الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو تمام >> بذَّ الجلادُ البذَّ فهوَ دفينُ >>
قصائدأبو تمام
بذَّ الجلادُ البذَّ فهوَ دفينُ
أبو تمام
- بذَّ الجلادُ البذَّ فهوَ دفينُ
- ما إِنْ بهِ إلاَّ الوُحُوشَ قطينُ
- لم يُقرَ هذا السيفُ هذا الصبرَ في
- هَيْجَاءَ إلاَّ عَزَّ هذا الدينُ!
- قدْ كانَ عذرة َ مغربٍ فافتضها
- بالسيفِ فحلُ المشرق الأفشينُ
- فأعادها تعوي الثعالبُ وسطها
- ولَقَدْ تُرَى بالأَمْسِ وَهْيَ عَرينُ
- جَادَتْ عليها مِنْ جَمَاجِمِ أهلها
- ديمٌ أمارتُها طلى وشؤونُ
- كانَتْ مِنَ الدَّمِ قبلَ ذَاكَ مَفَازَة ً
- غوراً فأمستْ وهي منهُ معينُ
- بحراً من الهيجاءِ يهفو مالهُ
- إلاَّ الجَنَاجِنَ والضُّلُوعَ سَفِينُ
- لاقاهمُ ملكٌ حياهُ بالعلى
- جرسٌ وجانا خرَّة ُ الميمونُ
- مَلِكٌ تُضِيءُ المَكْرُماتُ إذا بَدَا
- لِلمُلْكِ مِنْهُ غُرَّة ٌ وجَبينُ
- سَاسَ الجُيُوشَ سِياسَة َ ابنِ تَجَاربٍ
- رمقتهُ عينُ الملكِ وهو جنينُ
- لانتْ مهزَّتُه فعزَّ وإنما
- يشتدُّ بأسُ الرمحِ حين يلينُ
- وتَرَى الكَرِيمَ يَعِزُّ حينَ يَهُونُ
- وتَرَى اللئيمَ يَهُونُ حينَ يَهُونُ
- قاد المنايا والجيوشَ فأصبحتْ
- وَلَها بِأرْشَقَ قَسْطَلٌ عُثْنونُ
- فتركتَ أرشقَ وهيَ يُرقى باسمها
- صمُّ الصفا فتفيض منهُ عيونُ
- لَوْ تَستطيعُ الحَجَّ يَوْماً بَلْدَة ٌ
- حَجَّتْ إليها كَعْبَة ٌ وحَجُونُ
- لاقاك بابكُ وهو يزئرُ فانثني
- وزئيره قدْ عادَ وهو أنينُ
- لاقَى شَكائِمَ مِنْكَ مُعْتَصِمِيَّة ً
- أهزلتَ جنب الكفرِ وهوَ سمينُ
- لمَّا رأى علميكَ ولى هارباً
- ولِكُفْرِهِ طَرْفٌ عليهِ سَخِينُ
- وَلَّى وَلَمْ يَظلِمْ وهَلْ ظَلَمَ امرؤٌ
- حَثَّ النَّجاءَ وخَلْفَهُ التنينُ!!
- أوقعتَ في أبرشتويمَ وقائعاً
- أضحكنَ سنَّ الدينِ وهوَ حزينُ
- أوسعتهمْ ضرباً تهدُّ بهِ الكلى
- وَيَخِفُّ مِنْهُ المَرْءُ وهْوَ رَكِينُ
- ضَرْباً كأشْدَاقِ المَخَاضِ وتَحْتَهُ
- طعنٌ كأنَّ وجاءَهُ طاعونُ
- بَأْسٌ تُفَلُّ بهِ الصُّفُوفُ وتحتَه
- رَأْيٌ تُفَلُّ بهِ العُقُولُ رَزِينُ
- أخْلَى جِلادُكَ صَدْرَه ولقَدْ برى
- وفُؤَادُه مِنْ نَجْدَة ٍ مَسْكُونُ
- سَجنَتْ تَجَارِبُه فُضُولَ عُرَامِه
- إِنَّ التَّجَارِبَ للعُقولِ سُجُونُ
- وعشية َ التلِّ انصرفتَ وللهدى
- شوقٌ إليكَ مداورٌ وحنينُ
- عَبَأَ الكَمينَ لَهُ فَظَلَّ لِحَينِهِ
- وكَمِينُه المُخْفَى عليهِ كَمِينُ!
- يا وقعة ً ما كانَ أعتقَ يومَها
- إذْ بَعْضُ أَيَّام الزَّمانِ هَجِينُ
- لو أنَّ هذا الفتحَ شكٌّ لاشتفتْ
- مِنْهُ القُلُوبُ، فكيفَ وهْوَ يَقِينُ
- وأخَذْتَ بابَكَ حائِراً دُونَ المُنَى
- ومنى الضلالِ مياههُنَّ أجونُ
- طَعَنَ التَّلَهُّفُ قَلْبَهُ فَفُؤادُهُ
- مِنْ غَيْر طَعْنِة فارسٍ مَطْعُونُ!
- ورجا بلادَ الروم فاستعصى بهِ
- أَجَلٌ أَصَمُّ عن النَّجاءِ حَرُونُ
- هيهاتَ لمْ يعلمْ بأنكَ لو ثوى
- بالصينِ لَمْ تَبْعُدْ عليكَ الصينُ
- مانَالَ ماقَدْ نَالَ فِرعَونٌ ولا
- هامانُ في الدنيا ولا قارونُ
- فسيَشْكُرُ الإسلامُ ما أَوْلَيْتَهُ
- واللهُ عنهُ بالوفاءِ ضمينُ
المزيد...
العصور الأدبيه