الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو تمام >> تَصَدَّتْ وَحَبْلُ البَيْنِ مُسْتَحْصِدٌ شَزْرُ >>
قصائدأبو تمام
تَصَدَّتْ وَحَبْلُ البَيْنِ مُسْتَحْصِدٌ شَزْرُ
أبو تمام
- تَصَدَّتْ وَحَبْلُ البَيْنِ مُسْتَحْصِدٌ شَزْرُ
- وقَدْ سَهَّلَ التَّوْدِيعُ ما وَعَّرَ الهَجْرُ
- بَكَتْهُ بما أَبْكَتْهُ أيَّامُ صَدْرُها
- خليءٌ وما يخلو لهُ من جوى صدرُ
- وقالَتْ أَتَنْسى البَدْرَ، قلتُ تَجلُّداً
- إذا الشمسُ لم تغرب فلا طلعَ البدرُ
- فأبدت جماناً من دموعٍ نظامها
- على الصَّدْرِ إِلاَّ أَنَّ صائِغَها الشَّفْرُ
- وما الدمعُ ثانٍ عزمتي ولو أنها
- سقى خدها من كلّ عينٍ لها نهرُ
- جمعتُ شعاعَ الرأيِ ثمَّ وسمتهُ
- بحزمٍ لهُ في كلِّ مظلمة ٍ فجرُ
- وصارَعْتُ عَنْ مَصْرٍ رَجَائِي ولم يَكُنْ
- لِيَصْرَعَ عَزْمي غيرَ ما صرعَتْ مَصْرُ
- و طحطت سدّا سدُّ يأجوجَ دونهُ
- من الهمِّ لم يفرغ على زبرهِ قطرُ
- بِذِعْلِبَة ٍ ألوَى بِوَافِرِ نَحْضِها
- فتى ً وافرُ الأخلاقِ ليس لهُ وفرُ
- فكَمْ مَهْمَهٍ قَفْرٍ تَعشَّقْتُ مَتْنَهُ
- على متنها والبرُّ من آلهِ بحرُ
- وما القَقْرُ بالبِيدِ القَواءِ بَل التي
- نَبَتْ بي وفيها ساكِنُوها هي القَفْرُ!
- ومَنْ قامَرَ الأيَّامَ عَنْ ثَمَراِتها
- فأحجِ بهِ أن ينجلي ولها القمرُ
- فإنْ كانَ ذَنْبي أَنَّ أحسنَ مَطْلَبي
- أَساءَ ففي سُوءِ القَضَاءِ ليَ الغُدْرُ
- قضاءُ الذي ما زال في يدهِ الغنى
- ثَنَى غَرْبَ آمالي وفي يَديَ الفَقْرُ
- رضيتُ وهل أرضى إذا كان مسخطي
- مِنَ الأمرِ ما فيهِ رِضا مَنْ له الأَمْرُ !
