الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو العتاهية >> طولُ التعاشرِ بينَ الناسِ مملولُ >>
قصائدأبو العتاهية
طولُ التعاشرِ بينَ الناسِ مملولُ
أبو العتاهية
- طولُ التعاشرِ بينَ الناسِ مملولُ
- ما لابنِ آدمَ إن فتشْتَ معقولُ
- للمَرْءِ ألْوَانُ دُنْيَا: رَغْبَة ً وَهوًى ،
- وعقلهُ أبداً ما عاشَ مدخُولُ
- يا راعيَ النّفسِ لا تُغْفِلْ رِعايَتَها،
- فأنتَ عن كلّ ما استرْعَيتَ مَسؤولُ
- خُذْ ما عرفتَ ودعْ ما أنتَ جاهلُهُ
- للأمْرِ وَجهانِ: مَعرُوفٌ، وَمَجهولُ
- وَاحذَرْ، فلَستَ من الأيّامِ مُنفَلِتاً،
- حتى يغُولَكَ من أيامِكَ الغُولُ
- والدائراتُ بريبِ الدهرِ دائرة ٌ
- والمرءُ عنْ نفسهِ ما عاشَ مختولُ
- لن تستتم جميلاً أنتَ فاعلهُ
- إلاّ وَأنتَ طَليقُ الوَجْهِ، بُهلولُ
- ما أوْسَعَ الخَيرَ فابْسُطْ راحَتَيكَ به،
- وكُنْ كأنّكَ، عندَ الشّرّ، مَغلُولُ
- الحَمْدُ للّهِ في آجالِنا قِصَرٌ،
- نبغي البقاءَ وفي آمالِنَا طُولُ
- نعوذُ باللهِ من خذلانهِ أبداً
- فإنَّما الناسُ معصومٌ ومخذولُ
- إنّي لَفي مَنزِلٍ ما زِلْتُ أعْمُرُهُ،
- على يقيني بأني عنهُ منقُولُ
- وَأنّ رَحْلي، وَإنْ أوْثَقْتُهُ، لَعَلى
- مَطِيّة ٍ، مِنْ مَطايا الحَينِ، محمولُ
- ولو تأهبتُ والأنفاسُ في مهلٍ
- والخيرُ بيني وبين العيشِ مقبولُ
- وادي الحَياة ِ مَحَلٌّ لا مُقامَ بِهِ،
- لنازِليهِ، ووادي المَوْتِ مَحْلُولُ
- والدارُ دارُ أباطيلٍ مشبهة ٍ
- الجِدُّ مُرٌّ بها، وَالهَزْلُ مَعسُولُ
- وَليسَ من مَوْضعٍ يأتيهِ ذو نَفَس،
- إلاّ وَللمَوْتِ سَيفٌ فيهِ مَسْلُولُ
- لم يُشْغَلِ الَمْوتُ عَنّا مُذْ أعِدّ لَنا
- وكُلّنا عَنْهُ باللذّاتِ مشَغولُ
- ومنْ يمتْ فهوَ مقطوعٌ ومجتنبٌ
- والحَيُّ ما عاشَ مَغشِيٌّ، وَمَوْصُولُ
- كلْ ما بدَا لك فالآكالُ فانية ٌ
- وَكُلُّ ذي أُكُلٍ لا بُدّ مأكُولُ
- وكل شيءٍ من الدنيَا فمنتقضٌ
- وكُلّ عَيشٍ منَ الدّنْيا، فمَمْلُولُ
- سُبحانَ مَنْ أرْضُهُ للخَلْقِ مائِدَة ٌ،
- كلٌّ يوافيهِ رزقٌ منهُ مكفولُ
- غَدّى الأنَامَ وَعَشّاهمْ، فأوْسَعَهم،
- وفضلهُ لبُغاة ِ الخير مبذولُ
- يا طالِبَ الخيرِ ابشرْ واستعدَّ لهُ
- فالخيرُ أجمعُ عند اللهِ مأمولُ
المزيد...
العصور الأدبيه