الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو فراس الحمداني >> يَا حَسْرَة ً مَا أكَادُ أحْمِلُهَا، >>
قصائدأبو فراس الحمداني
يَا حَسْرَة ً مَا أكَادُ أحْمِلُهَا،
أبو فراس الحمداني
- يَا حَسْرَة ً مَا أكَادُ أحْمِلُهَا،
- آخِرُهَا مُزْعِجٌ، وَأوّلُهَا!
- عليلة ٌ ، بالشآمِ مفردة ٌ ،
- باتَ ، بأيدي العدا ، معللها
- تمسكُ أحشاءها ، على حرقٍ
- أنْتَ، عَلى يأسِهَا، مُؤمَّلُهَا
- إذا اطمأنتْ - وأينَ ؟ - أوْ هدأتْ ؛
- عَنّتْ لَهَا ذُكْرَة ٌ تُقَلْقِلُهَا
- تسألُ عنا الركبانَ ، جاهدة ً
- بأدمعٍ ما تكادُ تمهلها :
- " يامنْ رأى لي ، بحصنِ "خرشنة ٍ"
- أسدَ شرى ، في القيودِ أرجلها !"
- " يامنْ رأى لي الدروبَ ، شامخة ً
- دونَ لقاءِ الحبيبِ أطولها"
- يامنْ رأى لي القيودَ ، موثقة ً ،
- على حبيبِ الفؤادِ أثقلها !"
- يَا أيّهَا الرّاكِبَانِ، هَلْ لَكُما
- في حملِ نجوى ، يخفُّ محملها ؟!
- قولاَ لها ، إنْ وعتْ مقالكما ،
- وإنَّ ذكري لها ليذهلها :
- يَا أُمّتَا، هَذِهِ مَنَازِلُنَا
- نَتْرُكُهَا تَارَة ً، وَنَنْزِلُهَا!
- يَا أُمّتَا، هَذِهِ مَوَارِدُنَا
- نعلها تارة ً ، وننهلها ! "
- " أسلمنا قومنا إلى نوبٍ
- أيسرها في القلوبِ أقتلها "
- " واستبدلوا ، بعدنا ، رجالَ وغى ً
- يودُّ أدنى علايَ أمثلها"
- يَا سَيّداً، مَا تُعَدّ مَكْرُمَة ٌ،
- إلاّ وَفي رَاحَتَيْهِ أكْمَلُهَا
- لَيسَتْ تَنالُ القُيوُدُ من قَدَمي،
- وَفي اتّبَاعي رِضَاكَ، أحْمِلُهَا
- لاتتيممْ ، والماءُ تدركهُ !
- غيركَ يرضى الصغرى ويقبلها
- إنَّ بني العمِّ لستَ تحلفهمْ ؛
- إنْ عَادَتِ الأُسْدُ عادَ أشْبُلُهَا
- أنْتَ سَمَاءٌ، وَنَحنُ أنْجُمُهَا،
- أنْتَ بِلادٌ، وَنَحنُ أجْبُلُهَا!
- أنْتَ سَحَابٌ، وَنَحْنُ وَابِلُهُ،
- أنتَ يمينٌ ، ونحنُ أنملها !
- بأيِّ عذرٍ ، رددتُ والهة ُ ،
- عَلَيْكَ، دُونَ الوَرَى ، مُعَوَّلُهَا
- جَاءتْكَ، تَمتَاحُ رَدّ وَاحِدِهَا،
- ينتظرُ الناسُ كيفَ تقفلها !
- سمحتُ مني بمهجة ٍ كرمتْ
- أنتَ ، على يأسها ، مؤلمها
- إنْ كنتَ تبذلِ الفداءَ لها !
- فلم أزلْ ، في رضاكَ ، أبذلها
- تلكَ الموداتُ ، كيفَ تهملها ؟
- تلكَ المواعيدُ ، كيف تغفلها ؟
- تلكَ العقودُ ، التي عقدتَ لنا ،
- كيفَ، وَقد أُحكِمتْ، تُحلّلُها؟
- أرحامنا منكَ ؛ لمْ تقطعها ؟
- أينَ المعالي التي عرفتَ بها ،
- تَقُولُها، دائماً، وَتَفْعَلُها؟
- يَا وَاسِعَ الدّارِ، كيفَ تُوسِعُها
- ونحنُ في صخرة ٍ نزلزلها!
- يَا نَاعِمَ الثّوْبِ! كَيفَ تُبدِلُهُ؟
- ثِيَابُنَا الصّوفُ مَا نُبَدِّلُهَا!
- يَا رَاكِبَ الخَيْلِ! لَوْ بصُرْتَ بنا
- نحملُ أقيادنا ، وننقلها!
- رَأيْتَ، في الضُّرّ، أوْجُهاً كَرُمَتْ
- فَارَقَ فِيكَ الجَمالَ أجْمَلُهَا!
- قدْ أثَّرَ الدهرُ في محاسنها ،
- تَعْرِفُهَا، تَارَة ً، وَتَجْهَلُهَا
- فَلا تَكِلْنَا، فيهَا، إلى أحَدٍ،
- مُعلُّها محسنٌ يعللها
- لا يَفْتَحُ النّاسُ بَابَ مَكْرُمَة ٍ
- صاحبها المستغاثُ يقفلها
- أينبري ، دونكَ ، الكرامُ لها
- وَأنْتَ قمْقامُهَا، وَأحْمَلُهَا!
- و أنتَ ، إنْ عنَّ حادثٌ جللُ ،
- قُلّبُهَا المُرْتَجَى ، وَحُوّلُهَا!
- مِنْكَ تَرَدّى بالفَضْلِ أفضَلُها،
- منكَ أفادَ النوالَ أنولها
- فَإنْ سَألْنَا سِوَاكَ عَارِفَة ً،
- فَبَعْدَ قَطْع الرّجَاءِ نَسْألُهَا
- إذَا رَأيْنَا أوْلى الكِرَامِ بِهَا
- يُضِيعُهَا، جَاهِداً، وَيُهْمِلُهَا
- لمْ يَبْقَ، في النّاسِ، أُمّة ٌ عُرِفتْ
- إلاَّ وفضلُ " الأميرِ " يشملها
- نحنُ أحقُّ الورى برأفتهِ،
- فَأينَ عَنّا؟ وَأينَ مَعْدِلُهَا؟
- يَا مُنفِقَ المَالِ، لا يُريدُ بِهِ
- إلاّ المَعَالي التي يُؤثِّلُهَا
- أصْبَحتَ تَشْري مَكارِماً فُضُلاً
- فداؤنا ، قدْ علمتَ ، أفضلها!
- لا يَقْبَلُ الله، قبلَ فَرْضِكَ ذا،
- نافلة ً عندهُ تنفلها !
المزيد...
العصور الأدبيه