الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو تمام >> ما للدموعِ ترومُ كلَّ مرامِ >>
قصائدأبو تمام
ما للدموعِ ترومُ كلَّ مرامِ
أبو تمام
- ما للدموعِ ترومُ كلَّ مرامِ
- والجفنُ ثاكلُ هجعة ٍ ومنامِ !
- يا حُفرة َ المعصومِ تربكِ مودعٌ
- ماءَ الحياة ِ وقاتلُ الإعدامِ
- إنَّ الصفائح منكِ قد نضدتْ على
- ملقى عظامٍ لوْ علمتِ عظامِ!
- فَتَقَ المَدَامِعَ أَنَّ لَحْدَكِ حَلَّه
- سكنُ الزمان وممسكُ الأيامِ
- ومصرفُ الملكِ الجموح كأنهُ
- قدْ زمَّ مصعبه لهُ بزمامِ
- هَدَمَتْ صُرُوفُ المَوْتِ أرفَعَ حائطٍ
- ضُربَتْ دَعَائِمُه على الإِسلامِ
- دخَلَتْ على مَلِكِ المُلُوك رَوَاقَهُ
- وتشزنتْ لمقومِ القوَّامِ
- مفتاحُ كل مدينة ٍ قدْ أبهمتْ
- غلقاً ومخلي كلِّ دارِ مُقامِ
- ومُعرِّفُ الخلفاءِ أنَّ حظُوظها
- في حَيز الإِسَراجِ والإِلجَامِ
- أَخَذَ الخِلافَة َ عَنْ أسِنَّتِه التي
- مَنَعَتْ حِمَى الآَباءِ والأعمَامِ
- فلسورة ِ الأنفالِ في ميراثهِ
- آثارُها ولسورة الأنعامِ
- ما دامَ هارونُ الخليفة َ فالهدى
- في غِبْطَة ٍ مَوْصَولة ٍ بدَاومِ
- إنا رحلنا واثقين بواثقٍ
- بالله شَمْسِ ضُحًى وَبَدْرِ تَمَامِ
- للهِ أيُّ حياة ٍ انبعثتْ لنا
- يَوْمَ الخَمِيس وبَعْدَ أي حِمَامِ!
- أودى بخير إمامٍ اضطربتْ بهِ
- شُعَبُ الرَّجَال وقَامَ خيْرُ إمامِ
- تِلْكَ الرّزيَّة ُ لا رزيَّة َ مِثْلُها
- والقِسْمُ ليسَ كسَائِر الأقسَامِ
- أو يٌفتَقَدْ ذُو النُّون في الهيْجَا فقَدْ
- دَفَعَ الإِلَهُ لنَا عَن الصَّمصَامِ
- أو جبَّ منا غاربٌ غدواً فقدْ
- رحنَا بأتمكِ ذروة ٍ وسنام
- هَلْ غَيْرُ بُؤْسَى سَاعة ٍ ألبَسْتَها
- بنداكَ ما لبستْ مِنَ الإنعامِ!
- نَقْضٌ كَرَجْعِ الطَّرْفِ قَدْ أبرمْتَه
- يا ابنَ الخَلائِفِ أيَّما إبْرَامِ
- ما إن رأى الأقوامُ شمساً قبلَها
- أفلَتْ فلمْ تُعقبهمُ بظلامِ
- أكرمْ بيَوْمِهِمُ الذي مُلكْتَهُمْ
- في صدرِهِ وبعامهمْ منْ عامِ
- لو لمْ يكنْ بدعاً لقدْ نصبوا له
- سمة ً يبينُ بها منَ الأعوامِ
- لغدوا وذاكَ الحولُ حولُ عبادة ٍ
- فِيهِمْ وذَاكَ الشَّهْرُ شَهْرُ صِيَامِ
- لما دعوتُهمُ لأخذِ عهودهِمْ
- طارَ السرورُ بمعرقٍ وشآمِ
- فكانَّ هذا قادِمٌ مِنْ غَيْبَة ٍ
- وكأنَّ ذاكَ مبشرٌ بغلامِ
- قسمتْ أميرَ المؤمنين قلوبُهُمْ
- بَيْنَ المحبَّة ِ فيكَ والإِعظَامِ
- شُرِحَتْ بِدَوْلَتِكَ الصُّدُورُ وأَصبَحَتْ
- خشعُ العيونِ إليكَ وهيَ سوام
- ما أَحسِبُ القَمَرَ المُنيرَ إذا بَدَا
- بدراً بأضوأ منكَ في الأوهامِ
- هِيَ بَيْعَة ُ الرضْوَانِ يُشْرَعُ وَسْطَها
- بابُ السَّلامة ِ فادْخُلوا بِسَلامِ
- والمركبُ المنجي فمنْ يعدلْ بهِ
- يَرْكَبْ جَمُوحاً غَير ذَاتِ لجامِ
- يتبعُ هواهُ ولا لقاح لرهطِهِ
- بسلٌ وليستْ أرضُهُ بحرامِ
- وعِبَادَة ُ الأهوَاءِ في تَطْويحِها
- بالدين فوْقَ عِبَادَة ِ الأصنَامِ
- إِنَّ الخِلاَفَة َ أَصَبَحَتْ حُجُرَاتُها
- ضربَتْ على ضخم الهمومِ همامِ
- ملكٌ يرى الدنيا بأيسرِ لحظة ٍ
- ويرى التقى رحماً من الأرحامِ
- لا قدحَ في عودِ الإمامة ِ بعدما
- متَّتْ إليكَ بِحُرْمَة ٍ وَذِمَامِ
- هَيْهَاتَ تلكَ قلادة ُ اللَّهِ التي
- ماكانَ يَتركُها بغيرِ نظَامِ
- إرْثُ النَّبِي وجَمْرَة ُ المُلْكِ التي
- لم تخلُ من لهبٍ بكمْ وضرامِ
- مَذْخُورَة ٌ أحرَزْتَها بِحُكُومَة ٍ
- للهِ تَعْلُو أَرْؤُسَ الحُكَّامِ
- لَسْنَا مُريدِي حُجَّة ٍ نشفي بِهَا
- من ريبة ٍ سقماً من الأسقامِ
- والصَّبْرُ بالأرْوَاحِ يُعْرَفُ فَضْلُهُ
- مِنْ غيرِهِ ابتُغِيَتْ ولا أعلاَمِ
- فَأَقِمْ مُخَالِفَنَا بِكل مُقَوَّمٍ
- واحسِمْ مُغانِدَنا بكل حُسَامِ
- صبرُ الملوكِ وليسَ بالاجسامِ
- لا تدهنوا في حكمِهِ فالبحرُ قدْ
- تردي غوارِبهُ وليسَ بطامِ
- يابنَ الكَوَاكِب من أئمَّة ِ هاشِمٍ
- والرَّجَّحِ الأحسابِ والأحلامِ
- أهدى إليكَ الشعْرَ كُلُّ مُفَهَّهٍ
- خطلٍ وسدَّدَ فيكَ كلُّ عبامِ
- غَرَضُ المدِيح تقَارَبَتْ آفاقُه
- ورمى فقرطسَ فيه غيرُ الرامي
المزيد...
العصور الأدبيه