- فأشجيتُ أيامي بصبرٍ حلونَ لي
- عَواقِبَه والصَّبْرُ مِثْلُ اسمِهِ صَبْرُ
- أبى لي بحرُ الغوثِ أن أرأمَ التي
- أُسبُّ بها والنجرُ يشبههُ النجرُ
- وهَلْ خابَ مَنْ جِذْماهُ في ضنءِ طَيىء ٍ
- عديِّ العدّيين القلمسُ أو عمرو
- لنا غُرَرٌ زَيدِيَّة ٌ أُدَدِيّة ٌ
- إذا نجمت ذلّت لها الأنجمُ الزهرُ
- لنا جوهرٌ لو خالط الأرضَ أصبحت
- و بطنانها منهُ وظهرانها تبرُ
- جَدِيلَة َ والغَوْثَ اللَّذينِ إليهما
- صَغَتْ أُذُنٌ لِلمَجْدِ ليسَ بَها وَقْرُ
- مقاماتُنَا وَقْفٌ على الحِلْمِ والحِجَى
- فأمْرَدُنا كَهْلٌ وأَشْيَبُنا حَبْرُ
- أَلَّنا الأَكُفَّ بالعَطَاءِ فجَاوَزَتْ
- مدى اللينِ الاّ أنَّ أعراضنا صخرُ
- كأنَّ عَطَايانا يُناسِبْنَ مَنْ أَتَى
- و لا نسبٌ يدنيهِ منا ولا صهرُ
- اذا زينة ُ الدنيا من المالِ أعرضت
- فأَزيَنُ مِنها عِندنا الحَمْدُ والشُّكْرُ
- وُكُورُ اليَتَامَى في السنين فَمَنْ نَبا
- بفرخٍ لهُ وكرٌ فنحنُ لهُ وكرُ
- أَبَى قَدْرُنا في الجُودِ إلاَّ نَباهة ً
- فليس لمالٍ عندنا أبداً قدرُ
- ليسحج بجودٍ من أرادَ فإنهُ
- عَوَانٌ لهذا النّاسِ وهْوَ لَنَا بِكْرُ
- جَرَى حاتِمٌ في حَلْبَة ٍ منه لَوْ جَرَى
- بها القَطْرُ شَأْواً قيلَ أيُّهُما القَطْر!
- فتى ذخرَ الدنيا أناسٌ فلم يزل
- لها باذلاً فانْظُرْ لِمَنْ بَقِيَ الذُّخرُ!
- فمن شاءَ فليفخرَ بما شاءَ من ندى
- فليس لحيِّ غيرنا ذلك الفخرُ
- جمعنا العلى بالجودِ بعد افتراقها
- إلينا كما الأيامُ يجمعها الشهرُ
- بِنَجْدَتِنَا ألقَتْ بِنَجْدٍ بَعَاعَها
- سحابُ المنايا وهي مظلمة ٌ كدرٌ
- بكُل كَمِيٍّ نَحْرُهُ غَرَضُ القَنا
- إذا اضطرمَ الأحشاءث وانتفخ السحرُ
- يُشَيعُهُ أَبناءُ مَوْتٍ إلى الوَغَى
- يُشَيعُهُم صَبْرٌ يُشَيعُهُ نَصْرُ
- كماة ٌ إذا ظلَّ الكماة ُ بمعركٍ
- و أرماحهم حمرٌ وألوانهم صفرُ
- بِخَيلٍ لِزَيْد الخَيل فيها فَوارِسٌ
- اذا نطقوا في مشهدٍ خرسَ الدهرُ
- على كُل طِرْف يَحْسُرُ الطَّرْفَ سابحٍ
- وَسَابِحَة ٍ لكنْ سِبَاحَتُها الحُضْرُ
- طَوَى بَطْنَها الإِسآدُ حتَّى لو أنَّه
- بدا لك ما شككتُ في أنهث ظهرُ
- ضَبِيبِيّة ٌ ما إِنْ تُحَدثُ أنفُساً
- بما خَلفَها مادامَ قُدَّامَها وِتْرُ
- فإن ذمت الأعداءُ سوءَ صباحها
- فليسَ يُؤَدي شُكْرَها الذئْبُ والنَّسْرُ
- بِها عَرَفَتْ أَقَدَارَها بعدَ جَهْلِها
- بأَقْدارِها قَيْسُ بنُ عَيلاَنَ والفِزْرُ
- و تغلبُ لاقت غالباً كلّ غالبٍ
- و بكرٌ فألفت حربنا بازلا بكرُ
- وأنتَ خَبِيرٌ كيفَ أبقَتْ أُسُودُنَا
- بَنِي أَسَدٍ إنْ كان يَنْفَعُكَ الخُبْرُ
- وقسمتنا الضيزى بنجدٍ وأهلها
- لنا خطوة ٌ في أرضها ولهم فترُ
- مساعٍ يضلُّ الشعرُ في كنهِ وصفها
- فما يهتدي إلاّ لأصغرها الشعرُ
المزيد...
العصور الأدبيه