الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو نواس >> ياساحِرَ الطّرْفِ ! أنت الدّهرَ وَسنانُ ، >>
قصائدأبو نواس
ياساحِرَ الطّرْفِ ! أنت الدّهرَ وَسنانُ ،
أبو نواس
- ياساحِرَ الطّرْفِ ! أنت الدّهرَ وَسنانُ ،
- سرُّ القلوبِ لدَى عَينَيكَ إعْلانُ
- إذا امتَحَنْتَ بطَرْفِ العينِ مُكتَتَماً،
- ناداكَ مِنْ طَرْفِهِ بالسرّ تِبْيانُ
- تَبدو السّرائرُ إنْ عَيناكَ رَنّقَتا،
- كأنّما لكَ في الأوْهامِ سُلطانُ
- مالي وما لَكَ ، قد جَزّأتَني شِيَعاً ،
- وأنتَ مِمّا كَساني الدّهرُ عُرْيانُ
- أرَاكَ تَعمَلُ في قَتلي بِلا تِرَة ٍ،
- كأنّ قَتلي عتد اللهِ قَرْبانُ
- غَادِ المدامَ، وإنْ كانتْ محَرَّمَة ً،
- فلِلْكَبائِرِ عِندَ الله غُفْرانُ
- صَهباءُ، تَبني حَباباً كلّما مُزِجتْ،
- كأنّهُ لُؤلُؤٌ يَتلُوهُ عِقيانُ
- كانتْ على عَهدِ نُوحٍ في سَفينَتِهِ،
- من حَرّ شَحنَتِها ، والأرْضُ طوفانُ
- فلَمْ تَزَلْ تَعجُمُ الدّنيا، وتعجُمُها
- حتى تَخَيّرَها للخَبْءِ دْهْقانُ
- فصانَها في مَغارِ الأرْضِ، فاختَلَفتْ
- على الدّفينَة ِ أزْمانٌ وأزْمَانُ
- ببَلدَة ٍ لم تَصِلْ كَلْبٌ بها طُنُباً
- إلى خِباءٍ، ولا عَبْسٌ وذُبْيانُ
- لَيسَتْ لِذُهْلٍ ، ولا شيبانِها وَطَناً ،
- لكِنّها لبَني الأحرارِ أوطانُ
- أرْضٌ تَبَنّى بها كِسْرى دَسَاكِرَهُ ،
- فما بها مِنْ بني الرّعْناءِ إنْسانُ
- وما بها مِنْ هَشيمِ العُرْبِ عَرْفَجة ٌ،
- ولا بها مِنْ غِذاءِ العُرْب خُطبانُ
- لكنْ بها جُلّنَارٌ قد تَفَرّعَهُ،
- آسٌ ، وَكَلّلَهُ وَرْدٌ وسوسانُ
- فإنْ تَنَسّمَتْ مِنْ أرْواحِها نَسَماً
- يَوْماً تَنَسّمَ في الْخَيْشُوم رَيحانُ
- يالَيلَة َ طَلَعَتْ بالسّعْدِ أنْجُمُها ،
- فباتَ يفتكُ بالسّكرانِ سكرانُ
- بِتْنا نَدينُ لإبْليسٍ بطاعَتِهِ ،
- حتى نَعَى اللّيْلَ بالنّاقوسِ رُهْبانُ
- فقامَ يَسحَبُ أذْيالاً مُنَعَّمَة ً،
- قد مَسّها مِنْ يَدي ظُلْمٌ وعدوانُ
- يقولُ : يا أسَفي ، والدّمْعُ يغلِبُهُ ،
- هتَكتَ منّي الذي قد كانَ يُصْطانُ
- فقلتث : لَيثٌ رأى ظَبْياً فواثَبَهُ ،
- كَذا صُرُوفُ لَيالي الدّهر ألوانُ !
المزيد...
العصور الأدبيه