الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو تمام >> كذا فليجلَّ الخطبُ وليفدحِ الأمرُ >>
قصائدأبو تمام
كذا فليجلَّ الخطبُ وليفدحِ الأمرُ
أبو تمام
- كذا فليجلَّ الخطبُ وليفدحِ الأمرُ
- فليسَ لعين لم يفضْ ماؤها عذرُ
- توفيتِ الآمالُ بعدَ محمد
- وأصبحَ في شغل عنِ السفر السفرُ
- وما كانَ إلا مالَ من قلَّ مالهُ
- وذخراً لمنْ أمسى وليسَ له ذخرُ
- وما كانَ يدري مجتدي جودِ كفهِ
- إذا ما استهلَّتْ أَنَّه خُلِقَ العُسْرُ
- ألا في سبيلِ اللهِ منْ علطتْ له
- فِجَاجُ سَبِيلِ اللهِ وانثغَرَ الثَّغْرُ
- فَتًى كُلَّما فاضَتْ عُيونُ قَبِيلة ٍ
- دماً ضحكتْ عنه الأحاديثُ والذكرُ
- فتى ماتَ بين الضربِ والطعنِ ميتة ً
- تقومُ مقامَ النصرِ إذْ فاتهَ النصرُ
- وما ماتَ حتى ماتَ مضربُ سيفهِ
- مِنَ الضَّرْبِ واعْتَلَّتْ عليهِ القَنا السُّمْرُ
- وقد كانَ فَوْتُ المَوْتِ سَهْلاً فردَّهُ
- إليه الحِفاظُ المرُّ والخُلُقُ الوَعْرُ
- ونفسٌ تعافُ العارَ حتى كأنَّه
- هو الكفرُ يومَ الروعِ أوْ دونَه الكفرُ
- فأثبتَ في مستنقعِ الموتِ رجله
- وقال لها منْ تحت أخمصكِ الحشرُ
- غَدَا غَدْوَة ً والحَمْدُ نَسْجُ رِدائِهِ
- فلم ينصرفْ إلا وأكفانُه الأجرُ
- تردى ثيابَ الموتِ حمراً فما أتى
- لها الليلُ إلاَّ وهْيَ مِنْ سُنْدُسٍ خَضْرُ
- كأنَّ بَنِي نَبْهَانَ يومَ وَفاتِه
- نُجومُ سَماءٍ خَرَّ مِنْ بَيْنها البَدْرُ
- يعزونَ عن ثاوٍ تُ عزى بهِ العلى
- ويبكي عليهِ الجودُ والبأسُ والشعرُ
- وأني لهمْ صبرٌ عليه وقد مضى
- إلى الموتِ حتى استشهدوا هو والصبرُ!
- فتًى كانَ عَذْبَ الرُّوحِ لامِنْ غَضاضَة ٍ
- ولكنَّ كبراً أنْ يقالَ به كبرُ!
- فتى سلبتهُ الخيلُ وهوَ حمى لها
- وبَزَّتْهُ نارُ الحَرْبِ وهْوَ لها جَمْرُ
- وقدْ كانتِ البيضُ المآثيرُ في الوغى
- بَواتِرَ فهْيَ الآنَ مِن بَعْدِهِ بُتْرُ
- أمنْ بعدِ طيِّ الحادثاتِ محمداً
- يكونُ لأثوابِ الندى أبداً نشرُ ؟!
- إذا شجراتُ العرفِ جذَّتْ أصولها
- ففي أيِّ فرعٍ يوجدُ الورقُ النضرُ ؟
- لَئِنْ أُبغِضَ الدَّهْرُ الخَؤونُ لِفَقْدِهِ
- لَعَهْدِي بهِ مِمَّنْ يُحَبُّ له الدَّهْرُ
- لئنْ غدرتْ في الروعِ أيامُه بهِ
- لَما زَالتِ الأيَّامُ شِيمتُها الغَدْرُ
- لئن ألبستْ فيهِ المصيبة َ طيءٌ
- لَمَا عُريَتْ منها تَمِيمٌ ولا بَكْرُ
- كذلكَ ما نَنفَكُّ نَفْقدُ هالِكاً
- يُشارِكُنا في فَقْدِهِ البَدْوُ والحضْرُ
- سقى الغيثُ غيثاً وارتِ الأرضُ سخصه
- وإنْ لم يكنْ فيهِ سحابٌ ولا قطرُ
- وكيفَ احتمالي للسحابِ صنيعة ً
- بإسقائِها قَبْراً وفي لَحدِهِ البَحْرُ !
- مضى طاهرَ الأثوابِ لم تبقَ روضة ٌ
- غداة ً ثوى إلا اشتهتْ أنَّها قبرُ
- ثَوَى في الثَّرَى مَنْ كانَ يَحيا به الثَّرَى
- ويغمرُ صرفَ الدهرِ نائلُهُ الغمرُ
- عليك سَلامُ اللهِ وَقْفاً فإنَّني
- رَأيتُ الكريمَ الحُرَّ ليسَ له عُمْرُ
المزيد...
العصور الأدبيه