدْرِ سيفهِ
- أخُو عَزماتٍ لا يُخافُ فتُورُها
- همامٌ إذا ما حَلَّ يوماً ببلدة ٍ
- فخَنْدَقُها حدُّ الحُسامِ وسُورُها
- وسُمرٌ مِنَ الخَطِّيِّ لا تَردُ الوغَى
- فتُحْطَمَ إلاّ فِي الصُّدُورِ صُدُورُها
- ارى أمراءَ المُلكِ للفَخْرِ غاية ً
- وأنْتَ إذا عُدَّ الفَخارُ أمِيرُها
- وما زِلْتَ تسمُو للعلاءِ بهمَّة ٍ
- تَقِلُّ لكَ الدُّنيا بِها كيفَ صُورُها
- وأقسمُ لو حاولْتَ قدرَكَ في العُلى
- لما آثرَتْ عنكَ السَّماءَ بُدُورُها
- وإنَّ بِلاداً أنتَ حائطُ ثَغرِها
- بسيفِكَ قدْ عزَّت وعزَّ نظِيرُها
- فسعداً لأملاكٍ عليكَ اعتمادُها
- وفخراً لأيامٍ إليكَ مَصِيرُها
- لقدْ عطَّرَ الدُّنْيا ثناءُكَ فانثَنى
- بهِ ذا كسادٍ مِسكُها وعَبيرُها
- فتاهتْ بذكراهُ البلادُ وأهلُها
- وهبَّتْ بِريّاهُ الصَّبا ودَبُورُها
- ملأْتَ بهِ الآفاقَ طِيباً متى دَعا
- إلى نشرهِ الآمالَ خفَّ وَقُورُها
- فجئتُكَ ذا نفْسٍ يُقيِّدُها الجَوى
- وقدْ كادَ حُسْنُ الظَّنِّ فيكَ يُطِيرُها
- رَميمٍ أزَجِّيها إليكَ لعَلَّهُ
- يكُونُ بِنُعْمى راحَتَيْكَ نُشُورُها
- ولسْتُ بشاكٍ مُدَّة َ الخطبِ بعدَها
- وأوَّلُ إفضائِي إليكَ أخِيرُها
المزيد...
العصور الأدبيه