الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو نواس >> إذا خطَرَتْ فيكَ الهمومَ ، فداوِها >>
قصائدأبو نواس
إذا خطَرَتْ فيكَ الهمومَ ، فداوِها
أبو نواس
- إذا خطَرَتْ فيكَ الهمومَ ، فداوِها
- بكأسِكَ حتى لا تكونَ همومُ
- أدِرْها، وَخُذْها قَهوَة ً بابليّة ً،
- لها بَينَ بُصرىو العراقِ كُرُومُ
- وما عَرَفْتَ ناراً ، ولا قِدْرَ طابِخٍ
- سوَى حرّ شَمسٍ إذْ تَهيجُ سَمومُ
- لها مِنْ ذَكيّ المِسكِ رِيحٌ ذَكيّة ٌ،
- ومِنْ طِيبِ رِيحِ الزّعفَرانِ نَسيمُ
- فشَمّرْتُ أثْوَابي، وهَرْوَلْتُ مُسرِعاً
- وقَلْبي مِنْ شَوْقٍ يَكادُ يَهيمُ
- وقُلتُ لمَلاّحي : ألا هَيَّ زَوْرَقي ،
- وبِتُّ يُغَنّيني أخٌ ونَديمُ
- إلى بَيْتِ خَمّارٍ ، أفادَ زِحامُهُ
- لهُ ثَرْوَة ً ، والوَجْهُ منهُ بهيمُ
- وفي بَيْتِهِ زِقٌّ، ودَنٌّ ، ودوْرَقٌ ،
- وباطِيَة ٌ تُرْوي الفَتَى ، وتُنيمُ
- فازْقاقُهُ سُودٌ ، وحُمرٌ دِنانُهُ ،
- ففي البَيتِ حُبشانٌ لَدَيْهِ ورُومُ
- ودهقانَة ٍ مِيزانُها نُصْبَ عَيْنِها ،
- وميزانُها للمُشْتَرينَ غَشُومُ
- فأعطَيْتُها صُفراً، وقَبّلْتُ رأسَها،
- على أنّني فيما أتَيْتُ مُليمُ
- وقلتُ لها : هُزِّ الدّنانَ قَديمة ً !
- فقالتْ : نَهمْ إنّي بذاكَ زَعيمُ
- الَستَ تَراها قد تَعَفَّتْ رُسُومُها ،
- كما قَد تَعَفّتْ للدّيارِ رُسُومُ
- يَحُومُ عَلَيها العَنكبوتُ بنَسجِها ،
- وليسَ على أمثالِ تلكَ يَحُومُ
- ذَخِيرَة ُ دهْقانٍ حَواها لنَفسِهِ،
- إذا مَلِكٌ أوْفَى علَيْهِ وَسيمُ
- وما باعَها إلاّ لعُظْمِ خَراجِهِ،
- لأنّ الذي يَجبي الْخَراجَ ظَلُومُ
- فقلتُ : بكمْ رِطْلٌ ؟ فقالتْ : يأصْفَرٍ ،
- فحُزْتُ زِقاقاً وِزْرُهُنّ عَظيمُ
- ورحْتُ بها في زَوْرَقٍ قد كَتَمْتُها ،
- ومِنْ أينَ للمِسْكِ الذّكيّ كُتومُ
- إلى فِتْيَة ٍ نادَمْتُهُمْ، فحَمِدْتُهُمْ،
- وما في النّدامَى ، وما علمتُ، لئيمُ
- فمَتّعْتُ نَفسي ، والنّدامَى بشرْبها،
- فهذَا شَقاءٌ مَرّ بي ، ونَعيمُ
- لعمْري لَئِنْ لم يَغْفِرْ اللهُ ذَنْبَها ،
- فإنّ عَذابي في الحِسابِ أليمُ
المزيد...
العصور الأدبيه